توقيت القاهرة المحلي 04:43:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يا تليفزيون.. يا..!

  مصر اليوم -

يا تليفزيون يا

بقلم: د. محمود خليل

يوافق يوم 21 يوليو الجارى الذكرى الستين لانطلاق البث التليفزيونى فى مصر. منذ أن نشأ فى كنف الدولة بدا التليفزيون الوسيلة الرسمية التى وظفتها السلطة السياسية فى الستينات وما تلاها للتأثير الناعم على المصريين وإقناعهم بقراراتها وتوجهاتها ومشروعاتها. أغلب التليفزيونات العربية نشأت على هذا النحو وأدت الوظيفة نفسها.

لم يكن التليفزيون المصرى وهو ينشأ فى كنف الدولة استثناء بين وسائل الإعلام المختلفة. فقد سبقه إلى ذلك الصحافة التى نشأت ضمن أدوات الدولة الحديثة التى سعى محمد على إلى بنائها، ثم ظهرت الصحف الشعبية فى عصر إسماعيل، محكومة بوهم الاستقلالية عن السلطة، وهو وَهْم تبدد لدى صُناعها وكذلك لدى الجمهور، عندما أدرك الطرفان أنها ليست أكثر من واجهة جديدة للسلطة. الأمر نفسه تكرر فى التجربة التليفزيونية، فبعد 40 عاماً من انطلاق التليفزيون المصرى بدأت قنوات التليفزيون التجارى فى الظهور مطلع القرن الحالى، ورغم أنها لم تكن مملوكة رسمياً للدولة كما هو الحال بالنسبة للقنوات الرسمية، فإنها كانت مقيدة بخطوط وحدود لا تستطيع تجاوزها.

عبر تجربة العقود الستة مع التليفزيون اعتبره الكثير من المصريين «صندوقاً للتسلية» بالنسبة الأكبر، ووسيلة تثقيف بدرجة متوسطة، وأداة للإعلام بنسبة محدودة. فالطابع الرسمى الغالب عليه طيلة فترة الستينات وما تلاها من حقب جعل الناس لا تصدقه إلا فى الأخبار السيئة. فقد كان يكذب فى بعض الأحوال على الناس وهو يحدثهم عن مسارات حرب اليمن (اندلعت عام 1962) وعن الاستعداد لطرد الصهاينة من إسرائيل قبل يونيو 1967، ثم دهم المشاهد فى لحظة لا تنسى بأكثر الأخبار سوءاً فى تاريخنا، خبر النكسة.

أحب المصريون التليفزيون كصندوق للتسلية، وأحياناً للتثقيف. خلال فترة الستينات كانت الناس تتحلق حول شاشته الفضية لتشاهد أرفع الأعمال التمثيلية. كانت مصر حينها مزدحمة بالأدباء والمفكرين والتنويريين والفنانين. كان الناس يلزمون البيوت وقت إذاعة مسلسل الساقية بأجزائه الثلاثة: الضحية والرحيل والنصيب لعبدالمنعم الصاوى، وأعمال طه حسين وأيمن يوسف غراب ومحمد عبدالحليم عبدالله، وكذلك بعض النصوص الأدبية العالمية. يشاهدون لقاءات مع العقاد وعبدالرحمن الرافعى ومرسى جميل عزيز وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وغيرهم، يتابعون حفلات أم كلثوم وفريد وعبدالحليم. فالسلطة كانت ميالة إلى الكذب على مستوى السياسة، لكنها أفسحت المجال لنوع من الصدق فى الفن والثقافة، وأحب الناس ما صدقت فيه.

بدءاً من فترة السبعينات بدأ قطار الموت يحمل فى عرباته العديد من الكبار فى مجال الفن والثقافة، لكن ظهرت أسماء جديدة كان لها عطاؤها فى مجال الدراما التليفزيونية على سبيل المثال، مثل أسامة أنور عكاشة ومحسن زايد وفخر الدين صلاح وإسماعيل عبدالحافظ وغيرهم فسدُّوا بعض الفراغ الحاصل فى مساحة الصدق داخل المنتج التليفزيونى.

ومع مطلع القرن الجديد وظهور القنوات التجارية وتحوّل الإبداع إلى نوع من «التهليس» و«التهجيص» تقلصت المساحة المحببة لدى الجمهور، ومع وجود البديل العربى أو التركى أو الهندى أو الغربى، بل ووجود بدائل إخبارية عديدة، دخلت قنوات التليفزيون المصرى (رسمى وتجارى) فى حالة شرنقة على الذات وبدأت تنسحب شيئاً فشيئاً. ترى ما هو المكان الأرشد الذى يمكن أن نجد هذه القنوات فيه اليوم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا تليفزيون يا يا تليفزيون يا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon