توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أحداث عدن مرةً أخرى

  مصر اليوم -

أحداث عدن مرةً أخرى

بقلم: عبدالله بن بجاد العتيبي

لم تنتهِ أحداث عدن التي أصبحت مركزية بعد ما جرى قبل عيد الأضحى الفائت وأثناءه وبعده، وهي أحداث ناتجة عن تراكمات وأخطاء، وانحيازات وخطايا، كانت تتم عبر السنوات الماضية.
مع كل اللغط والفوضى على الأرض وفي المواقف وفي القراءات والتحليلات، وهو مستمر إلى اليوم، وإنْ تراجع البعض قليلاً، فإن الواجب إعادة التأكيد على الأسس الكبرى والمهمة وتحديد موضع الخلافات والتطرق للحقائق.
في البداية، التحالف السعودي الإماراتي صامدٌ ومستمرٌ وباقٍ، وهو التحالف المظفر الذي غير وجه المنطقة وصنع التاريخ من جديد فيها، وهو تحالف أغاظ كل خصومه، والمحاور المعادية له من إيران إلى تركيا، ومن جماعة «الإخوان» إلى قطر، وأتباعهم في كل مكانٍ، وهو أكبر بكثير من الملف اليمني وحده، وهذا ليس حديث كاتب هذه السطور بل هي المواقف المعلنة من قيادات البلدين، والبيانات الرسمية، والتصريحات الواضحة.
أمرٌ آخر، هل الشرعية اليمنية مهمة؟ سؤال أساسي، والجواب نعم، هي مهمة لأنها الممثل الشرعي والوحيد للدولة اليمنية المعترف به دولياً، والتي قام التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات أساساً للدفاع عن اليمن من خلالها، هذا أمرٌ مفروغٌ منه، ولكن هل هذه الشرعية نجحت في مهامها؟ هل هناك توجهات مختلفة تحت لوائها؟ هل هناك فسادٌ أو صراعاتٌ داخلها؟ هذه أسئلة مستحقة يجب الإجابة عنها، وهي لصالح اليمن واليمنيين أنفسهم، والصراحة وتوضيح بعض التفاصيل مهمان في لحظات الفوضى، وما كان يعرف بالربيع العربي خير شاهدٍ.
وكذلك المجلس الانتقالي الجنوبي والقوى الجنوبية المتحالفة معه، هل هو يمثل شعب جنوب اليمن كاملاً؟ هل هو يعمل تحت التحالف العربي ويدعمه أم أنه مع ميليشيا الحوثي؟ وهل ما صنعه في عدن أثناء العيد وما بعده كان موفقاً أم مخطئاً؟
وسؤال ثالثٌ، هل في اليمن جماعاتٌ إرهابية تجد مناطق في الجنوب اليمني تتخذها مقار لها وتنطلق منها؟ أقصد تنظيم «القاعدة» أو تنظيم «داعش»؟
ستكون الإجابات مختصرة قدر الإمكان، بحكم المساحة. في موضوع الشرعية، الشرعية بنتها ورعتها ودعمتها السعودية من الأساس، والرئيس هادي خرج من قبضة الحوثي بدعم سعودي كامل وتأسست الشرعية وبنيت مؤسساتها واعتمدت ميزانياتها وتكون جيشها وتدرب وتسلح عناصرها بدعم كامل من التحالف، ومن دونه كان وجودها شبه مستحيل، هذه حقيقة.
الشرعية كمؤسسة تم إنشاؤها في ظروف الحرب يعتريها ما يعتري مثيلاتها في كل زمانٍ ومكانٍ، فأداؤها في السنوات الماضية لم يكن بحجم الدعم المقدم لها ولا بحجم الأمل المعقود عليها من الشعب اليمني ومن التحالف، في «عاصفة الحزم» وفي «إعادة الأمل»، وفيها توجهات متباينة من تيارات وأحزاب سياسية معروفة، مثل «حزب المؤتمر» و«حزب الإصلاح» وبعض القوى الجنوبية وغيرها، وفيها أخطاء وفسادٌ، وهذا طبيعي بحكم ظروف نشأتها والسياق التاريخي الذي تعمل فيه.
يهمني هنا «حزب الإصلاح» اليمني الممثل لفرع جماعة «الإخوان المسلمين» في اليمن، وهو الذي رأى التحالف بقيادة السعودية منحه فرصة تاريخية لخدمة وطنه ومواطنيه لكنه يتعامل ببراغماتية وتعايش مع المرحلة لا أكثر ولا أقل، والشواهد التاريخية والواقعية هنا لا تحصى، وجبهات الحزب هي أكثر الجبهات هدوءاً في مواجهة ميليشيا الحوثي، ومأرب وتعز شاهدٌ.
دخلت قوات الحزب تحت لواء الشرعية إلى عدن في يومين انطلاقاً من مراكزها في مأرب وغيرها من المناطق وأخرجها المجلس الانتقالي والقوى المتحالفة معه في يوم وطردها خارج عدن، وقد بدأت أحداث عدن بتفجيرين قبل أكثر من أسبوعين وانتهت قبل يومين بهجوم انتحاري وتفجير في محاولة اغتيال قائد قوات الحزام الأمني، وأسلوب الاغتيالات الانتحارية أسلوب حصري للجماعات الإرهابية كتنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش»، و«داعش» خرج في هذه الأزمة من الرماد، وأعلن مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري.
المجلس الانتقالي الجنوبي يمثل جزءاً مهماً من الشعب اليمني في الجنوب، مثله مثل غيره من التجمعات التي تمثل الجنوب اليمني، وقضية «الانتقالي» والرغبة لدى بعض القوى الجنوبية في الاستقلال ستحل بعد تحرير الدولة اليمنية، وهو، أي المجلس، جزء من التحالف العربي ويعمل تحت لوائه وبأوامره، وقد استجاب لكل ما طلبه منه التحالف بعد الأحداث الأخيرة بخلاف غيره ممن لم يلتزم، وهو استجاب لدعوة الحوار في السعودية حين تلكأ غيره، هذه حقائق معروفة، ولكنه دون شك أخطأ في توقيت عملياته وإنْ نجح في عرض مشكلته مع الشرعية على قيادة التحالف.
أما وجود التنظيمات الإرهابية في الجنوب اليمني فهذا أمرٌ لا يجادل فيه أحد، وإحدى مهام التحالف المعلنة هي القضاء على هذه التنظيمات، وقد سبق للقوات السعودية والقوات الإماراتية تنفيذ ضرباتٍ قاصمة لهذه التنظيمات في مناطق انتشارها، في عمليات مشتركة أو منفردة، ومن ذلك ما أعلنت عنه وزارة الخارجية الإماراتية الجمعة الماضي من استهداف طائراتها لمجموعات إرهابية كانت تخطط لاستهداف قوات التحالف.
قامت المواقع التابعة للمحاور المعادية للتحالف السعودي الإماراتي بالنفخ في كير الفتنة، وسعت بقضها وقضيضها وكل وسائلها الإعلامية من قنوات ومواقع وحساباتٍ في مواقع التواصل لإحداث شرخ في هذا التحالف، وانضم لها بعض المتحمسين من المغردين وغيرهم، وحين انجلت الأمور ثاب العقلاء لرشدهم.
أمرٌ آخر لا يقل خطورة وهو محاولة ادعاء التماهي وإيهام التطابق بين الدولة السعودية الراعية والداعمة للشعب اليمني وللدولة اليمنية من أول يومٍ، وبين مؤسسة الشرعية اليمنية، أو الحكومة اليمنية، السعودية شيءٌ والشرعية اليمنية شيء آخر، وقد أخطأت الشرعية بمواقفها تجاه دولة الإمارات وهي تعلم أنها الحليف الأقوى للسعودية في اليمن وغيره، ولولا الاختراقات داخلها لما كان لها أن تتخذ مثل هذه المواقف.
أخيراً، فالسعودية اليوم هي التي تقود الدول العربية وتحمي مصالحها بالقوتين الناعمة والخشنة، ورؤية ولي العهد السعودي للمنطقة هي أن تكون «أوروبا الجديدة»، ومن أهم عناصر القوة الناجحة للقيادة السعودية هو التحالف المظفر مع الإمارات على كافة المستويات، في الملفات البينية والملفات الإقليمية والدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحداث عدن مرةً أخرى أحداث عدن مرةً أخرى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon