توقيت القاهرة المحلي 08:21:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيْ لا يخيط الإسرائيليون بهذه المسلَّة الصدئة!

  مصر اليوم -

كيْ لا يخيط الإسرائيليون بهذه المسلَّة الصدئة

بقلم:صالح القلاب

من حق السيد مقتدى الصدر أن يعتزل العمل السياسي نهائياً وبلا مراجعة ولا عودة، ما دام أنه قد بقي ينفخ في قربة مثقوبة، وبالطبع فإنه لا يجوز إطلاقاً الأخذ بمقولة الحجاج بن يوسف الثقفي: «يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق»، الذي من الواضح أنه لم يجد ما يقوله سوى هذه الشتيمة التاريخية؛ فبلاد الرافدين كانت ولا تزال معطاء. وهكذا، فإنّ وراء هذه الشتيمة عجزاً لا يجوز اعتباره حكماً أبدياً؛ إذْ إنّ مسيرة التاريخ قد بقيت تشهد لحظات مريضة كانت قد مرت بها حتى أهم الإمبراطوريات الكونية!
وهنا، فإنه غير صحيح على الإطلاق، أنّ البدايات العربية كانت بدايات إبْل وأغنام؛ فالتاريخ الصادق يقول إنّ هذه الأمة قد كانت رقماً رئيسياً أساسياً حتى قبل بزوغ شمس الدين الإسلامي العظيم، فالرسول محمد - صلوات الله عليه - قد جاء مرسلاً ليكمل مسيرة قد بقيت متواصلة ومستمرة. وهكذا، فإنّ العباسيين كانوا صلة وصل أساسية في هذه المسيرة العظيمة، وهذا ينطبق على الأمويين ومن جاء بعدهم. وبالطبع، فإنّ المعروف أنّ كل حركات التاريخ قد مرَّت بمثل هذه اللحظات المريضة.
وبالطبع، فإنّ الذين سعوا لشطب تاريخ العرب الذي كان قد بدأ قبل أن تكون هناك كل هذه الأمم، التي اجتاحت هذه المنطقة، والتي لم تقرأ الوضعية التاريخية لا قراءة صادقة ولا صحيحة، والمشكلة هنا هي أنه حتى الأشقاء العثمانيون لم يأخذوا في عين الاعتبار أنهم قد ورثوا المسيرة العربية التاريخية، التي قد بقيت متواصلة، رغم كل ما مرت به من لحظات مريضة.
وهكذا، فإنّ المفترض أنْ يكون هناك منصفون يعطون للعرب ولو بعض حقوقهم التاريخية، أما أن ينكر الذين قد اغتنموا لا لحظة تاريخية واحدة، بل العديد من اللحظات التاريخية، ليشطبوا المكانة العربية والدور العربي، وهذا هو ما قام به بعض «الأشقاء» الأتراك، وما يقوم به الآن هؤلاء الصهاينة الذين كانوا... وما زالوا مجرد عابرين في لحظات تاريخية مريضة بالفعل!
لكنه كان على هؤلاء الغرباء الذين ظنوا أنّ بإمكانهم أن يصادروا حركة التاريخ، أن يدركوا أنّ هؤلاء العرب الذين بقوا يصفونهم بأنهم مجرد رعاة إبْل وأغنام، قد عبروا بحور الظلمات، وأقاموا أهم الحضارات التي شهدتها حركات التاريخ البعيد والقريب... وحقيقة أنّ هذه الأمور قد تغلبت على كل محاولات تشويه حقائق الأمور، وأن الأمة العربية قد بقيت ذات رسالة خالدة بالفعل.
والمعروف أنه ما كان الذين ينظرون إلى العرب (الأمة العربية)، إلّا بعيون مصابة بالحول الشديد، ما كانوا يعتقدون أنّ «شبه الجزيرة الإيبيرية» ستصبح دولة عربية ذات أهمية كبيرة... وحقيقة رغم انضمام هذه الدولة إلى المجموعة الأوروبية، فإنها لا تزال تتدثر بتاريخها العربي البعيد والقريب.
إنّ هذه الحقائق كلها لا تستند إلى مجرد التدثر بعباءة عروبية وقومية فقط، فواقع اليوم يختلف عن واقع الأمس... والمعروف أن معطيات هذه المرحلة التاريخية تختلف بالتأكيد عن كل ما سبقها، ولكن مع ضرورة الأخذ في عين الاعتبار أنه لا يمكن التسليم بأن ولو شبراً واحداً من فلسطين سيخرج من دائرته العربية.
والمشكلة القائمة الآن هي أنّ الصهاينة الغرباء عن هذه المنطقة يحاولون «اختراع» مواطئ أقدام لهم في القدس نفسها، وحقيقة أنّ هذه مسألة دونها خرط القتاد، كما يقال، وأنه لا يمكن التسليم لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد، ولو بشبر، لا من القدس الشرقية، لهؤلاء الصهاينة، وهذه مسألة محسومة ومعروفة.
ولذلك، فإنه على هؤلاء القادة الصهاينة أن يعودوا إلى حركة التاريخ، ليدركوا ويعرفوا أنّ هذا الجزء من المدينة المقدسة دونه خرط القتاد بالفعل، وأنه قد مرّ بأوضاع تاريخية مريضة حقاً، لكنه ما لبث أن تحرر وعاد إلى وضعه التاريخي... وهذه مسألة يجب أن يدركها ويعرفها الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، الذي عليه أن يتأكد من أن هذا الجزء من هذه المدينة قد مر بفترات تاريخية قاسية، لكنه ما لبثت أن عاد إلى أهله... وإنه لا أهل له إلّا هؤلاء الأهل؛ أي الشعب الفلسطيني.
والواضح هنا، لا بل المؤكد، أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد لم يقرأ تاريخ هذه المدينة المقدسة قراءة صحيحة؛ إذ إن محتلين وغزاة سابقين قد جربوا حظوظهم مع هذه المدينة المقدسة، لكن فشلهم قد كان دائماً وأبداً ذريعاً، وهذه مسائل من المفترض أنّ عتاة الإسرائيليين يعرفونها على نحو مؤكد وبصورة واضحة.
ولذلك، فإنه من المنتظر من يائير لبيد ألا «يتفذلك» كثيراً، وأنْ يدرك أنّ حركة التاريخ هي مع الشعب الفلسطيني، وأنّ كل الغزاة الذين كانوا قد مروا بهذه المدينة في لحظات تاريخية مريضة قد خرجوا منها هرولة... وأنّ القدس الشرقية لا يمكن إلّا أن تكون لأهلها؛ أي للشعب الفلسطيني الذي هو صاحب هذا الحق الذي لا صاحب غيره.
والمفترض أن كبار المسؤولين الإسرائيليين يدركون هذا ويعرفونه، وأن هذه الترّهات التي يحاول رئيس الوزراء تسويقها، من غير الممكن تمريرها. وهنا مع الأخذ في عين الاعتبار أنّ هناك يهوداً من حقهم أن يُعْتبروا مواطنين مقادسة... وهذا ما قد كان دائماً وأبداً مأخوذاً في عين الاعتبار.
ولذلك، فإنه على رئيس الوزراء الإسرائيلي ومعه كل الصهاينة الذين يخيطون بمسلّته هذه، أنْ يعودوا لقراءة التاريخ قراءة صحيحة، وأن يعرفوا ويدركوا أنه بالإمكان أن يكون هناك مواطنون «يهود»، إنْ في بعض أجزاء بيت المقدس، وإن في بعض أجزاء فلسطين، لكن القدس الشرقية هذه لا يمكن إلا أن تكون فلسطينية.
ولذلك، فإنه مطلوب من رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد أن يقرأ تاريخ القدس الشرقية قراءة غير حولاء، فهذا الكلام الإنشائي الذي يتشدق به لا يمكن تمريره على الإطلاق... ثم عليه أن يدرك أنّ «اليهود» في فلسطين لا يشكّلون إلّا أقلية ضئيلة، وأنّ القدس الشرقية، وهي جزء من المدينة التاريخية، قد مرّ عليها عابرون كثيرون، وأنها مع ذلك قد بقيت مدينة فلسطينية عربية... ويقيناً إنها (القدس الشرقية) ستبقى مدينة فلسطينية عربية.
إنّ هذا الكلام يشكّل الحقائق الفعلية التي لا غيرها حقائق، ولذلك فإنه على اليهود الذين يتابعون مسيرة التاريخ أن يدركوا أن ما يتردد صهيونياً قد اقتربت نهايته، وأنه على العقلاء منهم أن يتعايشوا مع أهل هذه البلاد، وأن يدركوا أن القدس الشرقية هذه هي لأهل فلسطين... وأيضاً لكل الذين لديهم استعداد ليتعايشوا معهم، وأن يكونوا مواطنين فلسطينيين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيْ لا يخيط الإسرائيليون بهذه المسلَّة الصدئة كيْ لا يخيط الإسرائيليون بهذه المسلَّة الصدئة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon