توقيت القاهرة المحلي 21:02:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الانفتاح» على سوريا... وماذا عن إيران؟!

  مصر اليوم -

«الانفتاح» على سوريا وماذا عن إيران

بقلم : صالح القلاب

كانت سوريا توصف بأنها «قلبُ العروبة النابض»، وكان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر قد استخدم هذا التعبير قبل انهيار الوحدة المصرية - السورية وفشل الجمهورية العربية المتحدة ومجيء حكم الانفصال وبعده حكم حزب البعث الذي يُصرُّ نظام بشار الأسد على أنه لا يزال مستمراً حتى الآن، وحقيقة أنّ هذه مسألة لا يتوقف كثيرون عندها ما دامت أحزاب القرن العشرين العربية «الفعليّة» لم يعدْ لها أي وجودٍ، وأنّ ما يسمّى «الربيع العربي» لم يُسعفها وأيضاً لم يُسعف «الإخوان المسلمين» الذين اعتبروه «ربيعهم»، والذي ثبت أنه خريف أجرد بالنسبة لهم وبالنسبة لغيرهم، وهذه مسألة باتت معروفة ومؤكدة ولا يجادل فيها إلاّ أعمى بصرٍ وبصيرة.
والمفترض هنا أنّ سوريا حتى بوضعها الحالي يجب أنْ تسعى لأخذ ولو بعض دورها السابق، وهذا مع أنّ تقديرات الأمم المتحدة وأيضاً الجامعة العربية ومنظمة العفو الدولية تؤكد أنّ ما بين خمسة آلاف وثلاثة آلاف من أبناء الشعب السوري قد تم إعدامهم في السجون الحكومية السورية، وأنّ نحو مائتين وأربعة وعشرين ألفاً وتسعمائة وثمانية وعشرين قد راحوا ضحايا للنظام السوري، وأنّ من شُردّوا في وطنهم يصل عددهم إلى نحو ستة ملايين، وهذا غير الذين هاجروا إلى الخارج، وأن الذين قتلوا منذ عام 2011 يتجاوز عددهم الـ387 ألفاً، وأنّ عدد الذين جرى اعتقالهم، وحسب صورهم، أحد عشر ألفاً، وهذا حتى عام 2013.
ثم إنّ مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد أعلن، أنه منذ عام 2014 وصل عدد القتلى فيما سمّاه «الحرب السورية» إلى 209350، من بينهم سبعة وعشرون ألف طفلٍ، وهذا في الصراع على مدى عشرة أعوام، وأنه خلال أسبوعين فقط قد هاجر سبعة وأربعون ألف سوري إلى خارج وطنهم، وهذا جعل الخارجية الأميركية تؤكد أنّ واشنطن لا تملك أي خططٍ من أجل تطبيع وتطوير العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، والمعروف أنها قد بادرت لاحقاً إلى رفض أي علاقات مع دمشق.
وهنا، ورغم هذا كله، فإنه يجب الأخذ في عين الاعتبار أن هناك دعوات عربية مؤخراً للانفتاح على دمشق والتعاون معها؛ مما يعني أنه إذا كان لا بدّ مما لا بد منه؛ فإنه يجب أنْ يتمَّ إخراج كل القوى الخارجية الوافدة التي هي بالإضافة إلى ميليشيا «حزب الله» (الإيراني)... القوات الإيرانية والقوات الروسية، وأيضاً القوات الإسرائيلية... والتركية من سوريا، وهذا يعني حسب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، «أن السلام في سوريا مرتبطٌ بروسيا وتركيا»!
ويبدو أنّ هذه الأوضاع التي تحيط بسوريا من كل جهة ومن كل جانبٍ تجعلها وقبل الانفتاح على أي دولة عربية، سواءً أكانت قريبة أم بعيدة، مضطرة إلى أن تتخلص من كل هذه التدخلات في شؤونها الداخلية، أي خروج القوات التركية والميليشيات الإيرانية، وأيضاً من احتلال أكراد تركيا، وإلّا فإنها ستكون عبئاً على أي دولة عربية تقيم علاقات معها، وسواءً أكانت محاددة وقريبة أو بعيدة، وبخاصة أن الواضح أن كل هذا الوجود الخارجي العسكري في هذا البلد العربي، أي «القطر العربي السوري» لا رحيل له ما دام أنّ مثل هذا القرار في يد غيرها... وأغلب الظن هنا، أنّ الرئيس إردوغان الذي يُعدّ أنه لاعب رئيسي في هذه المنطقة قد تخلّى عن طموحاته السابقة، وأنه تخلّى أيضاً عن «الإخوان المسلمين» الذين كان يهدّد بهم دول المنطقة، ومن بينها سوريا، وذلك لإعادة العلاقات التركية مع مصر.
إنه لا خطأ إطلاقاً في الانفتاح العربي على سوريا، لكنّ المشكلة هي أنّ قرار هذا البلد المهم والتاريخي منذ زمن الأمويين وحتى الآن ليس في يده، وأنّ هناك من بات يتدخل في عددٍ من الدول العربية، من بينها العراق و«القطر العربي السوري» حسب مصطلحات حزب البعث الذي لم يبقَ له أثر حتى في الدول التي كان يحكمها، وتركيا وأيضاً وروسيا التي لا قرار إلّا قرارها وقرار رئيسها فلاديمير بوتين حتى بالنسبة للعاصمة السورية دمشق.
وأيضاً، وفوق هذا كله، فإنّ الولايات المتحدة، التي هي اللاعب الرئيسي في هذه المنطقة الشرق أوسطية كلها، قد تراجعت عن قرارها السابق في دعم الانفتاح الاقتصادي والسياسي العربي على سوريا، وهذه مسألة يجب التوقف عندها طويلاً؛ لأنّ الأميركيين يعرفون أنّ الدولة السورية، عملياً وفعلياً، هي دولة محتلة، وأنّ قرارها في يد من بات يتدخل تدخلاً سافراً في عددٍ من الدول العربية..
وأيضاً، فإنّ المؤكد والمعروف هو أنّ العرب، ومن دون أي استثناء، يضعون سوريا والشعب السوري الشقيق في قلوبهم وفي عيونهم، ولكن المشكلة هنا هي أنّ قرار هذا البلد العربي ليس في يده، وإنما في يد غيره وكما هو واقع الحال بالنسبة للعراق ولبنان (ضاحية بيروت الجنوبية ولبنان الجنوبي والبقاع)، وأيضاً الجزء «الحوثي» من اليمن؛ مما يعني أنّ أي انفتاحٍ عربي على هذا البلد هو انفتاحٌ على طهران...
وهكذا، ما سبق يتطلب أنْ يكون هناك موقف عربي موحد تجاه هذه المستجدات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الانفتاح» على سوريا وماذا عن إيران «الانفتاح» على سوريا وماذا عن إيران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon