توقيت القاهرة المحلي 00:33:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متفائلون بالاتفاق الجديد

  مصر اليوم -

متفائلون بالاتفاق الجديد

بقلم - صالح القلاب

وفقاً لكل هذه المستجدات، وتوقيع الاتفاق السعودي - الإيراني الجديد، الذي لم يكن متوقعاً في حقيقة الأمر، فإنّه من الممكن أن يقال إن هذا في أحسن الأحوال هو: «استراحة محارب»؛ فإخواننا الإيرانيون وفقاً للتجارب المُرّة الجديدة والقديمة في الكثير من الأحيان يقولون ولا ينفّذون... وأسأل العلي القدير أنْ أكون مخطئاً فيما ذهبت إليه، وهذا مع أنني كنت أحد الأوائل الذين وصلوا إلى طهران، بعدما تم اقتلاع الشاه رضا بهلوي من «شروشه».
لكن كل هذا الترقب الذي غمرني هو على أساس التجارب المريرة، وحقيقةً إن تجارب هذه المنطقة معظمها مريرة، وإلّا لماذا كلُّ هذا الذي حصل؟ حيث إن ما «مرْمر» عيشنا هو أننا ما إن نفرح بعناق بعض كبار قومنا وليس كلهم بالطبع، وحتى ما إن تبزغ شمس اليوم الثاني، حتى تُستنفَر الإذاعات وتبدأ الرمايات الكلامية المتبادلة... وسلامة تسلّمكم!
إن المملكة العربية السعودية لم تألُ جهداً في حماية أرضها وخليجنا ووطننا العربي من كل التدخلات والاعتداءات، ومدّت يدها طويلاً للجار الإيراني للتوافق والحوار وحفظ استقرار المنطقة وعدم التدخل في شؤونها، لكنها ووجهت بغير ذلك، وإننا حقيقةً لَنأمل اليوم أن تواجَه هذه الإيجابية السعودية بإيجابية إيرانية حقيقية، وأن تنعكس على الأرض... وألا يخيب ظننا ربما بوصفنا متشائمين نتيجة تجارب سابقة.
وبالطبع، فإنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن واقع اليوم هو غير واقع الأمس، وأنه لم يعد هناك لا منحازون إلى الشرق ولا منحازون إلى الاتحاد السوفياتي الذي قد ولّى من دون رجعة، ولا للولايات المتحدة التي باتت مجرد عنوان «قديم»... والبعض يقول إنها لم تعد «تهشُّ ولا تنشُّ»... وأنّ الأفعال والأقوال قد اتجهت شرقاً حيث الصين الشعبية... صين ماو تسي تونغ ورفاقه.
إنّ هذا الكلام من الممكن أنه لا يعجب باقي ما تبقى من رفاق الاتحاد السوفياتي وبعض ملحقاتهم في وطننا العربي والعالم الثالث... والألف... ولكن الحقيقة هي الحقيقة، والحقيقة أن الأحزاب التي ظهرت في لحظة تاريخية عابرة قد تبخرّت ولم يبق منها إلّا ما يشبه الوشم في ظاهر اليد!
إنها مرحلة تاريخية كانت، في الحقيقة والفعل، مجرد غيمة صيفٍ عابرة وهي لم تترك خلفها سوى بعض الطيبين الذين كانوا يظنون أن عودة ماركس ولينين باتت مؤكدة، وأنه على خريجي جامعات الدول الشيوعية والاشتراكية أن يهيئوا أنفسهم لمرحلة تاريخية قد تمتد لسنوات طويلة... وفي أربع رياح الكرة الأرضية.
وعليه، فماذا يا تُرى يُقال الآن؟ فرفاق اليمن الجنوبي الذين كانوا من أطيب وأفضل «اليساريين» قد ذهبوا وللأسف ولم يتركوا وراءهم شيئاً... أما «الرفاق الشيوعيون» فحدِّث ولا حرج، وهنا وحتى لا يغضب هؤلاء فإنّ الأحزاب القومية وفي مقدمتها «حزب البعث» قد انتهت نهايات مأساوية، بعدما أصابها داء التشظّي... ومَن يريد أن يراجع هذه الأمور عليه أن يعود إلى بعض الملفات السورية والعراقية... وملفات اليمن الجنوبي... واليمن الشمالي إنْ أردتم!
والمعروف أنّ ما أصاب بعض الدول العربية، والذنب ليس ذنبها، قد أصاب دولاً كثيرة في العالم الثالث، وأنّ قادة هذه الأحزاب الشيوعية واليسارية كانوا لا يقيمون في بلدانهم وحيث إنهم يزورونها مجرد زيارات عابرة، فالإقامات الدائمة كانت في الدول الشيوعية والاشتراكية إن أردتم، وهنا أرجو أن تعذروني ألا أذكر اسمها.
إنّ أحزاب اليوم غير أحزاب الأمس، والعالم كله قد تغيّر، ومعطيات اليوم غير معطيات الأمس، والحزبية الجديدة غير الحزبية القديمة، ولو نهض ماركس من قبره فإنه لن يجد من يرحب به ويؤدي له التحية الماركسية – اللينينية!
وهكذا، وبالفعل أصبح هناك عالم جديد غير العالم السابق، وأجيال اليوم غير أجيال الأمس، والمعطيات الحالية غير المعطيات السابقة، فالكون كله قد تغير، ولذلك فإنه لا بد من مرافقة هذا الكون بتغيره، وإلّا فإنّ حركة التاريخ ستتوقف، وحقيقةً إن حركة التاريخ لا يمكن أن تتوقف... وذلك لأنها لو توقفت لكنَّا الآن في عالم متخلفٍ غير هذا العالم الذي لا شكّ في أنه متماشٍ مع حركة التاريخ.
وعودٌ على بدء، فإن الصين الشعبية التي قادت المبادرة بين المملكة العربية السعودية وإيران للخروج بالاتفاق الأخير، قد باتت حقاً اليوم قطباً دولياً مهماً وفاعلاً، له دور يحترم... وها هو يحتل مكان الاتحاد السوفياتي البائد وأيضاً يتقدم على دور الولايات المتحدة التي تتخبط في سياساتها وتفقد توازنها.
إنه من المعروف، بل إنه من المؤكد، أن المملكة العربية السعودية قدمت ما لم يقدمه غيرها من أقطار لضمان الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الملتهبة من العالم، وحرصت طويلاً على دورها الطليعي في الدفاع عن الحقوق العربية والسيادة العربية في زمن اختلّت فيه الموازين... وهي بلا شك ستبقى على هذا الطريق الشاق، فهذا قدرها وما يتوافق مع حجمها ودورها ومبادئها.
إننا نرحب اليوم بالاتفاق الجديد بين السعودية وإيران، ومضطرون لأن نتفاءل وأن نرجو له النجاح، لكن على إيران اليوم أن تثبت التزامها بأمن الخليج العربي وأمن الدول العربية، وأن تترجم التزامات الاتفاق بكل إيجابية وروح تشاركية لتحقيق المصالح المشتركة للجميع... ونأمل من الله أن يهدي قادة إيران لذلك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متفائلون بالاتفاق الجديد متفائلون بالاتفاق الجديد



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
  مصر اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 00:33 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
  مصر اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 06:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

بحث أميركي يدشن مشروعًا لإعادة تصور وجه نفرتيتي

GMT 23:17 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

نادي روما الإيطالي يجهض حلم يورجن كلوب

GMT 13:46 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اجتماع لمجلس إدارة اتحاد الكرة الثلاثاء المقبل

GMT 11:51 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الإسماعيلي في مباراة قوية أمام الأسيوطي مساء الإثنين

GMT 01:38 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

إلهام شاهين والأب دانيال يكرمان آمال فريد

GMT 05:51 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

صعوبة البلع والنزيف المهبلي أبرز أعراض السرطان

GMT 22:36 2016 الإثنين ,28 آذار/ مارس

فوائد الجزر والخضروات لسرطان البروستاتا

GMT 22:09 2014 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حاسبات" بني سويف تنظم مسابقة في البرمجيات للجامعات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon