توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مخطط الضم والوهم الإسرائيلي

  مصر اليوم -

مخطط الضم والوهم الإسرائيلي

بقلم: صالح القلاب

غير معروف على وجه اليقين ما إذا كان الذين تظاهروا في تل أبيب، وعددهم كما قيل بلغ قرابة 1000 شخص، ضد مخطط الحكومة الإسرائيلية لضم مزيدٍ من الأراضي الفلسطينية، جميعهم ممن نسميهم عرب عام 1948 أمْ أنّ هناك «يهوداً» يشاركونهم، وهذا متوقعٌ وغير مستبعد، من حركة «السلام الآن» التي تناهض السياسات التي تتبعها قوى اليمين الإسرائيلي، التي يتزعمها الآن أسوأ اثنين في إسرائيل؛ الأول هو بنيامين نتنياهو، والثاني هو جنرال «أزرق - أبيض» بيني غانتس، الذي يصفه بعض الإسرائيليين بأنه «بلا لون ولا طعم ولا رائحة»!!

وحسب ما بقي يقال، ووفقاً لاتفاق نتنياهو وغانتس على تشكيل حكومة جديدة، كان قد تعذر تشكيلها لفترة سابقة طويلة، فإنّ ما يجمع هذين الاثنين هو معاداة الشعب الفلسطيني والأمة العربية بصورة عامة، وهما مع ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، حيث إن هذا الضم، الذي من المتوقع أن يبدأ بعدما تتشكل هذه الحكومة الجديدة، وهذا إنْ هي شكلّت، سيصل إلى ما يزيد على 30 في المائة من الضفة الغربية، وبخاصة الجزء الغربي من غور الأردن، والمستوطنات الإسرائيلية كلها، والمعروف أنّ «الدولة الصهيونية» قد أقامت منذ احتلال عام 1967 أكثر من 132 مستوطنة، وأن هناك توجهاً لإقامة 121 مستوطنة جديدة.

والمعروف، وهذا غير مستغرب، أنّ الإدارة الأميركية التي على رأسها دونالد ترمب، والتي وزير خارجيتها مايك بومبيو، قد أبدت حماساً لتأييد ومساندة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية كافة لحسابها، وأن الرئيس الأميركي، كما هو معروف، قد أعلن «ضم» القدس الموحدة لتكون عاصمة للدولة الإسرائيلية، وهذا هو ما فعله بالنسبة لهضبة الجولان السورية، وذلك في حين اعتبر وزير خارجيته أن ضم الإسرائيليين لجزء من «أغوار الأردن» هو... مسألة إسرائيلية.

ولعلّ ما هو أكثر من سذاجة سياسية أنّ بومبيو باعتبار أنه وزير خارجية الولايات المتحدة والناطق الرسمي باسمها، وأنه الأقرب إلى الرئيس دونالد ترمب، قد ذهب بعيداً في تحدي الشعب الفلسطيني والعرب كلهم، والمسلمين بأسرهم، وكل من تهمه هذه القضية المقدسة «العادلة»، وهم كثرٌ بالطبع، عندما ادّعى «الواقعية» وطالب بالاعتراف بالمتغيرات التي أدخلتها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة في القدس الشرقية، والتعامل معها كمسلّمات.

وبالطبع، فإن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي يبدو أنه هو ودولته في وادٍ والعالم كله في وادٍ آخر، قد توجه إلى زميله وزير الخارجية الأميركي، الذي بات مؤكداً وواضحاً أنه ينظر إلى هذه الأمور بعين واحدة، هي عين وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي ديان، بالشكر على إعلانه عن شرعية المستوطنات «في يهودا والسامرة». وأضاف، أي مايك بومبيو: «إنه لا يوجد جدال في حق الشعب الإسرائيلي في أرضه»... والواضح هنا أنّ هذا كله قد جاء رداً على حكم المحكمة الأوروبية ضد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ومقاطعة وحظر منتجاتها في دول الاتحاد الأوروبي كلها.

وحقيقةً، أنه في هذا المجال لا بد من التوجه بالشكر الجزيل إلى كل من بريطانيا وفرنسا لإصدارهما «تحذيراً» مشتركاً بأنّ هذا الذي تفعله إسرائيل سيؤجج مزيداً من العنف في هذه المنطقة، وهنا، فإنّ الواضح، بل المؤكد أنّ الإدارة الأميركية لا تدرك أنّ الشرق الأوسط كله، الذي هو منطقة مصالح أميركية «إستراتيجية» قد أصبح منطقة ملتهبة، وأنّ الأميركيين ما عادوا قادرين على البقاء والاستمرار في العراق، ولا في سوريا بالطبع، ولا في اليمن، ولا في ليبيا، وإنْ لم يتداركوا أنفسهم بسرعة ويتخلوا عن كل هذه السياسات الحمقاء التي يتعاملون بها بالنسبة للقضية الفلسطينية، وبالنسبة للعديد من القضايا المتعلقة بالصراع العربي – الإسرائيلي، فإنهم يقيناً خارجون من هذه المنطقة لا محالة... وهكذا فإنّ عليهم أنْ يدركوا أنّ الصينيين قادمون، وأنّ معادلات ما بعد الحرب العالمية الثانية قد تغيرت، وأنّ هناك «زمناً» جديداً، وأنّ لكل زمان دولة ورجالاً!!

والواضح، وهذا يجب أن يقال، بدون أي تردد، أنّ عالم الأمس القريب لم يعد عالم اليوم، وأنّ هناك وضعية دولية جديدة، وكما أن «انكماش» بريطانيا وفرنسا قد أفسح المجال للولايات المتحدة، لتصبح قائدة العالم كله وصاحبة القرار الأول والأخير فيه، فإن الواضح أنّ هذه المعادلة، مع وجود هذه الإدارة «البائسة» فعلاً، وأيضاً بسبب متغيرات كونية كثيرة، قد تغيرت، أو هي آخذة بالتغيير. وحقيقةً إننا عندما نقول إن «الصينيين» قادمون، فإننا لا نبالغ إطلاقاً، وهذا يعرفه الأوروبيون كلهم، ومعهم الروس، ويعرفه كل الذين في رؤوسهم عقول في الكرة الأرضية!!

إنه على الأميركيين، وعلى الإسرائيليين أيضاً، أنْ يتذكروا أن بريطانيا العظمى، التي لم تكن تغرب الشمس عن أملاكها، ومن بينها الولايات المتحدة الحالية، قد انتهت إلى «الانكماش» على نفسها، وأنه أصبح ينطبق عليها «وصف» الرجل المريض، وحقيقة أن أميركا... التي كنا نحبها، رغم كل شيء، من الواضح أنها قد بدأت بالانحدار، وأنها اقتربت من أن تصبح رجلاً مريضاً، وأنها عندما تصبح حصاناً هزيلاً وهرماً لا دور له فعلياً إلا جرّ العربة الإسرائيلية، فإنّ هذا يعني أن أمجاد هذه الدولة، التي بقيت تقود العالم من وراء بحور الظلمات، قد اقتربت من التراجع، وأنّ «لكل زمان دولة ورجالاً»، وأنّ أحفاد «ماو تسي تونغ»... قادمون!!

ثم بالمقدار ذاته، فإنه على الإسرائيليين، الذين يرضون أن يكون بنيامين نتنياهو، هذا الذي تطارده تهم السرقات والفساد، قائداً لهم، أنْ يدركوا أن «زمن أول حوّل» وأن المعادلات الكونية باتت على طريق التغيير، وأنّ الولايات المتحدة لم تعد قادرة على أن تكون طفلها المدلل، وأنه من الأفضل لها أن تتخلى عن الأوهام، وأن تكون جزءاً من نسيج هذه المنطقة، وبخاصة أن «كورونا» قد كشفت حقائق كثيرة، وأنها قد أظهرت كل عيوب الدول الأوروبية كلها، ربما باستثناء ألمانيا، وأن الولايات المتحدة قد أكدت بكل جدارة «أنها نمرٌ من ورق»!!

وعليه، بكل صراحة وصدق، فإنه على العرب العاربة، وليس «المستعربة»، أن يدركوا هذه الحقائق كلها، وأن الذئب أول ما يأكل «الشاة المطرفة»، وأنه على «خيارهم» أن يعيد النظر بالمعادلات الكونية المستجدة كلها، وألا يبقوا يراهنون على حصان خاسر، والمعروف أنّ الرهان «كونياً» كان على بريطانيا العظمى التي أصبحت على ما هي عليه الآن، وأنه على الولايات المتحدة أن تنبه المصابين بعمى الألوان عندها إلى أن الاتحاد السوفياتي الذي كان يوصف بأنه «عظيم» قد ثبت أنه أوهى من «خيوط العنكبوت»، ما يعني أنه من الضروري أن يعاد التدقيق في المعادلات الدولية الحالية كلها، وأنه لا يجوز الرهان على حصان خاسر... أثبتت جائحة «كورونا» أن استمرار الرهان عليه سيكون ثمنه خسائر فادحة، في المجالات كلها.

وهكذا، وفي النهاية، فإنه يجب ألا نترك الفلسطينيين وحدهم، والمثل يقول: «إنما يستهدف الذئب... أو الذئاب الشاة المطرفة»، وإنه علينا أن ندرك معنى أن يهدد الأخ محمود عباس (أبو مازن) بإلغاء كل الاتفاقات الفلسطينية مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهذا يعني أن المفترض أن يكون هناك تهديد مماثل من العرب، وتحديداً من قبل مصر الشقيقة، ومن قبل الأردن، ما ينطبق عليه ما كان قاله طارق بن زياد لجيشه بعد العبور من أفريقيا إلى أوروبا: «البحر من ورائكم والعدو من أمامكم»، وليس لكم والله إلا الشجاعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخطط الضم والوهم الإسرائيلي مخطط الضم والوهم الإسرائيلي



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon