توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"جمل الأداهم" يستنجد بالملك

  مصر اليوم -

جمل الأداهم يستنجد بالملك

بقلم: د. محمود خليل

توقف الملك فاروق فى مذكراته أمام الكثير من الشائعات التى أطلقها نظام الحكم الجديد حوله، وتتحدث عن الحقائب المتخمة وصناديق السبائك الذهبية وحفلات الشمبانيا والكافيار فوق ظهر يخت المحروسة التى كانت تضم الملك المخلوع وحاشيته، واستغراق الصحف فى وصفه بالسكير والمقامر، وغير ذلك من حكايات مؤكد أنها -بغض النظر عن صدق بعضها وكذب بعضها الآخر- كانت تشعل الخيال الأدهمى وتغذى عقله بمادة جيدة لأحاديث النميمة. الذاكرة الشعبية للأجيال التى عاشت ما بعد 1952 تختزن الكثير من الحكايات التى تقدم فاروق كملك وقع من كتاب ألف ليلة وليلة، توقظه الجوارى الحسان من النوم، ويقضى نهاره فى التخطيط للسهرات مع صديقه «بوللى»، وهى تلك السهرات العامرة بالأنخاب والكؤوس وموائد الطعام والقمار وغير ذلك من حواديت. ربما كان لبعضها أصل، ولكن ليس بهذا القدر من المبالغة التى ارتفعت بها إلى مصاف الهلاوس اللسانية، ولا خلاف على أن الخصومة السياسية لعبت دوراً مهماً فى نسج الكثير من تفاصيل الحكايات التى تلقَّفها الخيال الأدهمى فأضاف إليها العديد من التفاصيل التى تعكس مزاجه الخاص.

الملك فاروق نفسه كان كثيراً ما يداعب الخيال الأدهمى بهذه الهلاوس. فالأجيال التى عاصرته وكانت مؤيدة له تناقلت بعد 1952 قصصاً شعبوية متنوعة -نشرت بعضها صحف العصر الملكى- تغذى الصورة الأسطورية للملك. من بينها على سبيل المثال حكاية الجمل الذى فر من الذبح بمنطقة «المذبح» بالقرب من حى السيدة زينب وجرى فى الشوارع حتى وصل قصر عابدين، وهناك أمسكه أحد حراس القصر، ولما علم الملك بالحكاية قرر شراء الجمل من الجزار -صاحبه- وأعتقه من الذبح. كان البسطاء حينذاك يرددون أن «الجمل استنجد بالملك فأغاثه»!. قصة أخرى يرويها الموظفون الذين جايلوا فاروق، حين تظاهر بعضهم أمام قصر عابدين مطالبين بأن تكون إجازة الجمعة مدفوعة، وكانت فيما قبل تُخصم أجرتها من المرتب، وعندما علم الملك بالأمر قال لمسئولى الحكومة: «أعطوهم مرتب جمعة وسبت»!.

ويبدو أن اللعب على الخيال الشعبى وتغذيته بالحواديت التى تحط من شأن الملك أو تُعلى من قدره شكَّلا جانباً من الصراع الذى نشب فى ذلك الوقت. وفى كل الأحوال كانت أطراف الصراع تخاطب المزاج الأدهمى المولع بالحكايات والأساطير والحواديت الخارقة للعادة. كيف لا والأداهم من الآباء والأجداد كانوا مولعين بالمواويل والحكايات التى يتلوها الشاعر أو المنشد على المقاهى وفى التجمعات العامة؟!. بدا الأمر وكأن فاروق يجنى زرعة آبائه وأجداده الذين لم يبذلوا الجهد الكافى فى تحرير العقل الأدهمى من الخرافات والأباطيل والأراجيف، وهو نفس المطب الذى وقع فيه مَن أتوا بعده ليجنوا مثلما جنى. وكأن الكل أجمع على أن استمرار عقل أدهم على ما هو عليه من ولع بالحكاوى وغرام بالأساطير وتساهل فى قبول وترديد الشائعات هو الأنفع والأفيد بالنسبة لهم، وعندما يجنون نتاج ما زرعوا إذا بهم يعجبون!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمل الأداهم يستنجد بالملك جمل الأداهم يستنجد بالملك



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon