توقيت القاهرة المحلي 09:03:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«إعلان البحرين»... والتفاؤل الواقعي

  مصر اليوم -

«إعلان البحرين» والتفاؤل الواقعي

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

القمة العربية التي انعقدت في مملكة البحرين لأول مرةٍ في تاريخها منذ إنشاء الجامعة العربية، كانت بديعة التنظيم ومهمة لبيان الموقف العربي الموحّد تجاه أي أطماعٍ تهدد استقلال المملكة واستقرارها من أطرافٍ لم تخفِ يوماً استهداف البحرين وأمنها. ومع نجاح القمة فإنَّ آليات عمل الجامعة العربية ما زالت بحاجة ماسة لإعادة النظر عبر النقد البنّاء نحو مزيد فاعلية وتأثير، بعيداً عن معوقات الماضي وتشظيات الحاضر.

كرَّر «البيان الختامي» للقمة التأكيد على دعم «استقلال» و«استقرار» و«أمن» عدد من الدول العربية، مثل سوريا وليبيا واليمن ولبنان والسودان، وعلى عددٍ من الملفات المهمة مثل «الأمن المائي العربي». وفي الحدث الساخن منذ قمة السعودية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو «أزمة غزة»، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس وملك البحرين حمد بن عيسى إلى «عقد مؤتمر دولي تحت رعاية (الأمم المتحدة)، لحلّ القضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين»، وأيّدتهما جميع الدول العربية.

كما دعتِ القمة في موقفٍ مهمٍ وضروريٍ إلى «نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة لـ(الأمم المتحدة) في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلى حين تنفيذ حل الدولتين»، وهو ما سيحتاج لموقفٍ من «مجلس الأمن» الدولي، ولكنها خطوةٌ بالاتجاه الصحيح، وانتقد الرئيس الفلسطيني صراحةً حركة «حماس» بالقول إن «العملية العسكرية التي نفذتها (حماس) بقرار منفرد في ذلك اليوم، في السابع من أكتوبر، وفّرت لإسرائيل مزيداً من الذرائع والمبررات كي تهاجم قطاع غزة، وتُمعِن فيه قتلاً وتدميراً وتهجيراً». وهذا كلامٌ كتبه قلةٌ من الكتّاب العرب في حينه، وهوجمت مواقفهم مِن بعض مَن أدمنوا الشعارات والمزايدات من الكتّاب العرب، وهو كلامٌ سياسيٌ محكمٌ يعبّر عن السلطة الفلسطينية وعن «منظمة التحرير الفلسطينية»، التي أكد البيان الختامي للقمة العربية مجدداً على أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ودعا «كافة الفصائل الفلسطينية للانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية».

«حلّ الدولتين» هو الحل الحقيقي للقضية الفلسطينية برمتها، وتمثله «المبادرة العربية»، ويحظى بدعم غالب دول العالم ومنظماته، ولا يرفضه إلا 3 جهاتٍ فقط، هي «إسرائيل» و«إيران» وتابعتها «حماس»، التي التقت مصالحها على ضرب المصلحة الفلسطينية العليا، ولا يعنيها الشعب الفلسطيني ولا دولته بأي حالٍ من الأحوال، ولكلٍ من هذه الجهات غاياته وشعاراته وآيديولوجياته. وتطرّف اليمين الإسرائيلي لا يقل تشوهاً عن تطرف الجهتين المقابلتين له.

وعلى الرغم من «مأساة غزة»، فإنَّ في المنطقة ما يبشر بمستقبلٍ أفضل، وربما كانت المآسي سبباً لانفراجات التاريخ، فالسعودية تقترب كثيراً من توقيع «اتفاق أمني» مع الولايات المتحدة، ومعه عملٌ سعوديٌ قويٌ، وبتنسيقٍ مكثفٍ مع الفلسطينيين لفتح مسارٍ لحل الدولتين بشكل واقعي، يحمل مصداقية معتبرةً، وللمرة الأولى تجد إسرائيل نفسها أمام خياراتٍ صعبةٍ، لا تهددها بالعصا فقط كما في السابق، ولكنها تحمل الجزرة أيضاً، وهي هذه المرة كبيرةٌ بما يكفي لوضع تطرف اليمين الإسرائيلي على المحكّ داخل إسرائيل، وعند حلفائها الأقرب دولياً.

السعودية وقّعت قبل فترةٍ مع «إيران»، وبرعاية صينية كاملة، ما يمنح المنطقة فرصةً لتصبح «أوروبا الجديدة»، كما هو التصريح الشهير لولي العهد السعودي في رؤيته للمنطقة. وفي العراق وسوريا واليمن، أصبحت ثمة «جزرة» من المصالح المدعومة من السعودية وحلفائها، للتخفيف من الأزمات الداخلية والتدخلات الخارجية.

وحدثٌ بالغ الأهمية، ستكون له تداعياته في المنطقة، هو الموقف الحازم لأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد بإجراء تعديلاتٍ دستورية، وحلّ مجلس الأمة والإعلان عن تنفيذ خطةٍ تنمويةٍ كبرى، ورفض كل مظاهر الفوضى والتشتت والتنافس المعيق والتهديدات الداخلية، والتدخلات الخارجية، ما يعلن عودة الكويت لنفسها وشعبها وترسيخ قوتها وتأثيرها الإقليمي.

لئن لم يكن التاريخ «حتمية»، فإنه ليس «صدفة»، فلا الحتميات على تنوعها قادرة على تفسيره بشكل علميٍ محكم، والصدف أقل حظاً بالتأكيد من الحتميات في تفسيره، على الرغم من الجدالات الواسعة والعريضة فلسفياً وعلمياً حول هذا الموضوع. ومن هنا، فإن تأثير البشر أفراداً ومجتمعاتٍ، دولاً وحكوماتٍ، شعوباً وقياداتٍ، هو الأهم حيث تصنع الرؤى وتبنى الاستراتيجيات في عالمٍ مضطربٍ ومليء بالصراعات الكبرى والصغرى. وما يجري في منطقتنا من نجاحاتٍ مبشرةٍ إنما هي من هذا النوع الذي يفتح الأفق رحباً، والطريق لاحباً، نحو مستقبلٍ أفضل.

أخيراً، لا تتحقق نجاحات السياسة في مددٍ قصيرةٍ، بل هي تحتاج وقتاً وجهداً حتى تتوفر لها الظروف الملائمة، وتتضافر الجهود المناسبة، وتلتقي المصالح المتناقضة أو المتضادة. والأقلام التي تصدق رؤاها وتحليلاتها في غالب المواقف المختلطة هي جديرةٌ بالتقدير أكثر ممن احترفوا التقلب والمزايدات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إعلان البحرين» والتفاؤل الواقعي «إعلان البحرين» والتفاؤل الواقعي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon