توقيت القاهرة المحلي 04:59:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوريا... الرقم الرئيسي في المعادلة العربية!

  مصر اليوم -

سوريا الرقم الرئيسي في المعادلة العربية

بقلم - صالح القلاب

خلافاً لكل ما قالته وروّجته الولايات المتحدة وغيرها بالنسبة لزيارة الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة إلى دولة الإمارات، التي وصفت بأنها خاطفة، والتي لم ينبس أثناءها علناً ولو بكلمة واحدة، فإنه عندما يقال ويتردّد أنّ البحث قد تناول وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية من سوريا ودعم شعبها الشقيق سياسياً وإنسانياً فإنّ هذا يعني أنّ ما جاء به رئيس سوريا هو الاستنجاد بالعرب لاستعادة وحدة الأراضي السورية التي باتت غائبة غياباً تاماً والتي تحتاج استعادتها إلى جهود «مضنية» وإلى دعم عربي فعليّ إن لم يكن من الأمة العربية فمن بعض دولها على الأقل!!

لقد جاء الإيرانيون إلى سوريا، كما جاءوا إلى العراق، كغزاةٍ مارقين وأنهم بقوا يراقبون المشهد السوري من دون أن يأخذوا بعين الاعتبار أنّ إسرائيل قد احتلت هضبة الجولان السورية ومن شواطئ بحيرة طبريا في الغرب وحتى أطراف عاصمة الأمويين في الشرق، وهذا يعني أنّ أرتال قوات دولة الولي الفقيه قد اخترقت هذا البلد العربي من الشرق إلى الغرب وتوقفت بعد تجاوز دمشق لتترك الإسرائيليين الغزاة يلحقون هذا الجزء العزيز من العالم العربي بهم وبدون أن تصدر عن الذين يرفعون شعار: «أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة» حتى ولو كلمة اعتراض واحدة.
ربما أنّ هناك من يرى أنّ هذا غير مهمٍ رغم أهميته ليس للشعب السوري الشقيق، حقاً وفعلاً، وإنما للأمة العربية كلها، إنْ في أفريقيا وإنْ في آسيا، والحقيقة أنه عندما تصل الأمور إلى أن يكون هناك كل هذا الصمت إنْ ليس لدى العرب كلهم، الذين من بينهم طيبون كثر، فمن بعضهم على الأقل، فإنّ هذا يعني أنه من حق الرئيس السوري بشار الأسد، رغم تجاوزاته وأخطائه الكثيرة أن يبحث عن الاستنجاد في الخليج العربي وألا يصرح وهو يقف مكتوف اليدين حتى ولو بكلمة واحدة تحاشياً لأن تثار ضدّه «الثعابين» المتربصة بالأمة العربية.
ويقيناً أنّ بشار الأسد عندما ذهب إلى الخليج العربي، فارعاً دارعاً، كما يقال، فإنه لم يكن يريد لا خيلاً ولا مالاً وأنه أراد أن يؤكد لأشقائه الأقربين والمقربين منهم، الذين اعتادوا على التعاطي مع حتى القضايا العربية الخطيرة بالصمت الفعال، بأن سوريا «الأموية» التي كانوا يعرفونها لم تعد موجودة، وأنها باتت مشرذمة وممزقة... وأنّ «قاسيون» الذي واصل إطلالته على «الفيحاء» منذ بداية التاريخ وحتى الآن قد بات يخجل من نفسه وهو يرى أنّ العدو الصهيوني يبادر إلى ابتلاع هضبة الجولان من ضواحي دمشق وحتى شواطئ بحيرة طبريا التي كانت قد شهدت كل مراحل العبور العربي إلى فلسطين.
وهكذا فإن بشار الأسد عندما يقف صامتاً ومكتوف اليدين لدى أشقائه الأقربين الذين يعيشون همومه وهموم سوريا وهموم الأمة العربية كلها بالفعل، فإنه أراد أن يقول بالصمت ما لا يقال بالصوت المرتفع، وإنه أراد أن يبلغ الأمة العربية بأن هذه الدولة الأموية التاريخية بات يهددها التشظّي والزوال، وهنا فإنه غير صحيح وعلى الإطلاق أنه قد ذهب إلى الخليج كمبعوثٍ إيرانيٍ ومع العلم أن الإيرانيين لا يريدون أن يكون أي عربي مبعوثاً لهم وأن وجودهم في هذه المنطقة «كأشقاء» بقي مستمراً ومتواصلاً على مدى حقب التاريخ... وهذه حقائق بقيت معروفة وهي من الواضح أنها ستستمر طالما أن الخليج العربي باقٍ وإن بقاءه لن يزول بإذن الله وبعزيمة أبنائه وأهله.

وهنا ومرة ثانية وثالثة وألفاً أنّ الإيرانيين قد جاءوا إلى العراق وسوريا للسلب والنهب ووفقاً لما بssقي يفعله الغزاة «والنهّابون» على مدى حقب التاريخ، وأن هذا إن لم يقله حتى بشار الأسد علناً فإنه وبالتأكيد قد قاله في الغرف المغلقة... وإلّا ما معنى أن يقف رئيس هذه «الدولة» التي وعلى أي حال من المفترض أنها ترث تاريخ الأمويين «مكتوفاً» ولا يصرح حتى بكلمة واحدة وكأنه يقول لذاته ويهمس إليها بذلك البيت من الشعر العربي الجميل:
السيف أصدق أنباءً من الكتب
في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعب
والمهم أنّ بشار الأسد لم يأتِ إلى الخليج العربي... إلى الإمارات العربية تحديداً لا كموفدٍ إيراني... ولا كعابر سبيلٍ لا بل إنه قد جاء إلى هذا البلد العربي الطيب ليبلغ العرب كلهم أنّ سوريا لم تعد هي سوريا التي تعرفونها وأنها باتت دولةً «مهشَّمةً» وممزّقة... وأيضاً وجائعةً، وأنّ أكثر من سبعة ملايين من أهلها قد غادروها لينتشروا في دنيا الله التي لم تعد واسعة كما كانت، وأنها قبل الأكل والشرب والدواء بحاجةٍ إلى استعادة ماضيها... أي إلى وحدتها وتماسكها وهذا يجب أنْ لا يكون مستغرباً من رجلٍ لا تزال يداه ملطختين بدماء السوريين... وحكم والده حافظ الأسد لنحو نصف قرن بالحديد والنار... وباغتيال قادة سوريا «العظام» في «الزنازين» المعروفة وغير المعروفة.
إنّ هذا البلد العربي التاريخي العظيم قد بات ممزقاً وجائعاً ويخضع لاحتلالات كثيرة ربما أسوأها الاحتلال الإيراني بعد الاحتلال الإسرائيلي على سوئه ولذلك فإن الأهم لا بل إنّ الأكثر أهمية أن يستعيد وحدته وأن يستعيد أهله وأن يبدأ بدايةً جديدة... وحقيقةً أنّ هذا الواقع المؤلم كانت مرّت به العديد من الدول العربية وهذا إن ليس كلها... والمعروف أنّ الجزائر، جزائر النضال والشهداء، قد بقيت مصادرةً ومحتلةً من المحتلين الفرنسيين لأكثر من مائة واثنين وثلاثين عاماً... وها هي قد نهضت نهوضاً عظيماً وباتت في طليعة ليس دول العالم الثالث وإنما في طليعة ما يسمى العالم الأول الذي قد تراجعت بعض دوله وأصبحت تركض خلف حركة التاريخ.
وعليه هنا فإننا عندما نعود إلى سوريا التي أصابها ما أصاب عدداً من الدول العربية فإننا نجد أن ما تحتاجه في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة هو أن تستعيد وحدتها قبل كل شيء وأن تستردَّ تماسكها وحقيقةً أنّ هذا الأمر يحتاج إلى جهودٍ مضنيةٍ بالفعل... أولاً من قبل من بقوا في وطنهم من السوريين وثانياً من قبل الدول العربية المعنية القريبة والبعيدة، والمؤكد هنا أنّ هذه المسألة ليست سهلةً على الإطلاق لا بل إنها في غاية الصعوبة وهي تحتاج إلى فترة طويلة... وإلى إسناد عربي جدي وبخاصة من قبل الدول العربية... ومن قبل دول الخليج العربي التي بقيت تشكل «سنداً» حقيقياً وفعلياً للأمة العربية منذ بدايات النهوض العربي وحتى الآن.
إنه يجب أن يتركز الجهد على سوريا، التي لم يكن متوقعاً أن تصبح على ما أصبحت عليه، فهي تحتاج في هذه المرحلة الخطيرة إلى انتشالها من كل هذا التمزق وإلى استعادة وحدتها طالما أنها قد باتت مهشّمة وممزّقة على هذا النحو وطالما أنّ بعض الدول غير العربية القريبة والمجاورة وأيضاً البعيدة تريد عودتها إلى ما كانت عليه سابقاً عندما كانت مجرد رقمٍ في معادلة الدول الغربية المتنافسة والمتصارعة على هذه المنطقة.
ثم فإنّ الواضح لا بل والمؤكد أنّ هذه المسألة في غاية الصعوبة وأنّ الأمر يحتاج إلى جهود مضنية بالفعل لكن ومع ذلك فإنّ استعادة سوريا أولاً لشعبها وأهلها وثانياً لأمتها.. يعني شيئاً في غاية الأهمية ويعني أنّ هذا الرقم المهم جداً والأساسي سوف يعيد التوازن التاريخي إلى المعادلة العربية... التي من المعروف أنها بقيت ناقصة بدون هذا البلد العربي الرئيسي والأساسي... وحتى عندما كان هناك الاحتلال الفرنسي... وقبل ذلك عندما كانت الإمبراطورية العثمانية!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا الرقم الرئيسي في المعادلة العربية سوريا الرقم الرئيسي في المعادلة العربية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
  مصر اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 00:33 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
  مصر اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 06:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

بحث أميركي يدشن مشروعًا لإعادة تصور وجه نفرتيتي

GMT 23:17 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

نادي روما الإيطالي يجهض حلم يورجن كلوب

GMT 13:46 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اجتماع لمجلس إدارة اتحاد الكرة الثلاثاء المقبل

GMT 11:51 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الإسماعيلي في مباراة قوية أمام الأسيوطي مساء الإثنين

GMT 01:38 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

إلهام شاهين والأب دانيال يكرمان آمال فريد

GMT 05:51 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

صعوبة البلع والنزيف المهبلي أبرز أعراض السرطان

GMT 22:36 2016 الإثنين ,28 آذار/ مارس

فوائد الجزر والخضروات لسرطان البروستاتا

GMT 22:09 2014 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حاسبات" بني سويف تنظم مسابقة في البرمجيات للجامعات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon