توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران متمادية واللحظة الأخيرة باتت قريبة!

  مصر اليوم -

إيران متمادية واللحظة الأخيرة باتت قريبة

بقلم:صالح القلاب

لو بقينا نكتب ونتحدث يوميّاً عن واقعنا العربي وعلى مدار الساعة فلا يمكن أن نلملم تشظّياته الحالية، فالتمزّق وصل لوضعية بات من غير الممكن لملمتها بسهولة، فالإناء الزجاجي الذي تم صنعه بسهولة إنْ هو تكسّر وتحوّل إلى شظايا غير متناسقة، فإنّ إعادة لملمته تحتاج لجهودٍ مضنية، وهذا ما بات يعاني منه الواقع العربي إنْ ليس كله فبمعظمه، سواء في أفريقيا أو آسيا، وحقيقةً إنّ هذا انعكس على العرب الذين انتشروا في بلاد الله الواسعة كلها، مع التأكيد أنهم حقّقوا إنجازات يجب الافتخار بها.
إنّ المقصود بهذا هو ليس ما يعدّه البعض شتاتاً عربياً، فالعرب الذين انتشروا في دنيا الله الواسعة قد أعطوا لمن اختلطوا بهم صوراً جميلة بتحقيق إنجازات هائلة، فهناك علماء ومبدعون بالفعل، وهناك أجيال أصبحت عنواناً عالمياً للعطاءات الحضارية وفي أربع رياح الكرة الأرضية.
لكن ومع ذلك فإنّ تشتتاً مشيناً في بعض الدول العربية التي قد تمزّقت «أيدي سبأ» كما يقال، فبلاد الرافدين التي ضربها التمزّقُ أصبحت على ما هي عليه، وحقيقةً إنه لم تعد هناك دولة عراقية، وهناك تبعية موجعة للقلوب لإيران التي -مهما حاولنا «تزيين» صورتها- فقد بقيت لديها هذه النظرة البشعة تجاه هذه الأمة العظيمة التي أنجبت الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، والخلفاء الراشدين، وأيضاً الفرسان الذين أوصلوا الحضارة الإسلامية إلى كل مكان.
والمحزن حقاً أنّ هناك دولاً عربية عظيمة قد غابت نهائياً ولم تعد موجودة، فأين العراق بلاد الرافدين؟ وأين هي سوريا؟ وأين لبنان؟ وأيضاً وأين بعض دول القارة الأفريقية التي كانت قد أطلقت شعاعاً حضارياً بكل الاتجاهات، وأعطت ليس لأفريقيا فقط، وإنما للعالم كله، كل هذا الإبداع الحضاري؟
فهذا الغياب كله وعندما تختفي بعض الدول العربية التي كانت كلها وليس بعضها منارات العالم بأسره، يعني أنّ هناك أخطاء كثيرة قد حصلت وارتُكبت، والمعروف أنَّ حركة التاريخ تبعد وتقرب، وأنّ هذا العراق الذي كان منارة كونية قد اختفى نهائياً، وبات على هذا النحو، وغدا ملحقاً بدولة الولي الفقيه في طهران، وهذا ينطبق على اليمن الذي كان سعيداً ذات يوم لا تزال تتحدث عنه كتب التاريخ المنصفة.
إنَّ المعنى في هذا كله هو الوصول إلى أنَّ بعض التنظيمات التي تقول إنَّها عربية قد أدارت ظهورها للعرب والعروبة، فحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، التي هي ولادة شرعية لـ«الإخوان» المسلمين، قد رمت نفسها في أحضان النظام السوري، ثم ما لبثت أن انقلبت عليه وارتدَت العباءة الإيرانية، والمعروف أنّ هذه «الإيران» الحالية لم تعد ترتدي أي عباءة، وأنها غدت: «ربّي كما خلقتني»، وحقيقةً إنها لم تعد موجودة على الإطلاق.
لقد ارتمت «حماس»، التي لم تعد موجودة على أي حال، بدايةً في أحضان النظام السوري قبل أن تنقلب عليه، وذهبت هرولةً إلى إيران، وأصبحت منظمة إيرانية تابعة للولي الفقيه، والمشكلة أنَّها ما زالت تتحدث عن تحرير فلسطين مع أنها باتت تنظيماً إيرانياً لا يُستخدم إلا لخدمة القضايا الإيرانية، وهذه تحولات أصبحت مكشوفة ومعروفة ولا حاجة لإثباتات لها.
والمعروف هنا -إلّا لمن لا يريد أنّ يعرف- أنَّ هذه التقلّبات هي تقلبات «الإخوان المسلمين» الذين كانوا قد تنقَّلوا قبل أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه بين جهاتٍ كثيرة، والآن فإنَّه لم يعد هناك تنظيم «إخواني» وعلى الإطلاق، فالأمور كلها أصبحت بيد إيران، والإيرانيون لا همَّ فلسطينياً لهم، وهمّهم أن تكون هذه المنطقة كلها لإيران، ولكن من دون أي «فقيه» ولا هم يحزنون!
وعلى أي حال، فالمهم هو أنّ «حماس» قد تخلَّت عن ثوبها السابق وارتدت «القمصلة» الإيرانية. وهنا، فالمعروف أنّ «حماس» و«الإخوان» لم تعودا موجودتين، مثلهما مثل حزب البعث، فالمعطيات جميعها قد تغيَّرت، و«البعث» الذي كان يتغنَّى به بعض القوميين، لم يعد موجوداً وبات تابعاً لإيران، ويرتدي ثوب الولي الفقيه.
وكذلك فإنَّ إيران هذه لم تعد موجودة، والآن هناك معطيات جديدة كثيرة ومختلفة، والحكم في طهران هو حكم «الملالي»، وهؤلاء يستوردون المسلحين من العراق ولبنان ومن كل مكان لقمع الشعب الإيراني، ودولة الولي الفقيه هذه ليست دولة إيرانية بل دولة وحشية، والذين يسبّحون بتنظيم آيات الله إنما يُسبّحون باسم العنف والإعدامات.
إنّ هذا كله يجب أن يعلَن ويقال، فإيران هذه لم تعد هي الدولة المعروفة: «دولة شاه إيران» ولا دولة الولي الفقيه... لأنه لم يعد هناك ولي في طهران... هناك الآن كل هذه المجموعات «الإرهابية» فعلاً التي تحكم بالحديد والنار وتشدُّ قبضاتها على هذا البلد، وحكم «العمائم» يتم الدفاع عنه بالحديد والنار، ولا دولة هناك الآن.
والمعروف أنّ شاه إيران «شاه إنشاه رضا بهلوي» قد كان سفّاحاً بكل معنى الكلمة، لكنه وفي كل الأحوال ورغم أنه كان يُتَّهم بأنه يكره العرب كرهاً شديداً، فإنه كان رجل دولة من الطراز الرفيع، وكان يتعاطى مع الدول العربية على أساس المصالح المشتركة، وعلى أساس متطلبات الشعب الإيراني الذي ما كان المتعصبون قومياً منه يكرهون العرب والعروبة.
إنه غير مفهوم ولا معروف كل هذا الكره من «بعض» الإيرانيين للعرب والعروبة، وحقيقةً إن هذا الكره قديمٌ وحتى قبل أن «يؤاخي» الدين الإسلامي بين العرب وأشقائهم هؤلاء، والمعروف أنّ هذا التآخي بصورة عامة ما كان ولم يكن موجوداً على الإطلاق، وهذا قد عرفناه عن قرب قبل الثورة الإسلامية وبعدها.
وهنا وللحقيقة والحق، فإنّ العرب كلهم، القريبين والبعيدين، استقبلوا الثورة الإيرانية بالفرح وعدّوها ثورتهم... لكنّ هؤلاء وحتى المعممين منهم لم يَستقبلوا العرب كما استُقبلوا هم، وإن بعضهم -وبالطبع ليس كلهم- قد استقبلوا الثورة الإيرانية على أنها ثورة «فارسية» وليست إسلامية.
وعليه وفي النهاية، فإنّ زعماء إيران الحاليين بالنسبة لهذا الأمر منقسمون على أنفسهم، وإن التصدُّع بات يقترب من قاعدة وقيادة هذا النظام، وذلك مع أنه لا وجود لأي نظام بهذا البلد إطلاقاً، ولهذا فإنه قد بات مفتوحاً على كل الاحتمالات، وإن عملية التشظّي الفعلي دخلت عليه، وإنّ هذا الكيان سيتحوّل لكيانات متعددة وكثيرة... والمعروف أنّ هذه مسألة قد مرت بها دولٌ كثيرة من بينها غالبية دول أوروبا الشرقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران متمادية واللحظة الأخيرة باتت قريبة إيران متمادية واللحظة الأخيرة باتت قريبة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 16:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بنزيما يرشح كاسيميرو وعوار وفقير للانضمام لـ اتحاد جدة

GMT 23:51 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

شركة آسوس تطلق هاتفها الذكي Zenfone 6 الجديد

GMT 12:48 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

نقل سولاف فواخرجي للمستشفى بعد حادث أليم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon