توقيت القاهرة المحلي 00:06:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"جمل الأداهم" يستنجد بالملك

  مصر اليوم -

جمل الأداهم يستنجد بالملك

بقلم: د. محمود خليل

توقف الملك فاروق فى مذكراته أمام الكثير من الشائعات التى أطلقها نظام الحكم الجديد حوله، وتتحدث عن الحقائب المتخمة وصناديق السبائك الذهبية وحفلات الشمبانيا والكافيار فوق ظهر يخت المحروسة التى كانت تضم الملك المخلوع وحاشيته، واستغراق الصحف فى وصفه بالسكير والمقامر، وغير ذلك من حكايات مؤكد أنها -بغض النظر عن صدق بعضها وكذب بعضها الآخر- كانت تشعل الخيال الأدهمى وتغذى عقله بمادة جيدة لأحاديث النميمة. الذاكرة الشعبية للأجيال التى عاشت ما بعد 1952 تختزن الكثير من الحكايات التى تقدم فاروق كملك وقع من كتاب ألف ليلة وليلة، توقظه الجوارى الحسان من النوم، ويقضى نهاره فى التخطيط للسهرات مع صديقه «بوللى»، وهى تلك السهرات العامرة بالأنخاب والكؤوس وموائد الطعام والقمار وغير ذلك من حواديت. ربما كان لبعضها أصل، ولكن ليس بهذا القدر من المبالغة التى ارتفعت بها إلى مصاف الهلاوس اللسانية، ولا خلاف على أن الخصومة السياسية لعبت دوراً مهماً فى نسج الكثير من تفاصيل الحكايات التى تلقَّفها الخيال الأدهمى فأضاف إليها العديد من التفاصيل التى تعكس مزاجه الخاص.

الملك فاروق نفسه كان كثيراً ما يداعب الخيال الأدهمى بهذه الهلاوس. فالأجيال التى عاصرته وكانت مؤيدة له تناقلت بعد 1952 قصصاً شعبوية متنوعة -نشرت بعضها صحف العصر الملكى- تغذى الصورة الأسطورية للملك. من بينها على سبيل المثال حكاية الجمل الذى فر من الذبح بمنطقة «المذبح» بالقرب من حى السيدة زينب وجرى فى الشوارع حتى وصل قصر عابدين، وهناك أمسكه أحد حراس القصر، ولما علم الملك بالحكاية قرر شراء الجمل من الجزار -صاحبه- وأعتقه من الذبح. كان البسطاء حينذاك يرددون أن «الجمل استنجد بالملك فأغاثه»!. قصة أخرى يرويها الموظفون الذين جايلوا فاروق، حين تظاهر بعضهم أمام قصر عابدين مطالبين بأن تكون إجازة الجمعة مدفوعة، وكانت فيما قبل تُخصم أجرتها من المرتب، وعندما علم الملك بالأمر قال لمسئولى الحكومة: «أعطوهم مرتب جمعة وسبت»!.

ويبدو أن اللعب على الخيال الشعبى وتغذيته بالحواديت التى تحط من شأن الملك أو تُعلى من قدره شكَّلا جانباً من الصراع الذى نشب فى ذلك الوقت. وفى كل الأحوال كانت أطراف الصراع تخاطب المزاج الأدهمى المولع بالحكايات والأساطير والحواديت الخارقة للعادة. كيف لا والأداهم من الآباء والأجداد كانوا مولعين بالمواويل والحكايات التى يتلوها الشاعر أو المنشد على المقاهى وفى التجمعات العامة؟!. بدا الأمر وكأن فاروق يجنى زرعة آبائه وأجداده الذين لم يبذلوا الجهد الكافى فى تحرير العقل الأدهمى من الخرافات والأباطيل والأراجيف، وهو نفس المطب الذى وقع فيه مَن أتوا بعده ليجنوا مثلما جنى. وكأن الكل أجمع على أن استمرار عقل أدهم على ما هو عليه من ولع بالحكاوى وغرام بالأساطير وتساهل فى قبول وترديد الشائعات هو الأنفع والأفيد بالنسبة لهم، وعندما يجنون نتاج ما زرعوا إذا بهم يعجبون!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمل الأداهم يستنجد بالملك جمل الأداهم يستنجد بالملك



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon