توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"أدهم" فى حِمى أهل البيت

  مصر اليوم -

أدهم فى حِمى أهل البيت

بقلم: د. محمود خليل

دعنا نتوقف عند المحطة التى سبقت قيام ثورة يوليو 1952، وذلك فى سياق الحديث عن «الأدهمية القطبية»، بعد أن تناولنا الأطوار المختلفة التى مرَّ بها سيد قطب حتى استوى وطاب وأصبح ثمرة جاهزة للسقوط فى حجر جماعة الإخوان. فقد صرفنا التوقف أمام رحلته عن تحليل دفتر أحوال «أدهم الشعبى»، لأن التقلبات والصراعات التى خاضها «قطب» قبل الثورة اتسمت بطابع فكرى نخبوى ملحوظ فى وقت كان الشعب منشغلاً فيه بأمور أخرى. كان الموظفون والفلاحون والعمال والطلاب يعيشون خلال العقدين السابقين للثورة ظروفاً بيّنة السوء. ولنبدأ بالحديث التفصيلى عن أوضاع الموظفين.

منذ الثلاثينات عانى «أداهم الموظفين» من خنقة اقتصادية عنيفة ضغطت على أعصابهم. فقد شهدت هذه الحقبة الأزمة المالية العالمية التى تأثرت بها مصر، فشحَّت الأرزاق وندرت الوظائف وقلَّت العملة فى يد الأداهم بصورة موجعة. تستطيع أن تظفر بصدى هذه الأوضاع على حياة المصريين من مراجعة رواية «القاهرة الجديدة» التى يشرح فيها نجيب محفوظ الحال التى ضربت «الأدهمية المصرية» خلال الثلاثينات، وكيف أصبح كل شىء قابلاً للبيع مقابل الحصول على قوت الحياة: الكرامة والحرية والأخلاق وشرف الأنثى. فكل الرايات القيمية انكسر عودها أمام الجوع. الراية الوحيدة التى ظلت ترفرف فوق الأدهمية كانت راية «طُز» الشعار الشهير الذى ظل يردده محجوب عبدالدايم بطل الرواية طيلة أحداثها. وفى مقابل الجوعى من الأداهم ظهرت أقلية من الأداهم الأثرياء استفادت من الأزمة ثم ساعدتها الحرب العالمية الثانية التى نشبت 1939 أكثر وأكثر، فتزاوج أثرياء الأزمة مع أغنياء الحرب فدقت مطارقهم رؤوس فقراء الأداهم مع مطارق الباشوات والسلطة المصرية وسلطة الاحتلال حتى أفقدتهم توازنهم، وجعلت أى قيمة تتصاغر فى أعينهم فى سبيل الحصول على القوت.

تفاقمت الأمور أكثر وأكثر مع استهداف مصر من جانب قوات المحور التى تقودها ألمانيا، ووجد الأداهم أنفسهم فى قلب الحرب رغم أنوفهم، ورغم صرخاتهم الاحتجاجية التى تحولت إلى رصاصات ضد من يزعم أن مصر متزوجة من إنجلترا زواجاً كاثوليكياً لا تنفصم عراه، كوزير المالية أمين عثمان الذى اغتيل عام 1944. تحركات القوات الإنجليزية لمواجهة قوات المحور الزاحفة من ليبيا إلى مصر أقضّت مضاجع الأداهم الذين يؤثِرون السلم على الحرب، والاستقرار على الاضطراب، والاطمئنان على القلق، فهرعت أسر من بعض الأحياء التى تعرضت لغارات إلى أحياء أخرى أكثر هدوءاً، تماماً مثلما فعلت أسرة «عاكف أفندى» التى هجرت حى السكاكينى إلى حى خان الخليلى، وعندما سأله نجله عن النقل من السكاكينى إلى خان الخليلى رغم أن الحيين فى القاهرة وعُرضة لغارات الألمان، رد عليه «عاكف» قائلاً: «هذا الحى فى حِمى الحسين رضى الله عنه، وهو حى الدين والمساجد، والألمان أعقل من أن يضربوا قلب الإسلام وهم يخطبون ود المسلمين».

وقد كان الألمان بالفعل يخطبون ود المسلمين عبر منشوراتهم، وراهن قطاع من المصريين على الألمان وأنهم سيساعدونهم فى التحرر من الإنجليز، بنفس اليقين الذى راهن به عم «عاكف» وغيره من الأداهم على أن الحى الذى يحميه أهل البيت هو الناجى وحده من قصف الطائرات!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدهم فى حِمى أهل البيت أدهم فى حِمى أهل البيت



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon