توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا بعد تقلباتها لا تزال غير مستقرة ولا موحدة!

  مصر اليوم -

ليبيا بعد تقلباتها لا تزال غير مستقرة ولا موحدة

بقلم - صالح القلاب

لا يحقُّ لأي كان، وهذا غير الشعب الليبي، أن يحتجَّ أو يعترض على أنّ معمر القذافي، رحمه الله على أي حال، قد أعطى لليبيا هذا الاسم الطويل الذي من المؤكد أن غالبية أبناء الشعب الليبي لم يحفظوه لا سابقاً ولا حتى الآن، وهذا ينطبق على أشقائهم في الدول العربية المجاورة وفي الدول البعيدة...!! ويقيناً أنّ هذا الاسم الطويل جداً لا يستطيع معظم أبناء الشعب الليبي، وبالطبع شعوب الأمة العربية وشعوب الكون كله، ترديده ولا حفظه. وأغلب الظن أنّ السفراء المعتمدين لدى هذا البلد وحتى العرب منهم كان عليهم أن يراجعوا هذا الاسم الطويل قبل يوم أو يومين من الذهاب إلى ليبيا.

والمشكلة الحقيقية هي مشكلة سفراء الدول غير العربية، وإذْ إنّ أياً منهم يحتاج قبل التردّد على خارجية «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى» إلى مراجعة الاسم هذا على مدى أسبوع كامل... وليلاً ونهاراً قبل أن يذهب بحفظ الله ورعايته، للقاء العقيد معمر القذافي الذي بقي عقيداً ولم يُرفِّع نفسه إلى رتبة أعلى إلى أن غادر هذه الدنيا الفانية... ولم يأخذ معه كتابه الأخضر الذي لم يبقَ منه حتى ولا نسخة واحدة.
وحسب البعض، فإنّ هذه «الجماهيرية» تعني أن يحكم الناس أنفسهم بأنفسهم ومن دون أي وصاية من قبل أي كان وعلى أساس أنّ العقيد القذافي قد «اخترع» لهم المؤتمرات الشعبية التي كان المعجبون بها من عربٍ وعجمٍ يحرصون على حضورها والهتاف بأعلى أصواتهم للعقيد الذي لا يوجد مثله عقيد في الكرة الأرضية. والمعروف أنه لا الولايات المتحدة ولا روسيا... ولا الهند وأيضاً ولا الصين ولا حتى «بريطانيا العظمى» قد أعطت لنفسها هذا الاسم الطويل: «الجماهيرية الليبية الشعبية الاشتراكية» التي أضيف إليها وصف «العظمى» بعد تلك الغارة الأميركية على ليبيا في عام 1986، وعلى اعتبار أنه قد جرى تمريغ أنف الولايات المتحدة بالتراب!!

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الاسم الجميل قد اشتُقَّ من مفردة مصرية قديمة هي بالأساس «ريبو» ثم «الليبو» التي يقابلها في اليونانية «ليبوس»، حيث إنّ هذا نقش مصري قديم يرجع إلى عهد رمسيس الثاني، أي قبل ميلاد المسيح، ومع التأكيد على أن الشعب الليبي هو من خيرة الشعوب العربية، وأنه يُشكل طليعة متقدمة في هذه الأمة التي ينتمي إليها الرسول العظيم محمد صلوات الله عليه.

وبالطبع فإن ليبيا هذه عندما أصبحت دولة عربية رئيسية فاعلة ومؤثرة في هذه المنطقة وفي أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط بأسره، قد باتت رقماً أساسياً في القارة الأفريقية وأيضاً في القارة الأوروبية وبالطبع في العالم العربي كله، والمعروف أنها قد أعطت إلى هذه الأمة قادة كباراً فاعلين ولا يزال تأثيرهم القومي مستمراً ومتواصلاً حتى الآن. تبلغ مساحة ليبيا نحو مليوني كيلومتر مربع، وهي بحسب ما هو مؤكد ومعروف، تُعد رابع أكبر دولة مساحة في القارة الأفريقية ورقمها هو الـ«17» كأكبر دول العالم وحقيقة وأغناها، وهي بالنسبة للاحتياطيات النفطية تأتي في المرتبة التاسعة بين الدول العشر الرئيسية.

ثم إنّ ليبيا بعد استقلالها عن الاحتلال الإيطالي في عام 1951 قد تم إعلانها دولة ملكية، لكنها بعد الانقلاب العسكري في عام 1969 قد تحولت إلى جمهورية ثم في عهد معمر القذافي قد تم إعلانها «جماهيرية» في عام 1977، حيث إن اسمها قد أصبح «الجماهيرية العظمى» في عام 1986... وكانت النتيجة أنه قد تم التخلّي عن هذا الاسم في عام 2011، حيث إن الأمور قد عادت إلى ما كانت عليه سابقاً. وهكذا فإنّ هذه الدولة قد أخذت مكانتها الحالية بعد سقوط نظام القذافي وزوال جماهيريته بعد ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) عام 2011، حيث إنه قد اختفى هو ونظامه نهائياً بعد مقتله في معركة سرت الشهيرة.

ولعلّ ما يؤكد على التقارب الحقيقي والفعلي بين عرب أفريقيا وعرب آسيا، أنّ هناك الآن طرابلس السورية «الشامية» وطرابلس الليبية (الأفريقية) التي هي أكبر مدن هذه الدولة والتي تقع في غرب ليبيا ويسكنها أكثر من مليون نسمة، وثاني أكبر مدينة في هذه الدولة العربية هي مدينة بنغازي التي تقع في الشرق، والتي يصل عدد سكانها إلى 700 ألف نسمة. ثم ووفقاً للمعلومات المؤكدة، فإنّ هذا البلد العربي المتقدم فعلاً قد سجّل أعلى مؤشر للتنمية البشرية في القارة الأفريقية، وإنه رابع أعلى ناتج محلي إجمالي في هذه القارة لعام 2009، وهذا بعد سيشيل وغينيا الاستوائية والغابون. ثم إن هذا البلد العربي، بالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه، هو عضو فاعل في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي واتحاد المغرب العربي وحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الدول المصدرة للنفط.

لقد كانت ليبيا، حسب المعلومات التاريخية، قد سُكنتْ من قبل «البربر» بداية بالعصر البرونزي المتأخر، وقد أسس الفينيقيون مراكز تجارية في غربها، وأسس الإغريق اليونانيون (القدماء) دولاً معتبرة في شرقها، وإذ إنها وفقاً للتاريخ قد حُكمت من قبل الفرس والمصريين والإغريق، وإنها قد التحقت بالإمبراطورية الرومانية بعد احتلال «الوندال» غربها، ثم جاءت الفتوحات العربية وجاء حكم الدولة العثمانية في عام 1551. وهكذا وكما سبقت الإشارة إليه، فإن معمر القذافي قد قام بانقلابه الشهير وركز الحكم والسلطة بين يديه إلى أن جاءت ثورة عام 2011، وحقيقة أنّ هذا البلد العربي لم يشهد استقراراً فعلياً منذ ذلك الحين وحتى الآن.

والمعروف أنّ الأوضاع في هذا البلد العربي لا تزال غير مستقرة حتى الآن، إذْ إن كل محاولات تشكيل حكومة موحدة قد فشلت فعلاً، وإنّ ليبيا لا تزال ممزّقة وغير موحدة، وإنّ الخلاف بين المكونات الحزبية والسياسية لا يزال قائماً ومستمراً... والواضح أن وحدة هذا البلد العربي لا تزال بعيدة؛ فالانقسام السياسي والمؤسساتي لا يزال مستمراً، وإذ إنّ هناك حكومتين هما: الحكومة المؤقتة في البيضاء والمجلس الرئاسي الحكومي «حكومة الوفاق الوطني» في طرابلس التي تدعي أنها هي ذات الشرعية الدولية... وهكذا فإننا نسأل العلي القدير أن يعيد إلى هذه الدولة العربية وحدتها... ووحدة شعبها العربي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا بعد تقلباتها لا تزال غير مستقرة ولا موحدة ليبيا بعد تقلباتها لا تزال غير مستقرة ولا موحدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 16:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بنزيما يرشح كاسيميرو وعوار وفقير للانضمام لـ اتحاد جدة

GMT 23:51 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

شركة آسوس تطلق هاتفها الذكي Zenfone 6 الجديد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon