توقيت القاهرة المحلي 19:26:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أدهم».. رجل سعيد

  مصر اليوم -

«أدهم» رجل سعيد

بقلم: د. محمود خليل

لا يميل «أدهم» إلى الاختيار، لأنه يخشى تحمُّل المسئولية، يكتفى فى الأغلب باستقبال ما تلقى إليه الأقدار، فيرضى عنه أو يسخط. وإذا كان «المصرى» قد أحب عباس الأول واعتبر عصره فترة هدنة والتقاط أنفاس، فقد كان حبه لخليفته فى الحكم -الوالى سعيد بن محمد على- أشد، فقد اتخذ الأخير من القرارات ما غذَّى ودعم الحلم الأدهمى بالعودة إلى التمدد فى الحديقة والانتشاء بعزف الناى وشد الأنفاس من الشبك.

يقول الدكتور «حسام إسماعيل»، صاحب كتاب «وجه مدينة القاهرة»، إن سعيداً بدأ عهده بقرارات تخفف الأعباء المالية عن أفراد الشعب، وكان أول هذه الأعباء الأخذ بحرية التجارة وأخذ الضرائب من الفلاحين نقداً وليس عيناً، مما أتاح لهم حرية بيع محصولاتهم، بل تجاوز عن الضرائب المتأخرة على الفلاحين وأعفاهم منها، وأصلح أيضاً نظام المعاشات لموظفى الدولة، وتخلّى عن آليات السخرة التى اعتمد عليها محمد على فى حشد الأداهم فى مشروعاته الكبرى. كان عهد «سعيد» سعيداً فعمَّ الرخاء مصر بعد القوانين التى استنها الوالى، وساد الاستقرار بسبب عدم انخراط مصر فى حروب، كما أدى نشوب الحرب الأهلية فى الولايات المتحدة الأمريكية إلى ارتفاع أسعار القطن فى الأسواق العالمية فانتعش الاقتصاد أكثر وأكثر.

انطلق «أدهم» فى الحياة راضياً عن أسلوب «سعيد» فى الإدارة، عاد إلى حياته الأولى الأثيرة فى العمل لسويعات قليلة فى اليوم، ثم التمدد على الأرائك أو الحصير أو أمام البيوت، وشرب البوظة أو تدخين الجوزة، والهرولة إلى مقاهى القاهرة آخر الليل للاستماع إلى المنشدين والرواة والاستمتاع بأنغام الناى والربابة. إنه نمط الحياة الذى تراجع فى عصر محمد على الذى أخذ «الأداهم» بالقاسية. كان الأداهم يطيعون الوالى الكبير -وهم مكرهون- فى أسلوب الحياة الجديد الذى فرضه عليهم، فلما رحل مثلما يرحل كل حى عادوا إلى سيرتهم الأولى. ولا يستطيع أحد أن يحدد بشكل قاطع السبب الذى أدى إلى هذه الأزمة بين «أدهم» والوالى الأب. حياة «أدهم» كانت تستوجب التطوير، تلك حقيقة أقرها الواقع وأدركها الوالى، لكنه فى الوقت نفسه لجأ إلى الأسلوب الأسرع والأكثر إنجازاً فى التغيير، والمتمثل فى إجبار «الأداهم» على الانخراط كتروس فى عجلة البناء والتحديث، لم يبذل محمد على الجهد المطلوب لشرح وإقناع المصريين بمعالم مشروعه، وتشير سطور التاريخ إلى أن الوالى الأب رحل عن الحياة يائساً من أن يستكمل أحد من أبنائه أو أحفاده مشروعه الكبير أو يحفظوا البقية المتبقية منه، ما يطرح سؤالاً حول الجهد الذى بذله محمد على فى إقناع أقرب أفراد أسرته إليه بمشروعه التحديثى المهم.

العذر الوحيد الذى يمكن التماسه للوالى الكبير يتعلق بالتركيبة النفسية والمزاجية لأدهم والتى تدفعه إلى المعاندة والمكابرة وعدم الانصياع لمن يدعوه إلى الخروج من دائرة المألوف فى حياته، أو التخلى عما اعتاد عليه من سلوكيات، لكن يبقى فى النهاية أن اقتناعه وتوعيته وتعليمه هو السبيل الوحيد لتغييره. هكذا تقول التجربة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أدهم» رجل سعيد «أدهم» رجل سعيد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon