توقيت القاهرة المحلي 06:34:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العرافة المقدسة.. والحقيقة المرة

  مصر اليوم -

العرافة المقدسة والحقيقة المرة

بقلم : محمود خليل

كان الإحساس بالكارثة القادمة يلح على الأداهم فيكتمونه فى قلوبهم وأكبادهم، لكن بعض الأدباء والشعراء أخذوا يلمحون بما يمتلكونه من أدوات ورمزيات إلى الكارثة التى تكاد تطرق الأبواب. فى قصيدة «البكاء بين يدى زرقاء اليمامة» حكى الشاعر المبدع أمل دنقل كيف أن خرائط الواقع كانت أكبر شاهد على الهزيمة القادمة، استدعى أسطورة «زرقاء اليمامة»، المرأة ثاقبة النظر، التى كانت ترى الأحداث عن بُعد، وكيف أن قومها سخروا منها واتهموا عينيها بالبوار عندما قالت لهم إن الغابة قادمة عليكم، وكان كل جندى من جنود العدو يحمل سعفة نخيل يختبئ خلفها، ولم يستفيقوا إلا على سيوف الأعداء تولغ فى دمائهم.

مشاعر «الأداهم» كانت مختلفة وهم يتابعون شاشات التليفزيون التى تنقل مشاهد تدفق القوات والآليات العسكرية إلى سيناء أواخر مايو 1967. البعض كان سعيداً والبعض كان مندهشاً من المشهد وكأنه أمام حرب تليفزيونية -قبل زمان الحروب التليفزيونية بزمان- لكن يبقى أن الجميع كان يريد تأديب إسرائيل، واستسلمت الغالبية لأحاديث الإعلام التى تصف ما نملكه من أدوات وقدرة على ذلك. فى بداية الحرب اكتشف قِلة من الأداهم الذين كانوا يتابعون المحطات الإذاعية الأجنبية أيام 5 و6 و7 يونيو الحقيقة المرة، لكن الجميع تواجه معها عندما ألقى عبدالناصر خطاب التنحى. حينها انطلق «الأداهم» إلى الشوارع يطالبون «ناصر» بالاستمرار، فأنَّى له أن يرحل بعد الكارثة التى حاقت بالبلاد؟. ولم يمضِ على الحدث الموجع سوى عام حتى خرج الأداهم يهتفون ضد عبدالناصر ونظامه بعد صدور أحكام الطيران (1968)!.

بدأ قطاع من «الأداهم» يعالج ما حدث من خلال جَلد الذات واتهامها بكل نقيصة، وقطاع من خلال النكتة والسخرية من كل شىء، وعالج قطاع من الأداهم المعارضين الأمر بالشماتة، وكأن مصر الوطن لا تعنيهم!. أما السفه الحقيقى فقد ظهر على ألسنة ذهبت كل مذهب فى تبرير ما حدث. خرج من يقول إن مصر لم تنهزم فى 67 بل انتصرت، فقد كان هدف الإمبريالية والصهيونية التخلص من جمال عبدالناصر.. وها هو الشعب يتمسك بالزعيم!. آخرون أخذوا ينظّرون تنظيرات شديدة العجب فى تبريد نار الهزيمة، تجد بعضها حاضراً فى الروايات التى حكت عن التبريرات التى سيقت لتقليل غضب الغاضبين. يروى «فتحى غانم» فى رواية «زينب والعرش» أن أحد المسئولين بالتنظيم اجتمع بالأعضاء بعد النكسة، وكان من بينهم يوسف منصور أحد أبطال الرواية، فبرر لهم الكارثة بقوله: ماذا حدث؟.. نعم احتلت سيناء.. لكن مصر لا تزال باقية.. تخيلوا لو دهس ترام أحد المواطنين فنتج عن ذلك أن فقد ذراعه.. أليس هذا خيراً له من أن يدهس جسده كله ويموت؟!. كان هذا النمط من التفكير هو الكارثة الحقيقية التى أسفرت عنها النكسة، والتى دفعت الروائى المبدع نجيب محفوظ إلى أن يصف المشهد العام على لسان أحد أبطال رواية «الباقى من الزمن ساعة» بقوله: «نحن نعيش فى مرحاض عمومى كبير».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العرافة المقدسة والحقيقة المرة العرافة المقدسة والحقيقة المرة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon