توقيت القاهرة المحلي 00:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفقراء يحكمون

  مصر اليوم -

الفقراء يحكمون

بقلم: د. محمود خليل

تغيير نوعى حدث فى تركيبة «نخبة الحكم» عقب ثورة يوليو 1952. فبعد الملوك والباشوات تصدر المشهد مجموعة من المصريين العاديين. فمعظم أعضاء تنظيم الضباط الأحرار جاءوا من صفوف الطبقات الشعبية أو من الشريحة الأدنى للطبقة المتوسطة. لم يكن آباؤهم أعياناً أو من كبار ملاك الأرض فى مصر، بل كانوا موظفين عاديين أو من صغار الحائزين للملكيات الزراعية. وتميزت التركيبة العمرية للضباط أيضاً بالتقارب، والعديد منهم كان من مواليد عام 1918، أو يسبقون أو يلحقون بهذا التاريخ بعام أو عامين.

الأخطر فى تركيبة أعضاء مجلس قيادة الثورة هو التركيبة النفسية أو المزاجية. فجلهم تشكلت بنيتهم الثقافية وتحددت توجهاتهم السياسية خلال فترة الأربعينات، وهى فترة كانت تعج بالأحداث، بدأت بالانكسار النفسى والشعبى الذى حدث للوفد بعد حادثة فبراير 1942 حين اعتلى النحاس باشا الحكم على أسنة حراب الإنجليز، هذه الواقعة على وجه التحديد سحبت البساط من تحت أقدام الوفد داخل الشارع المصرى، ومنحت قدراً من الوجاهة للأفكار الثورية التى تطرحها التنظيمات الراديكالية، أو جماعات الرفض السياسى والاجتماعى التى تصادر على الأوضاع برمتها وتدعو إلى نسف المشهد السياسى بمجمله. شملت هذه الجماعات: جماعة الإخوان وتنظيم مصر الفتاة، بالإضافة إلى الحركات الشيوعية. سكنت أفكار هذه الجماعات عقل ووجدان العديد من الضباط، وملكت عليهم أمرهم، ورأوا فيها معادلة أكثر عملية فى التعامل مع الواقع الذى عايشوه.

تمكنت الجماعات الراديكالية خلال هذه الفترة من استقطاب الكثير من الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى فى صفوفها، وألهبت حماسهم ودفعت بهم إلى المظاهرات الكبرى التى شهدتها مصر حينذاك، وشكلت من شبابهم مجموعات قتالية توجه بعضها للاغتيال السياسى، وبعضها للكفاح المسلح ضد الإنجليز، وشاركت قطاعات منها فى حرب 1948 ضد العصابات الصهيونية. مزاج الفقراء والشريحة الأدنى من الطبقة المتوسطة أميل إلى العنف، فهم خلافاً لأصحاب المصالح ليس لديهم ما يخشون عليه. من رحم هذه الفئة الاجتماعية خرج جمال عبدالناصر ورفاقه، وتأثروا بفكر الجماعات الراديكالية، ومن بينها الإخوان. وكانت الجماعة من أبرز الرافعين لشعارات العنف فى التعامل مع الواقع، والمرحوم سيد قطب الذى أعدمه جمال عبدالناصر عام 1966 كان من أعلى الأصوات التى طالبت ثوار يوليو بالتعامل العنيف مع كل من يعترض طريقها، ودعا إلى إعدام «خميس والبقرى» بعد المظاهرات التى شهدها مصنع كفر الدوار.

ومن اللافت أن الجماعة شربت بعد ذلك من كأس العنف الذى كرسته حين تواجهت مع جمال عبدالناصر عام 1954، فتعامل معها «ناصر» بالمزاج الذى تربى عليه. ليست «الإخوان» وحدها، فكل من ساهم فى إتراع كأس العنف هذه شرب منها، يستوى فى ذلك تنظيم مصر الفتاة مع الحركة الشيوعية المصرية مع الإخوان. وهو مزاج كانت تستطيبه جماهير الفقراء وأفراد الطبقة المتوسطة، فشجعت خطوات «عبدالناصر» فى الإطاحة بكل قوة بكل من يعترض طريق الثورة التى أصبحت تعبيراً موضوعياً عن الفقراء حين يحكمون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفقراء يحكمون الفقراء يحكمون



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon