توقيت القاهرة المحلي 10:54:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضرورة «القمة العربية»!

  مصر اليوم -

ضرورة «القمة العربية»

صالح القلاب
بقلم - صالح القلاب

حتى لا يتنازع المتصارعون في هذه المنطقة، العالم العربي بغربه وشرقه، فإن المفترض أن تكون هناك مبادرة لعقد قمة عربية عاجلة في القاهرة، ليس لمن سيحضر، وإنما بغالبية القادة العرب، وهذا إن ليس بالإمكان حضورهم كلهم، فحقيقة أنه إن بقيت الأوضاع على ما هي عليه الآن، فإن الخوف كل الخوف أن يتفرق أبناء هذه الأمة «أيدي سبأ» كما يقال... وعلى غرار ما كان قد جرى مرات سابقة متعددة.
الآن هناك انقسام دولي، أو عالمي، لا فرق، والواضح أن البعض ينتظر أنْ يكون هناك انقسام عربي بين هذين المعسكرين المتصادمين؛ المعسكر الذي تقوده وعلى رأسه روسيا «الاتحادية»، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، والمعسكر الآخر الذي ضم المجموعة التابعة للولايات المتحدة، التي توصف بأنها ملحقة بـ«حلف الناتو».
وبالتأكيد، وكما جرت العادة، فإن هذين المعسكرين المتصارعين اللذين قد أصبح بينهما «ما صنع الحداد»، كما يقال، سيحاولان، لا بل إن البعض يقول إنهما قد حاولا فعلاً، تقاسم الدول العربية، ووفقاً لما كانت عليه فترة صراع المعسكرين، المعسكر الغربي الأميركي بقيادة الولايات المتحدة، والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي الذي كانت تتبع إليه وملحقة به دول أوروبا الشرقية كلها التي كانت توصف لدى البعض بأنها «المنظومة الاشتراكية»، والتي كانت بعض دول أوروبا الشرقية تحاول الانفلات منها... ومن بينها كما كان يتردد، وإن شكلياً، يوغوسلافيا في عهد ذلك القائد المرموق الجنرال جوزيف تيتو.
وحقيقة أنه ما كان بإمكان أي من دول المنظومة الشرقية هذه الإفلات من قبضة الاتحاد السوفياتي، الذي قد أصبح بعد كل تلك الانهيارات التكوينية والسياسية التي ضربت دول أوروبا الشرقية كلها بعد ذلك الزلزال الذي فرق الكتلة الشيوعية أو الاشتراكية لا فرق، وأنهاها نهائياً، وباتت هناك كل هذه الدول التي قد تخلت عن انحيازها السابق، والتحقت بالغرب الرأسمالي، ودفنت في سراديب عميقة كل المجلدات الماركسية - اللينينية... ومعها صور «رفاق الأمس»، على رأسهم كارل ماركس وجوزيف ستالين، وبالطبع فلاديمير لينين، وكل المجلدات والكتب التي كان يتغنى بها الماركسيون واللينينيون، ومعهم بعض «المتمركسين» من بعض الأحزاب والتشكيلات القومية التي كانت تتباهى بأنها: ماركسية - لينينية!!
والمهم، وبما أن الصراع، بعد كل هذه التحولات التاريخية، قد بات كما هو واقع الحال الآن بين روسيا الاتحادية بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، وبين ما أصبح يسمى «المعسكر الشرقي»، وما يسمى «المعسكر الغربي»، أي حلف شمال الأطلسي، الذي يضم دولاً تتبع إلى الولايات المتحدة تبعية إلحاقية... وبدون لا خجل ولا وجل كما يقال!!

وهكذا فإن المقصود، لا بل المطلوب، هو أن لا يستعيد العرب تجربتهم السابقة تلك، وأنْ لا تكون هناك كتلة عربية «تلهث» وراء الشرق، وكتلة أخرى تلهث وراء الغرب، ولهذا فإنه من الضروري أن تكون للعرب كتلتهم الخاصة بهم، وأن تكون هناك قمة عربية تنهي هذا التشرذم الحالي كله، وهنا وإذا أردنا الحقيقة، فإن هذه مسألة إنْ هي ليست متعذرة، كما يقول البعض، فإنها وفي الأحوال كلها في غاية التعقيد والصعوبة!!
وبالطبع، ووفقاً لواقع الحال، فإن هناك من يرى أنه من غير الممكن «لملمة» الحال ووضع حد لهذا التشرذم العربي... وذلك مع أنه قد كانت هناك بعض المستجدات الواعدة، وإن ما اتخذته دولة الإمارات العربية تجاه كل هذه المستجدات الإقليمية الأخيرة يدل على أن هذه الأمة... أمة خيرة، وأنها عندما يلزم اللزوم، كما يقال، تبادر إلى وقفة واحدة... وهذا كان قد حدث في حرب عام 1967 التي كانت وفي الأحوال كلها حرباً قومية فعلية.
والمؤكد لا بل والمفترض أن ما لا خلاف عليه هو أن العرب حتى في التاريخ البعيد كانوا يتناسون خلافاتهم وضغائنهم في الملمات، ويقفون وقفة واحدة، وهذا كان قد حصل مرات عديدة في التاريخ البعيد والقريب، ولهذا وعليه فإنه لا بد من أن تكون هناك طليعة عربية تأخذ هذه الأمور والمبادرات بيدها، وهنا فإن البعض يؤكد في هذا المجال على المملكة العربية السعودية ومصر، وبالطبع الأردن والجزائر والمملكة المغربية... وأيضاً العراق وسوريا وليبيا واليمن... وذلك لو أن الأمور تقف على هذا كله على نحو مؤكد.
وعليه فإنه وفي الأحوال كلها لا بد من أن تكون هناك اتصالات تمهيدية، وأنْ يتم طرح هذا الموضوع المهم جداً في هذه المرحلة التاريخية التي هي ليست صعبة وفقط، لا بل إنها في غاية الصعوبة، ومع الأخذ في عين الاعتبار ألا يكون هناك تجاوز لأي دولة عربية لا صغيرة... وبالطبع ولا كبيرة، فلملمة هذه الأوضاع تحتاج إلى عمل دؤوب ومتواصل، وعلى أنْ لا يكون هناك أي استثناء لأي دولة لا صغيرة ولا كبيرة... ولا آسيوية ولا أفريقية... ولا إذا كانت هناك مجموعة قومية متماسكة في آخر جغرافيا الكرة الأرضية.
والضروري هو أنْ لا تكون هناك قفزات عاجلة، وهذا لأن المثل العربي الشهير يقول: «في العجلة الندامة وفي التأني السلامة»، وأن قطع طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، ولذلك وعندما تكون هناك دعوة لقمة عربية، فإنه لا بد من قطع هذا الطريق الطويل... خطوة... بعد خطوة، وليس بقفزة «انتحارية» واحدة.
إنه من الصعب قطع هذا الطريق الشائك، لا في خطوة واحدة وحتى ولا في عشرات الخطوات، لكن وبالإصرار والنيات الحسنة والطيبة، ومع الوقت، فإنه بالإمكان الوصول إلى الهدف المطلوب، فالعرب في بدايات القرن العشرين والقرن الذي قبله كانوا في حقيقة الأمر في أوضاعٍ مأساوية بالفعل، وكانت معظم دول العالم العربي ومن المحيط إلى الخليج ليست في أيدي أهلها، وكانت السيطرة عليها للدول الاستعمارية (فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وغيرها»، وكان البريطانيون في تلك المرحلة قد أعطوا ما لا يملكون إلى من لا يستحقون.
وهكذا فإنه لا بد من لملمة الوضع العربي بالسعي الدؤوب لعقد قمة عربية، وبالتفاهم المنشود، وبدون استثناء ولا دولة واحدة، فالمعروف وفقاً للتاريخ العربي، وحقيقة وحتى الآن، أن أكبر وأخطر نزاعٍ بين دولهم الكبيرة والصغيرة كان ولا يزال ينتهي بتبادل «تبويس اللحى»، وهذا هو ما يميز أبناء هذه الأمة العظيمة حقاً عن غيرهم، إنْ قبل الإسلام العظيم وإنْ بعده... وحتى الآن... حتى هذه اللحظة التاريخية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضرورة «القمة العربية» ضرورة «القمة العربية»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon