توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أدهم» ابن اللحظة

  مصر اليوم -

«أدهم» ابن اللحظة

بقلم: د. محمود خليل

«أدهم» ابن اللحظة، يتحرك بظرفها وضغوطها، يرفع شعار «وقت الله يعين الله». لذا تجده لا ينفق الكثير من الوقت فى التفكير والتدبير والتخطيط، بل يتحرك بوحى اللحظة فى الأغلب، لذلك فقد تأتى أفعاله نحو الموضوع أو الشخص الواحد متناقضة تبعاً لتغير الظروف وتبدل الأحوال واختلاف اللحظات. فاللحظة وظرفها هى «أم أدهم وأبيه» وهى الأساس فى تحديد سلوكياته فى المواقف المختلفة.

اختلف محمد نجيب مع الضباط خلال مراحل مختلفة من تطور الأحداث منذ قيام الحركة المباركة وحتى مارس 1954. «نجيب» كان يؤكد باستمرار زهده فى الحكم ورغبته فى ترك الفرصة للأحزاب السياسية لتقوم بدورها فى النهوض بعبء إدارة البلاد بعد أن تطهر نفسها!. ووعد الشعب بإجراء انتخابات برلمانية فى فبراير 1953 (لم تجر بالطبع)، وعندما شعر بنوع من التهميش من جانب رفاقه فى مجلس قيادة الثورة أخذ يناور عليهم بورقة الديمقراطية. ويستغرب القارئ لتفاصيل هذه الفترة من موقف الرجل الذى كان ينادى بالديمقراطية فى وقت صدّق فيه على قرار اعتقال لما يقرب من 70 من رجال السياسة فى العصر الملكى، لم توجه إليهم تهم محددة، واعتبره إجراءً احترازياً، وبعدها كانت واقعة كفر الدوار وتصديقه على إعدام مصطفى خميس ومحمد حسن البقرى. ومن اللافت أن الأستاذ سيد قطب كان من أكثر المحرضين حينذاك على إعدام «خميس» و«البقرى»، وكانت وجهة نظره أن مجلس قيادة الثورة لا بد أن يتعامل بأقصى درجات الحسم والحزم مع من يلعبون ضده فى الظلام. ومن عجب أن «عبدالناصر» كان أكثر من استوعب واستفاد من نصيحة سيد قطب عام 1954، وطبقها أول ما طبقها على «قطب» وإخوانه!.

فى كل الأحوال لا نستطيع أن نحدد بشكل قاطع هل كان «نجيب» يؤمن بالديمقراطية بالفعل أم كانت ورقة أحب أن يلاعب بها خصومه فى مجلس قيادة الثورة؟. فى البداية سارت الأحداث فى اتجاه «نجيب». فبعد إلغاء الملكية فى مصر (يونيو 1953) تولى رئاسة الجمهورية بالإضافة إلى رئاسة مجلس الوزراء، لكنه واجه -بمرور الوقت- صراعاً حاداً مع رفاق الحركة المباركة، قرر على أثره الاستقالة من كافة المناصب التى يشغلها وذلك فى فبراير 1954. الشىء اللافت أن «أداهم» الشعب انطلقوا عن بكرة أبيهم إلى الشوارع لما سمعوا بهذا الخبر وتقاطروا من كل حدب وصوب واحتشدوا فى ميدان عابدين (مدعومين بجماعة الإخوان) للمطالبة بعودة «نجيب». تواصلت المظاهرات لثلاثة أيام متتالية وهتف الأداهم فى الشوارع «إما نجيب وإما الثورة» وتداعى لهم أبناء السودان فثاروا مطالبين بعودة «نجيب» ذى الأصول السودانية وهددوا بأن اختفاء «نجيب» سيترتب عليه رفض الوحدة مع مصر. وكانت النتيجة أن عاد اللواء محمد نجيب إلى الحكم. كان «عبدالناصر» أوعى من «نجيب» بطبيعة التركيبة الأدهمية، فمكث غير بعيد، ثم بادر إلى التخلص من الإخوان فى أحداث مارس 1954، ثم أقال محمد نجيب من رئاسة الجمهورية نوفمبر 1954. مؤكد أن الأداهم سمعوا بخبر إقالة «نجيب» الذى ثاروا من أجله منذ بضعة شهور، لكنهم لم يحركوا ساكناً هذه المرة، لأن اللحظة المختلفة أوحت لهم بفعل مختلف. وكأن الحركة عند «الأدهم» لحظة وليست مبدأ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أدهم» ابن اللحظة «أدهم» ابن اللحظة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon