توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عربى مكسَّر

  مصر اليوم -

عربى مكسَّر

بقلم - محمود خليل

لغة النخب المعاصرة، خصوصاً من الشباب، يصح أن توصف بـ«اللغة الملخبطة»، تستطيع أن تكتشف ذلك بمجرد تحليل المنطوق أو المكتوب من كلام الشباب المعبر عن هذه النخبة سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، لتجد مفردات عربية، تختلط بأخرى أجنبية، وحروفاً لاتينية تستخدم فى كتابة الكلمات العربية، وأرقاماً تحل محل الحروف عند كتابة بعض الكلمات وهكذا.

نحن ببساطة أمام لوحة ملخبطة، تم بناؤها بأسلوب «دلق الألوان» ليأتى الشكل بعدها كيفما اتفق. ولا يخفى عليك العلاقة بين لخبطة التعبير وما يحمله من دلالة على لخبطة التفكير، إذ إن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة أساسية.

كما لا يخفى عليك العلاقة بين النخبة والموقع، فحديثنا عن النخبة ينصرف إلى أشخاص ذوى مواقع فى الصفوف الأمامية.هذه العلة لا ترتبط بالنخبة المعاصرة فقط، بل لها جذورها لدى الأجيال المتعاقبة من النخب منذ أن عرفت مصر التعليم وحتى اللحظة، لكنها امتازت بسمات مختلفة وأقل حدة لدى الأجيال السابقة.

فنخبة الحكم قبل يوليو 1952 تكلمت «العربى المكسر»، إذ كانت التركية هى الغالبة على لغة دواوين الحكم، منذ عصر محمد على وما تلاه، وبعض حكام الأسرة العلوية لم يجيدوا مخاطبة الشعب بالعربية.

وجزء من شعبية الملك الشاب فاروق ارتبطت بتجاوزه لهذه الآفة، فرغم الفترة التى قضاها فى التعلم بالخارج، وتربيته على يد مربيات إنجليزيات، فإنه تعلم العربية، وكان مجيداً لها، وما تبقى من آثار خطبه يشهد على أنه أجاد الحديث باللغة العربية، والواضح أنه حاول تعليم أولاده «العربية» أيضاً رغم خروجهم معه من مصر فى مرحلة مبكرة من أعمارهم، لكن عربيتهم جاءت «مكسرة»، لكنها عربية على كل حال، ولا تجد فيها ألوان اللخبطة اللغوية التى تجدها لدى الأجيال المعاصرة.

حالة اللخبطة فى اللغة والتى عادة ما تقترن بها حالة لخبطة وتشوش وسيولة فى التفكير، والتى نعانى منها حالياً، تقترن بمسيرة التعليم بعد حركة يوليو 1952، ثم هى تتعلق بعد ذلك بالأدوار التى بات يلعبها أصحاب «اللغة الملخبطة»، أو الهجين ما بين العربية واللغات الأجنبية الأخرى، على منصات صناعة القرار، وإدارة الشأن العام، ودواليب الدولة.

وبعد أن كان الدفاع عن تعريب لغة المؤسسات الرسمية ضد سياسة التتريك ثم الفرنجة، وكذلك الوقوف بقوة ضد استخدام الحروف اللاتينية كبديل للحروف العربية فى الكتابة، جزءاً لا يتجزأ من مقاومة المستعمر، ظهرت أجيال تمسك فى ذيل المستعمر وكأنه «بابا وماما وكل حاجة لينا فى الدنيا».

خلال النصف الأول من القرن العشرين كان التعليم قادراً على إفراز كوادر مصرية تجيد العربية وتتحدث الإنجليزية بلا مشكلة، والدليل على ذلك هو النتاج.

فأغلب المسئولين داخل دوائر صناعة القرار فى مصر، خلال فترة الستينات، لم يواجهوا صعوبة فى مخاطبة الرأى العام المصرى بلغة سليمة، والتحدث إلى الخارج بإنجليزية معقولة، مثلهم فى ذلك مثل الأجيال التى سبقتهم، لكنَّ ماءً كثيراً جرى فى نهر التعليم، بدءاً من النصف الثانى من القرن العشرين. وبعد سنين عاشها المصريون يسخرون من أصحاب «العربى المكسر» هلَّ هلال أصحاب «العربى الملخبط».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عربى مكسَّر عربى مكسَّر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon