توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الانفتاح» على سوريا... وماذا عن إيران؟!

  مصر اليوم -

«الانفتاح» على سوريا وماذا عن إيران

بقلم : صالح القلاب

كانت سوريا توصف بأنها «قلبُ العروبة النابض»، وكان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر قد استخدم هذا التعبير قبل انهيار الوحدة المصرية - السورية وفشل الجمهورية العربية المتحدة ومجيء حكم الانفصال وبعده حكم حزب البعث الذي يُصرُّ نظام بشار الأسد على أنه لا يزال مستمراً حتى الآن، وحقيقة أنّ هذه مسألة لا يتوقف كثيرون عندها ما دامت أحزاب القرن العشرين العربية «الفعليّة» لم يعدْ لها أي وجودٍ، وأنّ ما يسمّى «الربيع العربي» لم يُسعفها وأيضاً لم يُسعف «الإخوان المسلمين» الذين اعتبروه «ربيعهم»، والذي ثبت أنه خريف أجرد بالنسبة لهم وبالنسبة لغيرهم، وهذه مسألة باتت معروفة ومؤكدة ولا يجادل فيها إلاّ أعمى بصرٍ وبصيرة.
والمفترض هنا أنّ سوريا حتى بوضعها الحالي يجب أنْ تسعى لأخذ ولو بعض دورها السابق، وهذا مع أنّ تقديرات الأمم المتحدة وأيضاً الجامعة العربية ومنظمة العفو الدولية تؤكد أنّ ما بين خمسة آلاف وثلاثة آلاف من أبناء الشعب السوري قد تم إعدامهم في السجون الحكومية السورية، وأنّ نحو مائتين وأربعة وعشرين ألفاً وتسعمائة وثمانية وعشرين قد راحوا ضحايا للنظام السوري، وأنّ من شُردّوا في وطنهم يصل عددهم إلى نحو ستة ملايين، وهذا غير الذين هاجروا إلى الخارج، وأن الذين قتلوا منذ عام 2011 يتجاوز عددهم الـ387 ألفاً، وأنّ عدد الذين جرى اعتقالهم، وحسب صورهم، أحد عشر ألفاً، وهذا حتى عام 2013.
ثم إنّ مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد أعلن، أنه منذ عام 2014 وصل عدد القتلى فيما سمّاه «الحرب السورية» إلى 209350، من بينهم سبعة وعشرون ألف طفلٍ، وهذا في الصراع على مدى عشرة أعوام، وأنه خلال أسبوعين فقط قد هاجر سبعة وأربعون ألف سوري إلى خارج وطنهم، وهذا جعل الخارجية الأميركية تؤكد أنّ واشنطن لا تملك أي خططٍ من أجل تطبيع وتطوير العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، والمعروف أنها قد بادرت لاحقاً إلى رفض أي علاقات مع دمشق.
وهنا، ورغم هذا كله، فإنه يجب الأخذ في عين الاعتبار أن هناك دعوات عربية مؤخراً للانفتاح على دمشق والتعاون معها؛ مما يعني أنه إذا كان لا بدّ مما لا بد منه؛ فإنه يجب أنْ يتمَّ إخراج كل القوى الخارجية الوافدة التي هي بالإضافة إلى ميليشيا «حزب الله» (الإيراني)... القوات الإيرانية والقوات الروسية، وأيضاً القوات الإسرائيلية... والتركية من سوريا، وهذا يعني حسب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، «أن السلام في سوريا مرتبطٌ بروسيا وتركيا»!
ويبدو أنّ هذه الأوضاع التي تحيط بسوريا من كل جهة ومن كل جانبٍ تجعلها وقبل الانفتاح على أي دولة عربية، سواءً أكانت قريبة أم بعيدة، مضطرة إلى أن تتخلص من كل هذه التدخلات في شؤونها الداخلية، أي خروج القوات التركية والميليشيات الإيرانية، وأيضاً من احتلال أكراد تركيا، وإلّا فإنها ستكون عبئاً على أي دولة عربية تقيم علاقات معها، وسواءً أكانت محاددة وقريبة أو بعيدة، وبخاصة أن الواضح أن كل هذا الوجود الخارجي العسكري في هذا البلد العربي، أي «القطر العربي السوري» لا رحيل له ما دام أنّ مثل هذا القرار في يد غيرها... وأغلب الظن هنا، أنّ الرئيس إردوغان الذي يُعدّ أنه لاعب رئيسي في هذه المنطقة قد تخلّى عن طموحاته السابقة، وأنه تخلّى أيضاً عن «الإخوان المسلمين» الذين كان يهدّد بهم دول المنطقة، ومن بينها سوريا، وذلك لإعادة العلاقات التركية مع مصر.
إنه لا خطأ إطلاقاً في الانفتاح العربي على سوريا، لكنّ المشكلة هي أنّ قرار هذا البلد المهم والتاريخي منذ زمن الأمويين وحتى الآن ليس في يده، وأنّ هناك من بات يتدخل في عددٍ من الدول العربية، من بينها العراق و«القطر العربي السوري» حسب مصطلحات حزب البعث الذي لم يبقَ له أثر حتى في الدول التي كان يحكمها، وتركيا وأيضاً وروسيا التي لا قرار إلّا قرارها وقرار رئيسها فلاديمير بوتين حتى بالنسبة للعاصمة السورية دمشق.
وأيضاً، وفوق هذا كله، فإنّ الولايات المتحدة، التي هي اللاعب الرئيسي في هذه المنطقة الشرق أوسطية كلها، قد تراجعت عن قرارها السابق في دعم الانفتاح الاقتصادي والسياسي العربي على سوريا، وهذه مسألة يجب التوقف عندها طويلاً؛ لأنّ الأميركيين يعرفون أنّ الدولة السورية، عملياً وفعلياً، هي دولة محتلة، وأنّ قرارها في يد من بات يتدخل تدخلاً سافراً في عددٍ من الدول العربية..
وأيضاً، فإنّ المؤكد والمعروف هو أنّ العرب، ومن دون أي استثناء، يضعون سوريا والشعب السوري الشقيق في قلوبهم وفي عيونهم، ولكن المشكلة هنا هي أنّ قرار هذا البلد العربي ليس في يده، وإنما في يد غيره وكما هو واقع الحال بالنسبة للعراق ولبنان (ضاحية بيروت الجنوبية ولبنان الجنوبي والبقاع)، وأيضاً الجزء «الحوثي» من اليمن؛ مما يعني أنّ أي انفتاحٍ عربي على هذا البلد هو انفتاحٌ على طهران...
وهكذا، ما سبق يتطلب أنْ يكون هناك موقف عربي موحد تجاه هذه المستجدات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الانفتاح» على سوريا وماذا عن إيران «الانفتاح» على سوريا وماذا عن إيران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon