توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضرورة العودة إلى مسيرة التاريخ!

  مصر اليوم -

ضرورة العودة إلى مسيرة التاريخ

بقلم - صالح القلاب

غير مستغربٍ أن ينتهي نظام الملالي في إيران، وحقيقةً وفي غير إيران، فحركة التاريخ تسير إلى الأمام وليس إلى الخلف، ولذلك وإذا كان نظام الشاهنشاه رضا بهلوي قد انتهي نهايةً مأساويةً، فإنّ النظام الذي قد تمَّ تداوله بعد زوال الحكم الشاهنشاهي قد بقي يتوكأ على عصا مكسورةٍ، والمعروف أنه لم يعد هناك لا نظام فارسي ولا إيراني، وأنّ لملمة أوضاع هذا البلد الذي في حقيقة الأمر لم يعد موجوداً قد باتت إنْ ليست ممكنةً فإنها في غاية الصعوبة.
إنه لا يمكن إنكار أنّ الإيرانيين، والأصح أنّ الفرس، قد لعبوا أدواراً تاريخية في هذه المنطقة التي تقع في موقع «استراتيجي»، وهذا إن كان سابقاً وإن لاحقاً، وأنّ هذا الغياب الحالي قد ترافق مع ما سمي بالثورة الإيرانية وزوال الشاهنشاه بهلوي، وهكذا فإنّ العودة إلى أحد مفاصل حركة التاريخ إنْ هو قد بات بعيداً، فإنّ هناك من يقولون إنه غير ممكن لا في المدى القريب ولا في المدى البعيد!!
إنّ البعض يقول إنّ حركة التاريخ ربما تتوقف في بعض المحطات الرئيسية، وإنه عندما تصل إلى هذه الأوضاع البائسة والمأساوية فإنّ العودة التاريخية إلى ما كان لم يعد ممكناً، فإيران هذه قد باتت تتوكأ على عصا مكسورةٍ، وأنّ محاولات التقاط واسترداد حركة التاريخ إنْ هي غير ممكنةٍ في هذه اللحظة التاريخية فإنها مستحيلة حتى على المدى البعيد، وهذا وبالتأكيد ينطبق على الحالة العربية التي لم يعد ينطبق عليها هذا الشعار الجميل القائل: «أمة عربية واحدة... ذات رسالة خالدة»!!
وهنا، فإنه لا يمكن إنكار أنّ هناك إطاراً عربياً هو الجامعة العربية ومؤسساتها، وهذه مسألةٌ يجب التمسك بها وتطويرها، لكن المشكلة هي أنه لم يعد هناك مركز رئيسي يحتوي ويستقطب الجميع، ولم يعد هناك قائد يفرض نفسه على الكل ليس بالقوة والعنف، وإنما بالاحترام، وكما كانت عليه الأمور في عهد الرئيس جمال عبد الناصر في لحظة تاريخية كانت عابرة وسريعة... وحقيقةً أنها لم تُسْتعَد وتتكرر حتى الآن.
ولعلّ ما هو غير ممكنٍ إنكاره هو أنه قد كان هناك إنْ ليس مركزاً عربياً فاعلاً أو مراكز عربية فاعلة تستقطب الجميع، وبالطبع ليس بالعنف والقوة وإنما بالتفاهم والمصالح المشتركة وبالتاريخ الواحد في العديد من الحلقات التاريخية الإيجابية... فإنه مما لا شك فيه الآن أنّ هناك مراكز عربية فاعلة وأنّ هناك دولاً «ميسورة» تمد أيديها إلى أشقائها ومن دون أي «تَمنُّنٍ» ولا استجداء، لكن المشكلة تكمن في أنّ «الجامعة»، التي يجب الحفاظ على وجودها، غير قادرة في بعض اللحظات التاريخية العصية على أن تجمع أحداً... وهنا فإنّ المعروف أنّ هناك فترات تاريخية بعيدة وقريبة قد انفرط فيها العقد العربي، وبات كل «واحدٍ» يغني على ليلاه.
وبالطبع، فإنه غير مقصودٍ ولا مطلوبٍ أن تحشر الدول العربية كلها أنفها في زاويةٍ واحدةٍ، فهذه مسألةٌ ليست ضرورية وغير مطلوبة، لكن المطلوب هو ألا يكون كل هذا التشظّي، وأنْ تكون هناك وحدة موقفٍ في لحظات تاريخية حاسمة، وإذْ إنه غير جائزٍ أن يكون هناك خلاف في المسائل التاريخية وفي الأمور التي تستدعي مواقف موحدة... فالقضية الفلسطينية لا يجوز الخلاف عليها، وهناك قضايا أخرى لا تقلُّ أهميةً عن القضية الفلسطينية، وذلك مع أنّ الكل يقول وبصورةٍ عامةٍ إنه لا توجد أي قضية أهم من القضية الفلسطينية.
ثم وبما أننا قد سمعنا من يقول إنه من حق الشعب الفلسطيني أن ينفرد بقضيته ما دام العرب متفرقين أيدي سبأ، وأنّ كلاً منهم يغني على ليلاه، وهذا مع أنّ ليلى هذه مريضةٌ ليس في العراق وحده، وإنما في معظم أقطار العالم العربي، فالعراق بلاد الرافدين قد بات غائباً... والبعض يذهب بعيداً ويقول لا بل إنه لم يعد موجوداً... وهذا ينطبق على العديد من الدول العربية.
ويقيناً أنّ المؤكد أنّ هناك دولاً عربية، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، قد باتت تَرمي بكلِّ ثقلها في الاتجاه العربي ووحدة الموقف العربي، ولكن المشكلة تكمن في أنّ هناك من يشدّون في الاتجاه المعاكس، وأنّ هناك من يعتقدون أنّ عالم اليوم غير عالم الأمس، وأنه من الأفضل أنْ يغني كلّ واحدٍ على ليلاه... وإذْ لا يهمنا إذا كانت ليلى مريضة في العراق أو إذا كانت في سوريا، القطر العربي السوري، قد شطبت عملياً من الخريطة العربية وإذا كان لبنان لم يعد: «هالكم أرزه العاجقين الكون وقبل ما كانوا هون ما كانش كون».
والمؤكد أنه من حقّ اللبنانيين أنْ يتغنّوا بـ«هالكم أرزه العاجقين الكون وقبل ما كانوا هون ما كنش كون»... لكن واقع الحال يقول إنّ الجنوب اللبناني وبأهله الطيبين قد بات خاضعاً لدولة الولي الفقيه... وأنه لم يعد هناك لا ولي فقيه «ولا هم يحزنون»، وأنّ سوريا «القطر العربي السوري» لم يعد فيها من يشعل النار القومية... وإنّ العالم العربي قد بات يئن تحت وطأة التدخلات الخارجية!!
لقد أشاع الذين سيطروا على العالم العربي في تلك الفترة التاريخية المريضة أنّ العرب مجرد رعاة إبل وماعز، وأنهم لا يعرفون شيئاً لا في الزراعة ولا في الصناعة، وهذا قد اسْتُغل من القوى التي كانت تسعى للسيطرة على العالم العربي كله، فذهبت بعيداً للترويج لهذه النكاية التاريخية، وعلى أساس أنّ العروبة دعوة بدائية وعصبوية... وهذا وللأسف لا يزال يروجه الذين قد «غزوا» هذه البلاد... ومثلهم مثل هذه العصابات الصهيونية.
وكان على هؤلاء أن يقرأوا القرآن الكريم بضمائر حية، وأن يدركوا أنّ لغة الدين الإسلامي العظيم لغة عربية، وأنّ الرسول العظيم عربي وأنّ العرب أهل رسالة وأهل حضارة عظيمة كانت قد تجلت في أربع رياح الكرة الأرضية، ولهذا فإنه كان على الذين هربوا من بلدانهم بحثاً عن الأمن والخبز ولقمة العيش ألا يتصرفوا في بلادنا بكل هذا التعالي وبكل هذه العصبوية... وعلى أساس أن عيونهم زُرق وأسنانهم فرق!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضرورة العودة إلى مسيرة التاريخ ضرورة العودة إلى مسيرة التاريخ



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 16:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بنزيما يرشح كاسيميرو وعوار وفقير للانضمام لـ اتحاد جدة

GMT 23:51 2019 الأربعاء ,22 أيار / مايو

شركة آسوس تطلق هاتفها الذكي Zenfone 6 الجديد

GMT 12:48 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

نقل سولاف فواخرجي للمستشفى بعد حادث أليم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon