توقيت القاهرة المحلي 19:26:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أدهمية التمرد

  مصر اليوم -

أدهمية التمرد

بقلم: د. محمود خليل

التمرد على المؤسسة من السمات التى جمعت تحت مظلتها العديد من الأداهم من مفكرى القرن العشرين. فأغلبهم كان متمرداً على المؤسسة بدرجة أو بأخرى. طه حسين على سبيل المثال تمرد على الأزهر وما أصاب العقل الأزهرى من جمود، أبعده عن التجديد، وخاض فى هذا الاتجاه معارك معروفة. كما شكَّل كتابه «مستقبل الثقافة فى مصر» محاولة للتمرد على تقليدية مؤسسة الثقافة والتعليم. «العقاد» أيضاً كان كذلك، فقد تمرَّد على مؤسسات التعليم النظامى، واجتهد فى تعليم نفسه بنفسه. التمرد قيمة تؤدى إلى مواجهة السلبيات وتحويلها إلى إيجابيات، وبالتالى فله وجه إيجابى إذا كان من أجل الإصلاح والتطوير، يقابله وجه سلبى فى الحالات التى يتحول التمرد فيها إلى نوع من المكايدة أو محاولة تحطيم المؤسسة، أو «تمرد من أجل التمرد».

التجربة الأدهمية لسيد قطب فى التمرد على المؤسسة كانت مختلفة، فهو يحكى فى كتاب «طفل من القرية» أنه تمرد على المدرسة خلال الأيام الأولى لالتحاقه بها. وهو تمرد طفولى عادى، لكن الشاهد فى هذه التجربة أن سيد قطب تحوَّل بعد ذلك إلى مدافع شرس عن المدرسة فى مواجهة الكتاتيب. نحن أمام شخصية تتحمس للأشياء بسرعة وينطفئ حماسها لها بسرعة أكبر. فى اعترافاته المعنونة بـ«لماذا أعدمونى؟» يسجل سيد قطب أنه لم يكن له صلة بالإخوان قبل ثورة 52، ونفى أن يكون الإهداء الذى تصدّر كتابه «العدالة الاجتماعية فى الإسلام» مغازلة لهم. والمتأمل لما حكاه «قطب» فى هذا الاتجاه سيجد أنه أراد أن يقول إن الإخوان هى التى انضمت إليه وليس العكس، وكأن لسان حاله أراد القول إنه يرفض أن يكون جزءاً من كل، لأنه يرى أنه نسيج وحده، ورغم ما أبداه من احترام للجماعة وأدوارها، فإن سعيه إلى تشكيل تنظيم 1965 دليل على أنه أراد أن ينشئ مؤسسته الخاصة التى يذوب فيها الجميع فى شخصه.

القارئ لكتاب «معالم فى الطريق» يجد أن تمرد «قطب» لا تحده حدود. فهو يعلن تمرده على الدولة وفكرة الدولة الوطنية، ويرى أن الأمة هى أساس الانتماء، ثم يتمرد على الأمة نفسها وينعت أهلها بجاهلية من نوع خاص تتجلى أبرز مظاهرها فى البعد عن الإسلام بمفهومه الخاص، ومن الأمة ينتقل إلى العالم فيتمرد عليه ويتهمه بمعسكريه الرأسمالى والاشتراكى بالجاهلية وضياع القيم والاستغراق فى المادة. التمرد فى حياة سيد قطب قناعة راسخة امتد إلى حياته الشخصية فأبى الانضمام إلى مؤسسة الزواج، رغم مروره بتجربة حب من نوع غريب، كان غريمه فيها ضابطاً تعلق به قلب فتاته التى أحبها والتى كان يكبرها فى السن بعشر سنوات. أيضاً تحدث «قطب» فى «المعالم» عن التمرد على مؤسسة الأسرة وأن العضو الذى ينضوى تحت فهمه الخاص للإسلام لا بد أن ينفصل عن أسرته الأدهمية التقليدية بالروح والعقل، وأن يفهم أن أهله الحقيقيين هم أعضاء التنظيم الذى ينتمى إليه، واستدل على ذلك بمجموعة من الفهوم الخاصة لبعض الآيات القرآنية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدهمية التمرد أدهمية التمرد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon