توقيت القاهرة المحلي 18:51:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«زد» الأكثر جرأة

  مصر اليوم -

«زد» الأكثر جرأة

بقلم: د. محمود خليل

التشوش جرأة والمعرفة مجبنة. الطفل أكثر جرأة من الشاب، والشاب أكثر اندفاعاً من الرجل الناضج. والأصل فى الأشياء المعرفة والتجربة. البناء المعرفى للطفل لا يفرق بين الخيالى والواقعى لذا يمتلك جرأة تفوق الشاب، والشباب اندفاع وطاقة كبرى لا تعرف التريث أو الحسابات، لذا فهو أكثر جرأة من الكبار، أما الكبار الذين عرفوا وجربوا وتراكمت بداخلهم صورة متكاملة عن الواقع الذى يعيشون فيه، فأكثر جبناً وميلاً إلى الانسحاب.

جيل الكبار «الجيل الصامت» اعتمد على المعرفة النصية، ونعنى بها المعرفة التى تعتمد على نصوص الكتب فى تكوين المعتقدات وتحديد الاتجاهات، وهى أيضاً المعرفة التى تعتمد على تواصلية من طرف واحد (من الكاتب إلى القارئ) دون أن تتمتع بنوع من التفاعل العكسى بين القارئ والنص.

المعرفة المتاحة للجيل الجديد «الجيل زد» لا تستند إلى «النصية»، بل تعتمد بالأساس على «الإلكترونية»، بما توفره من مصادر شديدة التنوع والثراء للحصول على المعارف، وبما تتمتع به من تفاعلية تمكّن المتلقى من إبداء رأيه وتوضيح فكره ووجهات نظره عبر التعليق على النصوص التى يتلقاها.

الفارق كبير بين أصحاب المعرفة «النصية» والمعرفة «الإلكترونية». أصحاب النوع الأول من المعرفة من كبار السن يمتلكون عقلاً يميل إلى التسليم والتوقير لما يقرأ وما يسمع، وحتى إذا تجادل مع النص، فإنه يتجادل معه داخلياً، أو بينه وبين نفسه، وقليلاً ما يخرج إلى الفضاء العام المحيط به، ليطرح رأيه أو وجهة نظره فيما قرأ أو سمع. ربّت المعرفة النصية أجيال الكبار على محبة «الاستقرار» حتى ولو أخذ شكل الركود، والتحفظ على أى جديد يمكن أن يقلقل الواقع الثابت، وإيثار السلامة والعافية مع الخسارة على المغامرة ولو كان فى رحمها المكسب. الجيل الجديد الذى تربى فى ظل بيئة معرفية «إلكترونية» مختلف أشد الاختلاف، هو جيل لا يؤمن بالفكر الأحادى، إذ علمته مصادره المعرفية أن التعددية جوهر من جواهر النظر إلى الحياة وما يتفاعل فيها من أحداث وقضايا، جيل يرى أن التنازع بين الأشياء أمر طبيعى، حتى ولو أدى هذا التنازع أو التدافع إلى إرباك الحياة، فالحياة المرتبكة تبشر بالتغيير، فى حين أن الحياة المستقرة مقدمة للدخول فى حالة «تعفن».

علّمت المصادر المعرفية الإلكترونية الجيل الجديد أن يحب الحركة، سواء عبر الواقع المعاش، أو عبر الواقع الافتراضى، لذا تجده حالماً بالسفر والهجرة، حتى ولو كان فى المغامرة حتفه، وميالاً إلى التفاعل مع أطياف بشرية من دول ومجتمعات مختلفة عبر الإنترنت.

ربما اتهم البعض الجيل الجديد من الشباب بـ«التشوش المعرفى» وعدم الاعتماد على معارف متماسكة مرتكزة، وأنه أكثر حيرة وأشد ارتباكاً وإرباكاً للحياة من جيل الكبار، لكن شباب اليوم يسخرون من ذلك، ويرون أن الجرأة على التحرك وعدم الاستكانة للثوابت هى أصل تطوير الحياة. «الجيل زد» هو الأكثر جرأة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«زد» الأكثر جرأة «زد» الأكثر جرأة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon