توقيت القاهرة المحلي 18:41:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من «الشورى» إلى «القدريـة»

  مصر اليوم -

من «الشورى» إلى «القدريـة»

بقلم: د. محمود خليل

«معاوية» كان رجل سياسة يعرف كيف يورط علياً، ويفهم متى يلعب بورقة الشورى، ومتى يلقى بها فى أقرب سلة مهملات. «معاوية» هو الذى وضع القاعدة التى تذهب إلى أن «الشورى لعبة المعارضة.. والاستفراد بالحكم لعبة الخليفة» فى تاريخ الحكم الإسلامى، لذلك تجده قد ناور بورقة الشورى وحق المسلمين فى اختيار من يرضون بحكمهم فى صراعه مع على بن أبى طالب. يظهر ذلك فى تلك الرسالة التى بعث بها إلى علىّ.

يقول «ابن الأثير» فى تاريخه: «بعث معاوية إلى على حبيب بن مسلمة الفهرى وشرحبيل بن السمط ومعن بن يزيد بن الأخنس، فدخلوا عليه، فحمد الله حبيبٌ وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن عثمان كان خليفة مهدياً يعمل بكتاب الله وينيب إلى أمره، فاستثقلتم حياته واستبطأتم وفاته فعدوتم عليه فقتلتموه، فادفع إلينا قتلة عثمان إن زعمت أنك لم تقتله نقتلهم به، ثم اعتزل أمر الناس فيكون أمرهم شورى بينهم، يولونه من أجمعوا عليه، فقال له علىّ: ما أنت لا أم لك والعزل وهذا الأمر؟ اسكت فإنك لست هناك ولا بأهل له».

كان على بن أبى طالب يؤدى كحاكم بيده أمر التولية والعزل، فى حين تعامل «معاوية» كرجل سياسة يفهم كيف يناور على خصمه، ويعرف التوقيت الأمثل الذى يمكنه فيه اللعب بورقة الشورى. الأحداث التى تلاحقت بعد الرسالة السابقة تؤكد نجاح «معاوية» الذى ما انفك يتحدث عن الشورى وحق المسلمين فى اختيار مَن يحكمهم، حتى إذا وصل إلى الحكم، نحى هذه المسألة جانباً، وأخذ البيعة لولده «يزيد» من بعده والسيف على رقاب العباد، بلا شورى ولا يحزنون!.

وقد أضاف «يزيد بن معاوية» مفهوماً بديلاً للشورى حين أصبح خليفة، وهو مفهوم «قدرية الحكم»، وأن الوصول إلى الحكم يحدث بأقدار الله، وليس بإرادة البشر أو أفضلية بعضهم على بعض. ويمكننا أن نستدل على ذلك مما يحكيه «ابن كثير»، وهو من كبار مؤيدى نظرية «قدرية الحكم»، ويرى أن المُلك يصل إلى صاحبه بأمر الله، وينزع منه بأمر الله أيضاً. يقول صاحب البداية والنهاية: «وقيل إن يزيد لما رأى رأس الحسين قال أتدرون من أين أُتى ابن فاطمة، وما الحامل له على ما فعل وما الذى أوقعه فيما وقع فيه؟، قالوا: لا!، قال: يزعم أن أباه خير من أبى، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من أمى، وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من جدى، وأنه خير منى وأحق بهذا الأمر منى، فأما قوله أبوه خير من أبى فقد حاج أبى أباه إلى الله عز وجل، وعلم الناس أيهما حُكم له، وأما قوله أمه خير من أمى فلعمرى إن فاطمة بنت رسول الله خير من أمى، وأما قوله جده رسول الله خير من جدى، فلعمرى ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر يرى أن رسول الله فينا عدلاً ولا نداً، ولكنه إنما أتى من قلة فقهه، لم يقرأ: (قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء)».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «الشورى» إلى «القدريـة» من «الشورى» إلى «القدريـة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon