توقيت القاهرة المحلي 00:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زمن الغيوم

  مصر اليوم -

زمن الغيوم

بقلم: د. محمود خليل

تمدد الإخوان فى الحياة المصرية -كما لم يتمددوا من قبل- أواخر فترة السبعينات ومع مطلع الثمانينات. فخلال سنوات قليلة نجح عمر التلمسانى بما يمتلك من نعومة كلامية، وحنكة حركية، ودعم من السادات، فى إعادة بناء الجماعة فتضاعف عدد المنتمين رسمياً إليها وتزايد عدد المتعاطفين معها. ومن شاهد صلوات الأعياد التى كانت تنظمها «الإخوان» بالتعاون مع الجماعة الإسلامية أواخر السبعينات وبداية الثمانينات يعرف الكتلة العددية الكبرى التى أصبحت تتشكل منها الجماعة. وكان من الطبيعى مع هذا التمدد والتشعب أن تقع بعض الأحداث الخطيرة، التى أدت إلى انتهاء سنوات العسل بين «السادات والإخوان». من بينها توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل والتى اتفق الإخوان مع اليساريين والناصريين والقوميين فى رفضها، وواقعة «الزاوية الحمراء» منتصف عام 1981 وما صحبها من أحداث طائفية مقيتة بدأت تنذر بمخاطر التمدد الذى حدث للإخوان والإسلاميين خلال السنوات التى أعقبت انتفاضة يناير 1977.

غام إحساس المصريين بالحياة. لم تكن سحابة الأحداث الطائفية المثقلة، أو سحابة الصراع مع إسرائيل، أو توقيع معاهدة سلام معها، أو تمدد الإسلاميين هى السحابات الوحيدة التى غام إحساس المصريين بالحياة فى طياتها، بل كان هناك تركة من المشكلات المعيشية التى عانوا منها أشد المعاناة، فقد خرجنا من الحرب بمرافق مهترئة عاجزة عن تهيئة حياة طبيعية للناس. مشاكل فى مرافق المياه والكهرباء والصرف الصحى، وتزاحم المواصلات بصورة مثيرة للسخرية، رغم صفقة «أوتوبيسات كارتر»، وجيمى كارتر -حينها- هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية التى أهدتنا الصفقة، أما الأكل والشرب فحدّث ولا حرج، يكفى أن أقول لك إن الخبر الأهم فى حياة المصريين حينها كان: «الجمعية فيها فراخ» أو: «الجمعية فيها صابون أو زيت أو لحمة»، وعلى هامش التزاحم على الجمعيات الاستهلاكية وعجز البعض عن الحصول على ما يحتاجون من أغذية، نشأت وظيفة «الدلّالة». وهى سيدة كانت تحصل على السلع بالتنسيق مع أحد الموظفين بالجمعية لتقوم ببيعها بسعر أكبر «للزبون»، وتقتسم الربح مع الموظف الذى يمولها بالسلع. كان الحصول على أى شىء فى هذا البلد شديد الصعوبة.

ورغم أن سحابة المعيشة كانت السحابة الأكثر ضغطاً على المصريين خلال فترة السبعينات، فقد كان الإخوان ينأون عن هذه القضايا ويتجنبون الخوض فيها، ويرفعون فى مواجهتها شعار: «الزمن جزء من العلاج»، ويرددون أنه عندما تقوم دولة الإسلام سوف تحل كل هذه المشكلات، وكأن دولة الإسلام تمتلك العصا السحرية التى مست «سندريلا» فحوّلتها من حال إلى حال. إنه الوهم الذى أفلحت الجماعة فى ترسيخه فى أفئدة ووجدان المصريين طيلة العقود السابقة حتى وصلت إلى الحكم عام 2012، ولحظتها اكتشف المصريون أن الإخوان باعوا لهم الوهم وأنهم بلا حول ولا حيلة أمام المشكلات المعيشية التى يعانى منها المواطن.

انتهى المشهد -كما تعلم- بقرارات 5 سبتمبر 1981 التى تحفّظ فيها السادات على رموز المعارضة المصرية من كل الأطياف، وكذلك بعض الرموز الحزبية والدينية، لتنتهى الحقبة بذلك المشهد الدامى الدرامى الذى استشهد فيه الرئيس السادات على يد مجموعة من الإسلاميين الذين أخرجهم من السجون بقراره، فقرروا التخلص منه، رحمه الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمن الغيوم زمن الغيوم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon