توقيت القاهرة المحلي 16:03:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قدَر العراق

  مصر اليوم -

قدَر العراق

بقلم: د. محمود خليل

كانت دولة العراق -ولم تزل- الساحة التى تحتضن أية مواجهات تنشأ بين إيران وغيرها من القوى المناوئة لها. فإيران تعتبر هذه الدولة -عبر مراحل مختلفة من التاريخ- رأس الحربة المناسب لها الذى تستطيع من خلاله أن تدير معاركها من الخارج بعيداً عن أرضها. وما أكثر ما حرصت على إيجاد أنظمة موالية لها داخل هذا القطر العربى. قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم سيطر الفرس على العراق وأقاموا حكومة موالية لهم عبر تجربة «دولة المناذرة» وكان حاكمها يلقب بـ«ملك العرب» ويخضع بشكل كامل لإمبراطور العجم (كسرى فارس). وعندما قرر عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، الدخول فى مواجهة مع الفرس، وكانت مواجهة مؤجلة حتى يتم الفراغ من السيطرة على دولة الغساسنة التابعة للروم بالشام، كانت العراق ساحة لسلسلة المعارك الكبرى التى دارت على هذا المستوى، وأولها واقعة الجسر التى هزم فيها العرب هزيمة منكرة، ومات أغلبهم غرقاً فى ماء الفرات، ثم معركة القادسية التى قادها سعد بن أبى وقاص بجيش يزيد تعداده على 10 آلاف مقاتل، وانتهت بانتصار العرب على دولة المناذرة ليزحفوا بعدها إلى داخل إيران ويضعوا أيديهم على المدائن عاصمة الفرس. وبعدها تعددت أوجه الكر والفر بين الفرس والعرب، وكان الموضوع دائماً هو «العراق» التى شكلت السيطرة عليها هدفاً أساسياً من أهداف صانع القرار الإيرانى.

عندما نجحت الثورة الإسلامية فى إيران -عام 1979- فى الإطاحة بصاحب عرش الطاووس الإمبراطور محمد رضا بهلوى، شجعت دول الخليج وغيرها من البلاد العربية صدام حسين على الهجوم على إيران، وقد نجحت العراق فى بدايتها وسيطرت على أراضٍ إيرانية، لكن الأمور سارت بعد ذلك عكس الاتجاه، وكاد الإيرانيون أن ينجحوا فى الوصول إلى بغداد بعد معركة «الفاو» الشهيرة، لكن تدخل بعض الدول العربية حال دون ذلك. استمرت هذه الحرب 8 سنوات متصلة حتى توقفت، بعدها حدث ما تعلمه من غزو صدام للكويت وما أعقبه من دخول الأمريكان بكثافة إلى المنطقة، ثم كان الغزو الأمريكى للعراق عام 2003 وما ترتب عليه من سيطرة إيران على العراق ونجاحها فى إيجاد حكومة موالية لها فى بغداد.

اليوم تعود العراق من جديد لتصبح ساحة للمعركة التى تهدد بها إيران بعد اغتيال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس. وقد وقعت عملية الاغتيال على أرضها قرب مطار بغداد الدولى. حكومة بغداد تتحرك الآن بخطوات تصب جميعها فى فكرة «الانتقام الإيرانى» لمقتل «سليمانى». فالمطالبة بجلاء القوات الأمريكية عن العراق هو بالأصل مطلب إيرانى، وترديده على لسان المسئولين العراقيين يكسبه صفة وطنية. والنتيجة الطبيعية لهذه التفاعلات أن تعود العراق إلى قدرها المعهود كساحة مواجهة، ولكن هذه المرة بين الإيرانيين والأمريكان، كما كانت بالأمس القريب ساحة مواجهة بين أمريكا المتحالفة مع إيران ضد صدام حسين، وكما كانت بالأمس البعيد ساحة للمواجهة بين العرب والفرس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قدَر العراق قدَر العراق



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أبرز إطلالات ياسمين صبري وأسرار أناقتها التي تُلهم النساء في الوطن العربي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:52 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

فساتين براقة تناسب السهرات الرومانسية على طريقة منة شلبي
  مصر اليوم - فساتين براقة تناسب السهرات الرومانسية على طريقة منة شلبي

GMT 09:49 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ألوان ديكورات 2025 جريئة تُعيد تعريف الفخامة
  مصر اليوم - ألوان ديكورات 2025 جريئة تُعيد تعريف الفخامة

GMT 10:00 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

3 مشروبات شائعة قد تسبب خطر الإصابة بمرض ألزهايمر
  مصر اليوم - 3 مشروبات شائعة قد تسبب خطر الإصابة بمرض ألزهايمر

GMT 16:48 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ثريدز يطلق ميزة جديدة تمنح المستخدمين مساحة أكبر للإبداع
  مصر اليوم - ثريدز يطلق ميزة جديدة تمنح المستخدمين مساحة أكبر للإبداع

GMT 18:27 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

درة تتألق في مدينة البندقية بإطلالات أنيقة

GMT 13:37 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

٢٢ سفينة إجمالى الحركة الملاحية في موانئ بورسعيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon