توقيت القاهرة المحلي 00:47:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كورونا فى «السوق السودة»

  مصر اليوم -

كورونا فى «السوق السودة»

بقلم: د. محمود خليل

هى سوق نشأت وتحققت بسرعة بمجرد ارتفاع معدلات انتشار وباء كورونا، وانتشار معلومات موازية بأسماء الأدوية التى تُستخدم فى التعامل مع أعراض الفيروس. بسرعة الصاروخ اختفى كل دواء له صلة قريبة أو بعيدة بكورونا من الصيدليات، رغم توافرها بسخاء قبل الأزمة، وتحولت من السوق البيضاء المكشوفة إلى السوق السوداء المتخفية. تضاعفت أسعارها عدة مرات، وأصبح الحصول عليها أمراً شديد الكلفة وعظيم الصعوبة. السيدة عبير ابنة الفنان الراحل فريد شوقى حكت تجربتها للحصول على الدواء بعد الإصابة بكورونا، حيث لم تُسعفها الصيدليات بدواء، لأن الأدوية غير موجودة، ولا ساندتها وزارة الصحة -كما ذكرت- عبر تطبيق «صحة مصر»، وكأنها ترفع شعار «اتصرف عشان تعيش» فى وجه المواطن.

عرفت مصر -شأنها شأن كافة شعوب العالم- موضوع السوق السودة أوقات الحروب والأزمات. والأصل فيها استغلال حاجة الناس إلى السلع فى وقت تشح فيه، أو يرتفع الطلب عليها ويقل العرض بسبب أجواء الحرب أو الأزمة وعدم القدرة على جلب السلعة. وتبدأ رحلة تجار العمليات «السودة» بتخزين وحجب السلع بمجرد الإحساس بارتفاع الطلب عليها، لتدخل حيز الاحتكار، وتصبح يد مَن يملكها مطلقة فى تحديد سعرها. ويزداد الأمر سوءاً عندما ترتخى يد الحكومات وتتلكأ فى التدخل لتوفير السلع أو مراقبة الأسواق بشكل يضمن وصول السلعة إلى من يحتاج إليها بسعرها الحقيقى.

المراهنة على أخلاق الناس فى الأزمات خاسرة. فالأزمة لها أخلاقياتها، وهى تؤدى بالبشر إلى إفراز أسوأ ما بداخلهم، حيث تعلو قيم الأنانية والرغبة فى الخلاص الذاتى على ما عداها من قيم. وللمصريين مثل عجيب يقول «إن جالك الطوفان ارمى ابنك تحت رجليك وعدِّى عليه»!. وزارة الصحة هى المطالبة بالتحرك مع غيرها من أجهزة الدولة لتوفير العلاج اللازم لمصابى كورونا. نحن لا نتحدث عن سرير فى مستشفى أو أجهزة تنفس اصطناعى أو غرف رعاية مركزة، المسألة تتعلق بتوفير دواء يخفف من الأعراض التى تقترن بفيروس كورونا. أين الأحاديث التى كانت تتردد عن شنطة علاج كورونا التى توفرها الوزارة على سبيل المثال؟. لا يمر يوم إلا وتمطرنا «الصحة» ومسئولوها بعشرات التصريحات عن الأرقام والتوقعات والأمصال التى فى الطريق والعلاج الذى يوشك على التوافر، ولا ينسى أصحاب هذه التصريحات التأكيد على أن «كله تمام»، لكن تجارب من أراد الله اختبارهم بالفيروس تقول غير ذلك.

أزمة كورونا لا ينفع معها الأداء التقليدى، بل تستوجب الحلول السريعة الحاسمة والناجزة، ومؤكد أن الحكومة تملك القدرة والأدوات التى تمكنها من السيطرة على عمل الصيدليات ومحاصرة تجار السوق السودة لأدوية كورونا. لن ينفع هذه المرة التذرع بعدم وعى المواطن وأخلاق الناس والكلام الشبيه، خصوصاً أننا نلاحظ أن الحكومة تتحرك بأعلى درجات الحسم والردع على مستوى ملفات أخرى، وتنجز فيها خلال ساعات قليلة. وبالتالى فالتلكّؤ فى حل مشكلة السوق السوداء لأدوية كورونا غير مبرر، وعدم السعى الحثيث لتوفير الأدوية اللازمة غير مفهوم. على الحكومة أن تتفهم أن الأداء هذه المرة يقاس على الأرض وليس من خلال التصريحات المتلفزة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا فى «السوق السودة» كورونا فى «السوق السودة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
  مصر اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon