توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العزف على وتر «الكسل الأدهمى»

  مصر اليوم -

العزف على وتر «الكسل الأدهمى»

بقلم: د. محمود خليل

مع حلول العام الأخير من الفترة الأولى لحكم «مبارك» لـ«الأدهمية» كانت المشكلة الاقتصادية فى مصر قد وصلت إلى ذروة التعقيد. وكان السبب فى ذلك تراكم الديون. فمنذ أن اتبع «السادات» سياسة الباب المفتوح وترخّص فى الاستدانة من الخارج، زادت أرقام الدين وأرقام خدمة الدين بصورة كبيرة، توازى ذلك مع عجز اقتصادى محسوس عن تحقيق عوائد كافية من النقد الأجنبى تساعد فى السداد. وقد ضاعف «مبارك» من المشكلة وبالغ فى الاستدانة، فقفزت أرقام الدين الخارجى من 21 مليار دولار عندما تسلم الحكم لتصل مع بداية مدته الثانية إلى (49 مليار دولار)، أضف إليها الديون الداخلية.

وأمام هذا الوضع، تم تدشين حملة للتبرع لسداد ديون مصر، ودعيت كل فئات الأداهم للمساهمة فى المشروع الوطنى الكبير. وبالفعل بادر كبار الأداهم ممن يحبّون التقرّب للسلطة إلى التبرع. وبدأ رأس كل مؤسسة أدهمية يدعو العاملين فيها إلى التنازل عن جزء من مرتبهم لسداد ديون مصر. وقد تراوحت ردود فعل «الأداهم الصغار» ما بين قبول الفكرة ودعمها والمساهمة فيها، وبين رفضها والتهرب من الدفع بكل السبل الممكنة. وتدل العديد من المؤشرات على أن الغالبية العظمى من متواضعى الدخل رفضوا المبادرة، لأسباب مفهومة، فلم يكن فى جيوبهم أى فائض للتبرّع، ولم يكتفوا بذلك، بل أطلقوا النكات حول الأرقام المدين بها كل «أدهم» بعد قسمة إجمالى الدين على عدد المواطنين. وقد بادر أحد كبار كتاب الكوميديا حينها -وهو الكوميدى الشهير يوسف عوف- إلى تأليف حلقة ضمن سلسلة حلقات برنامجه الإذاعى «مش معقول» حول سداد ديون مصر، قام ببطولتها المبدع الراحل حسن عابدين.

كانت الأمور قد بلغت حداً من التفاقم الذى يستدعى تآزر المجتمع الأدهمى ككل حتى يحل المشكلة، لكن صغار الأداهم لم تكن بيدهم حيلة، وكانوا مقتنعين بأن كبار المتبرعين يعطون، وثمة حاجة فى أنفسهم، وأنهم ليسوا أكثر من مستثمرين مع السلطة. فهم يعطون بالشمال ليأخذوا باليمين أضعاف ما أعطوا فى صورة مكاسب ومغانم ينوء بحسابها عقل الأدهم الصغير. كانت الأسعار ترتفع نتيجة زيادة معدلات التضخّم التى تسبب فيها زيادة الديون وشح النقد الأجنبى، وفى الوقت نفسه كانت البنوك تعانى من توجّه الأموال التى يُفترض أن تأتى إليها من المودعين إلى شركات توظيف الأموال، تلك الشركات التى تحولت إلى دولة داخل الدولة ونجحت فى جذب أموال الأداهم بصورة فاقت كل تصور، وتجد تفسيرها فى الطبيعة الأدهمية، التى تميل إلى الكسل وتؤثر التمدّد المريح على السعى فى الحياة، وفى الوقت نفسه تنشد الأرباح الكبرى السريعة. لعب أصحاب الشركات على هذا الوتر الأدهمى فاجتذبوا الكثيرين. كان الأدهم من هؤلاء يلقى بحصائد يديه إلى «الريان» و«السعد» وينتظر الفوائد الخيالية التى سوف يحصل عليها، واستمر الحال على ذلك النحو حيناً حتى اكتشفت الأداهم الكسولة أن ما يُدفع لهم مجرد جزء يسير من أصل مالهم، واستيقظوا على ضياع «شقا عمرهم».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العزف على وتر «الكسل الأدهمى» العزف على وتر «الكسل الأدهمى»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon