توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السؤال: هل تقع الحرب أو متى؟

  مصر اليوم -

السؤال هل تقع الحرب أو متى

بقلم - محمد الرميحي

عدد من الخبراء حتى يناير (كانون الثاني) الماضي والحشود الكبيرة الروسية على مشارف حدود أوكرانيا، كانوا جازمين أن الحرب لن تقع. كل ما كان مطلوباً في نظرهم هو شيء من الاسترضاء لموسكو! ولكن كل تلك التحليلات انتهى أمرها ببدء الطلقة الأولى في هذه الحرب التي دمرت حتى الآن عدداً كبيراً من المدن وأخذت معها عشرات الآلاف من الأرواح، وفجّرت ديناميات اقتصادية وسياسية على مستوى العالم سوف تظل معنا إلى فترة طويلة من هذا الزمان، مع انفتاحها على كل الاحتمالات الممكنة.
من ضمن الاحتمالات اندلاع حرب في الشرق الأوسط. قد تكون العبارة الأخيرة صادمة، ولكن أي سياسي يستبعد هذا الاحتمال هو بالضرورة يخطئ في التحوط؛ لأن التفكير الأفضل هو تقرير ذلك الاحتمال والاستعداد له.
كيف ومتى سوف تقع الحرب؟ هناك عدد من السيناريوهات المحتملة، ولكن محركات الدفع نحو الحرب واضحة، وهي تتلخص في الاستعصاء القادم من طهران في ملف واسع يحمل عدداً من الأوراق ولكنها متشابكة، وهو السعي الحثيث من طهران للوصول إلى تصنيع قوة نووية حربية، مع هيمنة كاملة على الجوار من العراق إلى سوريا إلى لبنان وإلى اليمن جنوباً، مع كل ما يحمله ذلك من ضجيج من قوى ميليشياوية وإعلامية وخلايا نائمة.
الاستعصاء السياسي في العراق والذي انفجر الأسبوع الماضي بسبب انسحاب الكتلة المنتخبة الأكبر من البرلمان، وهي الكتلة الصدرية، يظهر بوضوح الخطة الإيرانية، وهي خطة لم يقرأها بدقة كثيرون، هي ليس منع أغلبية نسبية من تشكيل الحكومة مع بعض حلفائها. ذلك هو الظاهر، أما القراءة الحقيقية فهي منع «معمم شيعي» من أن يكون قائداً موازياً «للقائد الأوحد»، فلو كانت الكتلة الصدرية برئاسة رجل مدني لما وصل العراق إلى السكة المسدودة التي هو فيها اليوم... هو الصراع القديم بين قُم والنجف ولا يحتمل رأسين! وإن سحبنا هذا السيناريو إلى مساحته الأوسع، فإنه ليس من المستبعد أن يدخل العراق مرحلة من الفوضى السياسية والاقتصادية، وتحاول قوى من داخله تصدير تلك الفوضى إلى الجوار والأقرب هو غرب العراق والخليج.
وقرب شواطئ البحر الأبيض الشرقية تحتدم صدامات أولية، فتعطيل المطار الرئيسي في دمشق يشير إلى السخونة التي وصلت إليها الحالة السورية جراء تدفق قوات إيرانية أو حليفة لها إلى ذلك البلد في ضوء انسحاب جزئي للقوات الروسية، علاوة على تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي كشف فيها عن الأهداف العسكرية في لبنان التي سوف تستهدف في الحرب المقبلة المحتملة، كما قال، ومنها المنازل والقرى التي تحتضن ذخائر وعدة «حزب الله» العسكرية... تلك التصريحات التي لم تتوقف، بل تجاوزتها لتحديد التهديدات كما تراها العسكرية الإسرائيلية، ومن بينها التهديد النووي والصواريخ الإيرانية! وتتزامن تلك التصريحات مع الإنذار الرسمي الإسرائيلي بطلب مغادرة جميع الإسرائيليين لتركيا جراء تهديد المخابرات الإيرانية باستهدافهم، إنها حرب غير معلنة.
إن أضفنا إلى ذلك الأزمة الداخلية الإسرائيلية التي تواجهها حكومة أقلية هشة، يقابلها احتمال قيام حكومة أخرى هشة أيضاً، أي الانقسام الداخلي الحاد بين المكونات السياسية الإسرائيلية المزمن والمأزوم، وعادة ما تلجأ الحكومات في مثل تلك الأزمات الداخلية إلى مخرج خارجي وهو الحرب، التي بطبعها ترص الصفوف وتُعلي الصيحة الوطنية على أي خلافات أخرى، وهو عامل يرى البعض أنه أحد عوامل الحرب في أوكرانيا، وكان دائماً عاملاً مؤثراً في الكثير من الحروب، فلا يستبعد أن يكون كذلك في المسرح الشرق أوسطي مع اكتمال الأسباب المرجحة له. أما في اليمن المنكوب، فالأكثر احتمالاً أن الهدنة القائمة هي هدنة مؤقتة، وقد يستغلها الحوثي من أجل تعضيد قواه العسكرية واللوجيستية وأبواقه الدعائية والتحريضية المستمرة، والدليل الأوضح على ذلك أنه حتى الآن لم ينصَع لما وقّع عليه من اتفاق برفع الحصار عن مدينة تعز، أو حتى بالسماح لليمنيين بالحراك الحر في وطنهم.
في سوريا، الأوضاع تتجه إلى التصعيد؛ فالأتراك يرون أن حرب أوكرانيا وانشغال العالم الغربي والشرقي بها تشكل فرصة للتوسع على الحدود الجنوبية التركية بحجج مختلفة، كما يرسل الإيرانيون المال والعتاد والرجال في محاولة للإحلال بديلاً عن الجنود الروس، كما يستخدم كل من الروس والأتراك «مرتزقة» من سوريا في كل من أوكرانيا وليبيا على التوالي، وهي قوى تتمرس بالحروب وتعود إلى المنطقة لا تعرف مهنه غيرها، تذكرنا بموجة «الأفغان العرب».
أما في لبنان، فإن الصورة أوضح كثيراً، حيث يصل ذلك البلد إلى القاع الاقتصادي، ويُجمع معظم المحللين على أن أي اشتباك قادم بين «حزب الله» وإسرائيل، أولاً لن يحدث إلا بأوامر من طهران، وأنه إن حدث فإن التدمير الذي سوف يشهده لبنان لن يكون له مثيل (إلا ربما مثل مدن أوكرانيا المدمرة).
على الصعيد الاقتصادي العالمي، يتزامن التضخم المنفلت والركود معاً، ويُسمع في عدد كبير من الدول، غنيها وفقيرها، وتشتد حاجة العالم إلى الغذاء والموارد الطبيعية وعلى رأسها الطاقة، والأخيرة تتوفر بكثرة في منطقتنا العربية؛ مما يشكل منطقة استقطاب للصراع الدولي المستتر أو الظاهر.
رئيس دولة غربية كبرى (فرنسا) يقول في تصريح واضح له، إنه أصدر تعليمات لوزير الدفاع ورئيس الأركان الفرنسي أن يتوجها إلى «اقتصاد الحرب»، وهي عملية استباقية لما قد يجري في أوروبا من تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وأيضاً ما يمكن أن ينفجر من صراعات في الشرق الأوسط.
من الواضح أن هناك رأياً يتكون، أنه بجانب الأزمة الأوكرانية هناك أزمة مستعصية في الشرق الأوسط تستنزف الطاقات وتبدد الموارد وتعرض السلم الإقليمي إلى مخاطر، وسببها الرئيسي كما سلف «الاستعصاء الإيراني»، ومن دون حل ذلك الاستعصاء فلن يكون هناك أمن لتدفق الطاقة إلى العالم أو استقرار إقليمي.
إذن، المشهد معقد سياسياً واقتصادياً ولوجيستياً وأيضاً في اصطفاف الدول المحتمل أمام تلك الأزمات العالمية، وقد عرفنا من التاريخ، مع الأسف، أن مثل تلك الأزمات لا تحلها إلا الحروب! حيث يعتقد كل طرف أنه قادر على الحصول على أكثر الامتيازات من خلال تصعيد الضغوط، وبالتالي الانزلاق إلى الحرب.
آخر الكلام:
الذين يحبون السلام عليهم أن يتعلموا كيف يستعدون للحرب!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السؤال هل تقع الحرب أو متى السؤال هل تقع الحرب أو متى



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon