توقيت القاهرة المحلي 13:17:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواجهة تركية ـ يونانية يشعلها غاز قبرص!

  مصر اليوم -

مواجهة تركية ـ يونانية يشعلها غاز قبرص

بقلم - هدى الحسيني

هل تركيا على وشك أن تفتح جبهة عسكرية مع اليونان؟ إذ إن التصريحات العدوانية، والأحداث الأخيرة في بحر إيجه أدت إلى مخاوف من اندلاع الحرب بين تركيا واليونان. يوم السبت الماضي هددت السفن التركية الحربية باستخدام القوة ضد سفينة إيطالية لإيقافها عن القيام بمهمة الحفر عن الغاز في قبرص لصالح شركة «إيني» الإيطالية. وذكرت تقارير أن السفن اليونانية والتركية اصطدمت في المياه قبالة جزر غير مأهولة يتنازع عليها البلدان يوم 12 من الشهر الماضي، إضافة إلى انتهاكات متكررة على نحو متزايد للمجال الجوي اليوناني من قبل المقاتلات التركية، ويوم الاثنين قبل الماضي ذكرت اليونان عن 42 عملية توغل جوية. ما يغضب اليونان هو المحاولات التركية عرقلة التنقيب عن الغاز الطبيعي حول قبرص. لكن على الرغم من التوتر المتزايد بين البلدين، هناك احتمال ضئيل للحرب، لأن تركيا لديها الكثير من القضايا الأخرى التي تورطت فيها، ثم إن العلاقات الاقتصادية التركية مع أوروبا ستتأثر حتماً بالحرب في بحر إيجه، ما يجعل مثل هذا الصراع تدميراً ذاتياً لأنقرة. ويظهر الرأي العام التركي قلقاً من التهديدات الكردية وليس من اليونان، لكن الخطاب الحربي حول قضايا بحر إيجه يخدم جدول أعمال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، فمع الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل، يعرف إردوغان أن تحريك المظالم التاريخية وسيلة مؤكدة لحشد دعم الناخبين المتشددين.
ومع ذلك، فإن خطر وقوع حادث غير مخطط له في بحر إيجه يمكن أن يؤدي إلى وقوع أحداث خارجة عن نطاق السيطرة. وتطلّب التصادم الأخير بين السفن التركية واليونانانية اتصالاً هاتفياً بين رئيسَي وزراء تركيا بن علي يلدريم واليونان ألكسيس تسيبراس لنزع فتيل الوضع، ونتيجة للتوتر المتزايد ناشدت أثينا حلف «الناتو» اتخاذ موقف أكثر قوة إزاء تركيا، وبدأت في ممارسة الضغوط الدبلوماسية على واشنطن للحد من مبيعات المقاتلات النفاثة لأنقرة.
بسرعة نسبية انقلب إردوغان من نموذج ديمقراطي إلى زعيم يبحث عن السياسة السلطوية. عام 2004 تلقى دعوة رسمية من الاتحاد الأوروبي للانضمام، وشجعت أوروبا تركيا على كسر قوة الجيش التركي، فكانت الاتهامات بالمؤامرات التي أدت إلى وضع كبار الضباط ورؤساء الأركان في السجون، ثم حدثت محاولة انقلاب فاشلة، وحتى الآن تدور الشكوك حول من يقف وراءها، وفي أعقابها أطلقت حملة قمع على نطاق الدولة كلها، واستخدم العنف استراتيجياً لخلق دولة الرجل الواحد.
أما الأكراد الذين بدأ معهم إردوغان، في زمنه الطيب، محادثات سلام، فقد صبّ عليهم جامّ غضبه سياسياً وعسكرياً. أدار إردوغان ظهره للمعايير الديمقراطية، التي يفترض أن تشاركها تركيا مع حلفائها خصوصاً دول «الناتو». لكن لا الحكم الاستبدادي ولا موقفه من الأكراد أثارا عليه حنق واشنطن، لكن تصريحاته ضد واشنطن كانت تغلي، والأخرى لم تغيّر من استراتيجيتها في سوريا.
قبل زيارة ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأميركي، لأنقرة الأسبوع الماضي تكهّن كثيرون بما يمكن القيام به لاستعادة العلاقات الإيجابية بين الحليفين في «الناتو». عدد من المعلقين رأى أن واشنطن وأنقرة ستواصلان متابعة مصالحهما بينما تعملان على منع تمزق العلاقات بينهما. يرتكز هذا التفكير على وجهة نظر مفادها أن الولايات المتحدة وتركيا تتمتعان بعلاقات وثيقة في معظم الأوقات منذ دخول تركيا إلى «الناتو» عام 1952، وكان التفكير «الوردي» هذا يسود عقول المسؤولين الأميركيين أكثر من الأتراك.
لا ينسى السياسيون الأتراك رسالة الرئيس الأميركي ليندون جونسون عام 1964 إلى رئيس الوزراء التركي آنذاك إسماعيل إينونو يحذّره من أي تحرك عسكري على قبرص (لكن في يوليو/ تموز 1974 احتلت تركيا الجزء الشمالي من قبرص)، ولا ينسى الأتراك حظر توريد الأسلحة في السبعينات واعتقال أفراد القوات الخاصة التركية في شمال العراق عام الغزو 2003. في المقابل لا ينظر السياسيون الأميركيون إلى تلك الأحداث بأهمية. ويرجع ذلك جزئياً إلى سوء فهم من كلا الجانبين لطبيعة حلف «الناتو»، ويبدو أن كلا الجانبين اعتبره كياناً أكثر من تحالف دفاعي لعرقلة التوسع السوفياتي، وأخيراً كهيكلية تعاون لمكافحة الإرهاب وردع الجهود الروسية لزعزعة الاستقرار.
قيل الكثير عن القيم المشتركة التي تجمع الدول الأعضاء في «الناتو»، وأن هدفها الأساسي هو توفير قدر أكبر من الأمن لدولها الأعضاء، وعلى أساس أن الهجوم على عضو واحد هو هجوم على الكل.
هذا فهم خاطئ أدى إلى رؤية مثالية لقدرة الحلف على تعزيز العلاقات الإيجابية بين أعضائه، لأن الواقع هو أن كل دولة في الحلف تتابع سياستها الخارجية لتحقيق أهدافها الخاصة.
تسعى تركيا لحجب التوسع في المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية في شمال سوريا، وترى أن منع إقامة منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي على طول حدودها له أهمية تفوق حتى هزيمة «داعش» وغيره من التنظيمات الإسلامية المتطرفة. في المقابل، تضع واشنطن هزيمة «داعش» والتنظيمات الإسلامية الأخرى قضية أساسية في سوريا. لذلك فإن أي تحسن في العلاقات بين الدولتين ينتظر نهاية حاجة أميركا إلى مقاتلين محليين في سوريا حتى لا تضطر إلى نشر أعداد كبيرة من القوات الأميركية، وهذا أمر قد يؤدي إلى توسيع الصراع أكثر في كل سوريا. وإلى أن يتم القضاء على «داعش» نهائياً وبشكل كامل، وإلى أن تقضي تركيا على أي أمل كردي بحكم ذاتي، فإن الصراع في سوريا سيظل يوتر العلاقات بين الدولتين.
ليس من المؤكد أن الرئيس إردوغان يقدّر عضوية حلف «الناتو» كما كان أسلافه، وربما يعتبر الحلف عائقاً لحرية تركيا في العمل والتحرك أكثر من كونه وثيقة تأمين ذات قيمة ضد غزو من قِبل دول جارة جامحة.
إذا شعر إردوغان أن طموحاته تتطلب أن ترفض تركيا «الناتو» والولايات المتحدة، فإنه قد يتخذ إجراءات تسهم في تمزق الحلف، على سبيل المثال من خلال تفاقم الصراع على استكشاف النفط في المياه حول قبرص أو إثارة حوادث مع اليونان، دون داعٍ، في بحر إيجه.
المؤكد حتى الآن، أن تيلرسون عقد اجتماعاً مع إردوغان استمر ثلاث ساعات بحضور وزير الخارجية التركي فقط كمترجم يوثَق به. هذا اللقاء أتاح إجراء محادثات صريحة ويمكن قياس فعاليته في الأسابيع والأشهر المقبلة. الإعلام الأميركي سرّب أن تيلرسون عرض ثلاثة أمور على إردوغان: دوريات مشتركة عسكرية أميركية - تركية في منبج، وإقامة منطقة فاصلة في عفرين، وتدريجياً تخفيف أميركا علاقاتها مع الأكراد المقاتلين السوريين. لكن الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية رفضت التعليق.
الآن إذا استمرت التصريحات العدوانية من كل جانب، فإن شرخاً عميقاً في العلاقات بين البلدين يصبح وارداً جداً. إن ابتعاد تركيا عن الغرب يشكل فرصة لروسيا لإضعاف حلف «الناتو» في منطقة البحر الأسود. لقد أصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خبيراً في استغلال تفاقم الانقسامات داخل هذا الحلف، باستخدام الغاز الطبيعي واستراتيجية حرب المعلومات كأدوات وأسلحة. ويقول لي أحد السياسيين الغربيين: إن ميل إردوغان لصنع الأعداء هو نعمة لإنقاذ الغرب! لا يبدو أنه يساعد أحداً، بل يعمل على عزل نفسه. ويضيف أن على الأتراك أن يعرفوا أنهم لا يمكن الانطلاق وحدهم في العالم، ولن نتدخل لدعم المعارضة التركية كي لا نزيد من الاستقطاب داخل تركيا.
الآن هل يثق إردوغان بروسيا؟ كيف هي علاقته مع إيران داعمة عدوه بشار الأسد؟ كان الأكراد قلقه، الآن هناك الأكراد، والنفط والغاز في قبرص حليفة اليونان. ويريد أن يعادي أميركا؟
لحظات من الهدوء مطلوبة من رئيس يظن أنه يعمل على استرجاع السلطنة العثمانية! لقد تغير العالم. وما عليه الآن إلا الوصول إلى الصين وكوريا الشمالية!

 

 

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواجهة تركية ـ يونانية يشعلها غاز قبرص مواجهة تركية ـ يونانية يشعلها غاز قبرص



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon