توقيت القاهرة المحلي 21:14:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

روسيا تحقق أهدافها بالسلم أو بالحرب!

  مصر اليوم -

روسيا تحقق أهدافها بالسلم أو بالحرب

بقلم:صالح القلاب

لم يدرك الأوروبيون (ما يسمى الاتحاد الأوروبي)، أنّ مسيرة طويلة هي التي أوصلت فلاديمير بوتين إلى أنْ يصبح رئيساً لواحدة من أهم دول العالم، هي: «روسيا الاتحادية»، وذلك بعد مشوار طويل ومتعرج؛ حيث إن أهم ما وصل إليه في البدايات هو أن أصبح ضابطاً في المخابرات السوفياتية، ولمدة 16 عاماً، وحيث إنه قد ارتقى إلى رتبة ملازم أول، قبل أن يشغل منصب مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وهو الوكالة التي حلَّت لاحقاً محل هيئة المخابرات الداخلية، في مفوضية أمن الدولة السوفياتية، وذلك قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، ويصبح بعد ذلك القائم بأعمال الرئيس الروسي بعد استقالة - أو إقالة - الرئيس بوريس يلتسين في عام 1999.

ويعرف الروس أنّ هذا القيادي الصاعد الذي كانت انطلاقته كانطلاقة سهم من قوسٍ مشدودة الوتر، قد قطع المسافات بسرعة عجائبية، وأنّ أول إنجازاته كان إنعاش بلاده من الكساد، وانتشالها من أزمات الفترة الشيوعية، مما عبّد طريقه إلى أنْ يصبح نجماً دولياً لامعاً؛ ليس على الصعيد المحلي فقط؛ بل على الصعيد الدولي أيضاً. ومن المعروف أنه تواصل انتخابه رئيساً لبلاده لسنوات متلاحقة ومتتالية.
ثم خلافاً لما بات يروّجه أتباعه وأنصاره، فإنّ هناك من يعتبر أنّ فترة حكمه - وخصوصاً في البدايات - كانت أسوأ كثيراً من المرحلة السوفياتية؛ حيث امتلأت السجون بالمعارضين السياسيين، وتم القضاء على كثيرين منهم بالموت في السجون وبالإعدامات. وإلى جانب هذا كله فإنّ الحريات العامة قد تراجعت كثيراً، مع عدم إجراء انتخابات؛ لا حرة ولا نزيهة، وذلك إلى حدّ أنه قد اتُّهِم من قبل هيئات دولية وهيئات حقوق الإنسان، باضطهاد النقاد والسياسيين وتعذيبهم واغتيالهم. وهنا فإنّ أغلب الظن أنّ معظم هذه الاتهامات كانت مفتعلة من قبل المناوئين له؛ إنْ من أبناء بلده، وإنْ من بعض الدول وبعض الاتجاهات الخارجية. والمعروف أن هذا ما كان قد وجهه الغرب إلى الاتحاد السوفياتي، وكل الدول الشرقية التي كانت توصف من قبل الإعلام الغربي بأنها دول شيوعية، وبأنها دموية وقمعية، ولا مجال فيها لحقوق الإنسان.
وبالطبع فإنّ التشنيع الغربي بهذا الرجل الذي كان ولا يزال نجماً صاعداً، وصل إلى حد وصفه بأنه قد تم تدريبه في صغره على «التجسس» ومراقبة الأجانب والقناصلة، وكل هذا قبل أن يُرسل منذ عام 1985 وحتى عام 1990 إلى ألمانيا الشرقية (الشيوعية) ليقيم فيها بـ«هوية مترجم»؛ حيث إن مسيرته الأمنية والسياسية في تلك الفترة لم تكن واضحة. وبالطبع فإنّ محاولات تشويهه، بعد أن أصبح نجماً سياسياً صاعداً ومعروفاً ومرموقاً، قد بلغت في الإعلام الغربي والأجهزة الأمنية الغربية ذروتها. وحقيقةً بقيت مستمرة ومتواصلة حتى الآن، وحتى بعدما وصل إلى ما وصل إليه.
وهنا، فإنّ الروسي – الأميركي ماشا جيسن، الذي كان قد كتب سيرته الذاتية، قال إنه - أي بوتين - عندما كان صغيراً، كان هو وزملاؤه قد عملوا على جمع قصاصات الصحف، وأنهم، بتكليف أمنيٍّ، قد جمعوا أتلالاً من قصاصات الصحف، وإنهم قد ساهموا في جمع المعلومات غير المفيدة التي كانت تصدرها المخابرات السوفياتية. وبالطبع فإنّ زميله السابق في المخابرات السوفياتية فلاديمير أوسولستيف، قد قلل من أهميته، واعتبرت إحدى الصحافيات المرموقات أنّ هذا «التقليل» كان في واقع الحال غطاء لاختراقه للجيش الأحمر، الذي كان أعضاؤه يوجدون في ألمانيا الشرقية التي كانت توصف بأنها «ديمقراطية»، وبالطبع فإنها وبالتأكيد لم تكن كذلك، وهذا مع أنني في تلك الفترة المبكرة قد كنت مؤيداً لها ومؤيداً لكل دول أوروبا الشرقية.
وهكذا، وزيادة في إغراق هذا الرجل في كل ما يمكن وصفه من موبقات سياسية وأمنية، قالوا إنه خلال سقوط جدار برلين بداية عام 1989، كان قد دأب على حفظ ملفات المركز الثقافي السوفياتي، وملفات فيلا المخابرات السوفياتية في درسدن، وإنه فوق هذا قد احتفظ بأرشيف المركز الثقافي السوفياتي للسلطات الألمانية. وبالطبع فإنه قد تم الإمعان بعيداً في تشويه هذا الرجل الذي بات نجماً سياسياً دولياً لامعاً.
وهنا، وفي مجال المزيد من تشويهه والإساءة إليه، فإنه اتُّهِم بالبحث عن مجندين جدد في المخابرات السوفياتية. والغريب أنّ أحد المقربين منه قد قال إنه استقال من عمله الاستخباري برتبة مقدم فقط، في عام 1991. وهذا قد كان في اليوم التالي لمحاولة ذلك الانقلاب المعروف ضد الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، وأنه قد وصف الشيوعية لاحقاً بأنها: «زقاق مسدود، بعيد عن التيار الرئيسي للحضارة الكونية».
وحقيقة، فإن إلصاق كل هذه الاتهامات بهذا الرجل، كان معظمها من قبيل التشويه والتجني، وإلا فكيف من الممكن أن يصبح هذا الرجل الذي تجاوزت الاتهامات المفتعلة له كل ما يمكن تصديقه، نجماً روسياً مشعاً؟ وما معنى أن يكون رقماً فاعلاً ومؤثراً في المعادلة الأوروبية؟ وهناك من يقول: وأيضاً في المعادلة الكونية!
ويقيناً، لو أنّ هذا الرجل الذي أصبح قائداً دولياً معروفاً ومرموقاً، فيه كل هذه المواصفات التي قد أُلصقت به زوراً وبهتاناً، قبل أن يصل إلى ما وصل إليه، فما كان ليصبح قائداً روسياً على هذا النحو، وما بات يتحدث مع بعض الأوروبيين من فوق أرنبة أنفه، كما هو واقع الحال الآن!
إنّ هذا الرجل الذي بات يحتل هذه المكانة التي جعلت كثيرين حتى من بعض الأوروبيين يطأطئون له رؤوسهم، قد بات يخاطب «أنداده» الأوروبيين كقائد لروسيا الاتحادية، التي باتت تعتبر أهم الدول الأوروبية، وإنّ أوكرانيا تكاد تكون ملحقة بدولته، وإن كل ما يصدر من بعض الدول المنافسة لدولته هو مجرد كلام فارغ، وإنّ الدولة التي قد أصبح هو رئيسها قد باتت لها السيطرة على هذا الكيان الأوكراني، حتى بما في ذلك مدينة كييف، التي أصبحت عاصمة هذه الدولة التي باتت رقماً أساسياً ومرموقاً في المعادلة الأوروبية!
وعليه، وفي النهاية، فإنّ ما بات واضحاً ومؤكداً، هو أنّ روسيا هذه قد حققت؛ إن ليس كل، فمعظم أهدافها، وهذا إن ليس بالسلم، فبالحرب. والواضح أن الأفق قد غدا مفتوحاً أمامها وأمام الدول التي باتت تواصل السير على مسيرتها. وهنا فإنّ المؤكد أنّ كل هذه التحولات ستكون في مصلحة روسيا الاتحادية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا تحقق أهدافها بالسلم أو بالحرب روسيا تحقق أهدافها بالسلم أو بالحرب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon