توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حمائمية» إيران مناورة... والتجربة مع طهران شديدة المرارة

  مصر اليوم -

«حمائمية» إيران مناورة والتجربة مع طهران شديدة المرارة

بقلم: صالح القلاب

المفترض أنه لا خلاف على أن إيران عندما تعرض «هدنة» أو تهدئة مع بعض دول الخليج العربي، فإنها غير جادة وغير صادقة، وإنها صاحبة «تقيّة» لا تريد إلا إطفاء جمرة جريمة «أرامكو» وإعطاء نفسها مزيداً من الوقت للملمة أوضاعها الداخلية وترتيب شؤونها العسكرية؛ وتحديداً في مضيق هرمز، حيث تصر على أنه «الخليج الفارسي»!! وهذا بالإضافة إلى «تنفيس» انتفاضة الشعب العراقي ضدها، وتطويق تصاعد رفض احتلالها للعراق وسوريا وأيضاً للبنان وقطاع غزة والمناطق «الحوثية».
ربما لا يعرف كثيرون أن الخميني عندما قام بثورته، وعاد إلى طهران بطائرة فرنسية في مطلع فبراير (شباط) عام 1979، كان مصمماً على غزو العراق، الذي كان لجأ إليه بعد مرورٍ عابر بتركيا في سبتمبر (أيلول) عام 1965 وغادره مروراً بالكويت إلى فرنسا، واحتلاله بدوافع مذهبية وطائفية وعلى اعتبار أن بلاد الرافدين كانت قد احتلها «الصفويون»، وبقوا يجثمون على صدرها إلى أن حررها العثمانيون في عام 1516.
والمعروف أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان قد سارع إلى زيارة طهران، بعد عودة الخميني من باريس إليها بأيام قليلة، بتشجيع ومباركة من معظم الدول العربية وعلى أساس أنه تم التخلص من شاه إيران محمد رضا بهلوي الذي كان قد احتل الجزر الإماراتية؛ طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
كان أبو عمار، وهو على وشك اختتام زيارته هذه إلى إيران التي شملت بالإضافة إلى العاصمة طهران مدينة مشهد في الشمال البعيد، ومنطقة عربستان العربية «المحتلة»، قد طلب من الخميني «همساً»، وهو يُهيئ نفسه للتوجه إلى أبوظبي في طريقه إلى بيروت، التخلي عن الجزر الإماراتية الثلاث آنفة الذكر كـ«عربون» علاقات أخوية مع العرب كلهم ومع الأمة العربية.
وكانت المفاجأة لأبو عمار وللذين رافقوه في تلك الرحلة (التاريخية) حقاً؛ ومن بينهم الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، أن رد الخميني كان عصبياً وقاسياً، وأنه قال وهو يضرب بقبضته طاولة صغيرة كانت أمامه: «إن هذه الجزر إيرانية، وهي ستبقى إيرانية إلى أبد الآبدين»، ويومها ساد إحساس، لدى من سمعوا ما قاله زعيم إيران الجديد، بأن مستقبل العلاقات بين «إيران الثورة» والدول العربية القريبة والبعيدة؛ وفي مقدمتها دولة العراق التي كان يحكمها حزب البعث بقيادة الرئيس الأسبق صدام حسين، لن يكون مريحاً، والبعض قال إن الحرب بين إيران «الخمينية» وبلاد الرافدين «البعثية» باتت متوقعة في أي لحظة.
ولعل من المفترض أنه معروف أن العراق قد بادر إلى إعلان الحرب على إيران، التي كانت تستعد لاختراق حدوده واحتلال مدن الأماكن الشيعية «المقدسة»، من قبيل ما يسمى: «الدفاع الإيجابي»، أي الذهاب للخصم في عقر داره قبل أن يصل هو إليك في عقر دارك، وهكذا فقد كانت حرب الأعوام الثمانية التي انتهت بوقف لإطلاق النار قال الخميني إنه تجرعه كـ«تجرع السم الزعاف»!!.
وهكذا؛ فإن تجرع الخميني وقف إطلاق النار مع العراق كتجرع السم الزعاف، قد دفعه ودفع مساعديه الذين كانوا حوله إلى تجنب الحروب «التقليدية» المباشرة؛ إنْ مع هذا البلد العربي، أو مع باقي الدول العربية القريبة والبعيدة، واتباع أسلوب اختراق هذه الدول من الداخل، بالاعتماد - وللأسف - على بعض أتباع المذهب الشيعي الذين كانوا قد بادروا إلى «تسييس» هذا المذهب بعد الثورة الخمينية مباشرة وتحويل «بعضه» في بعض الدول التي يوجد فيها تاريخياً، من مذهب قومي ووطني انخرط في حركات التحرر العربية كلها، إلى بؤر تابعة لـ«الولي الفقيه» أصبحت مع الوقت تشكل قواعد عسكرية تابعة لـ«حراس الثورة» وكما هو عليه الوضع الآن في العراق وسوريا ولبنان والشطر «الحوثي» من اليمن.
ثم، وعلى هذا الأساس، فقد برز هناك ما سمي «الهلال الشيعي» الذي أرادت إيران أن يبدأ طرفه الأول باليمن وينتهي طرفه الثاني بمدينة اللاذقية السورية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط الشمالية الشرقية، مروراً بمعظم دول الخليج العربي وبالطبع بالعراق الذي - وللأسف - بات وضعه هو هذا الوضع الحالي الذي دفع العروبيين العراقيين إلى هذه الانتفاضة الأخيرة، التي حتى وإن هي توقفت أو قد تتوقف، قد وضعت بلاد الرافدين على بداية طريق ستؤدي حتماً إلى التخلص من الهيمنة الإيرانية المباشرة وغير المباشرة... ويقيناً أن هذا سينطبق أيضاً على سوريا وعلى لبنان الذي أصبحت عاصمته الفعلية، وللأسف، ضاحية بيروت الجنوبية وحيث حلَّ «وكر» حسن نصر الله محل قصر الرئاسة التاريخي في بعبدا.
إن المقصود بهذا كله هو أن «طهران الخامنئية»، أو «الخمينية» لا فرق، عندما تلوّح للعرب عموماً ولـ«الأشقاء» في الخليج العربي بـ«البيارق البيضاء» وتسعى إلى هدنة في هذه المنطقة، فإنها تريد عملياً وفعلياً مجرد التقاط مؤقت للأنفاس وإنْ في هيئة هدنة مؤقتة للخلاص مما هي فيه من أوضاع اقتصادية غدت متردية، ومن ضغط داخلي متصاعد تقوم به المعارضة ممثلة في «مجاهدين خلق» بوصفها قوة طليعية، وتقوم به الأقليات القومية التي تسعى إلى الاستقلال كالعرب والكرد والبلوش وأيضاً كالآذريين... وغيرهم.
فماذا يعني هذا؟... إنه يعني أنه لا يجوز إعطاء إيران مثل هذه الفرصة لالتقاط الأنفاس وللانقضاض على المعارضة الداخلية بكل أشكالها وتشكيلاتها القومية والوطنية، فهذا النظام الذي هو صاحب «تقيّة» لا يمكن تصديقه ولا الثقة به، لذلك فالمفترض أن يتواصل الضغط عليه، وأن تتواصل العقوبات الاقتصادية وغير الاقتصادية ضده، فالميوعة السياسية في هذا المجال بالنسبة للذين خرجوا من جلدهم العربي والتحقوا بالحلف «الإخواني» - الإردوغاني الذي تقوده طهران، والذي يضم سوريا بشار الأسد، ولبنان حسن نصر الله، وحركة «حماس» التي أصبحت تابعة لـ«حراس الثورة» الإيرانية مثلها مثل «الحشد الشعبي» ومثل «الفيالق» العسكرية التي يقودها الجنرال قاسم سليماني، تعدّ تآمراً مكشوفاً على العرب والأمة العربية.
ثم إنه إذا كان لا بد من التعاطي مع مطلب «الهدنة» الإيراني، فيجب أن يكون «الشرط» أن تضع طهران حداً لكل هذا التوتير المتصاعد في الخليج العربي، وأن تنسحب نهائياً من العراق وبما فيه «الإقليم» الكردي، ومن سوريا، وأيضاً من لبنان، ومن صنعاء وبعض أجزاء شمال اليمن، وإلا فإنه: «لا يفلُّ الحديد إلا الحديد»، فالنظام الخميني لا يفهم إلا لغة القوة وعلى غرار ما جرى خلال حرب الأعوام الثمانية؛ إذ إنه كان «لا بد مما ليس منه بدُّ».
والمؤكد أنه في مصلحة العرب وفي مصلحة الإيرانيين أن تكون العلاقات العربية - الإيرانية قائمة على أساس حسن الجوار، والمصالح المشتركة، وعدم التطلع نهائياً خلف الحدود؛ لا في اتجاه الشرق ولا في اتجاه الغرب، فعالم اليوم غير عالم الأمس، وهذا يتطلب ألا يكون هناك كل هذه التوترات التي تفتعلها دولة الولي الفقيه في هذه المنطقة التي تواجه في هذه المرحلة توترات كثيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حمائمية» إيران مناورة والتجربة مع طهران شديدة المرارة «حمائمية» إيران مناورة والتجربة مع طهران شديدة المرارة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon