توقيت القاهرة المحلي 20:04:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنقاذ غزة مهمةٌ تاريخيةٌ

  مصر اليوم -

إنقاذ غزة مهمةٌ تاريخيةٌ

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

المهمة الأكبر التي عُنيت بها الدول العربية في غزة، وعلى رأسها السعودية ومصر منذ اندلاع الأحداث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هي وقف إطلاق النار والهدنة، وحماية ما تبقَّى من المدنيين الفلسطينيين، وهي تقترب من النجاح في هذا، بعد هذا التدمير وإمعانٍ إسرائيل في جرائمها الوحشية رافضة كل الحلول المطروحة حتى تنجز مهمتَها.

الرئيس الأميركي جو بايدن قدَّم مقترحاً من ثلاث مراحل لإنهاء الحرب، وكل مقترحٍ ينهي هذه الحرب فهو مقترحٌ جديرٌ بالاهتمام، والدول العربية تتعامل معه بجديةٍ لأنَّ الشعب الفلسطيني في غزة يعيش في جحيم لا يطاق من حربٍ شرسةٍ ليس له في ابتدائها ولا نهايتها ناقةٌ ولا جملٌ، والتفاوض الأميركي يتم مع حركة «حماس»، لأنَّها هي التي تحكم غزة قبل الحرب وهي التي تحتجز الرهائن، عبر قطر.

يبدو مقترح بايدن مناسباً لإسرائيل، لأنَّها حقَّقت جميع أهدافها عسكرياً ودمَّرت كل شيء تقريباً في غزة، وقتلت نحو 40 ألفاً من شعب غزة، ولم يتبقَّ إلا تحرير الرهائن الموجودين عند «حماس»، ورئيس الحكومة الإسرائيلية يكرر أنَّه يسعى للقضاء على «حماس» وإن كان هذا الهدف يثير الشكوكَ لأسباب منطقية، فنتنياهو نفسه هو مَن سمح حين كان رئيساً للحكومة بانقلاب «حماس» العنيف والدموي على السلطة الفلسطينية في غزة لتعزيز الانقسام الفلسطيني، وهو مَن سمح بالتحويلات المالية المليارية عبر سنواتٍ لحركة «حماس» من خلال البنوك الإسرائيلية، لأنها تخدم رؤيته الرافضة لإقامة دولةٍ فلسطينية.

كلّ مَن يسعى لحلٍ حقيقيٍ ودائم للقضية الفلسطينية يجب أن يضع على رأس أولوياته خدمة الشعب الفلسطيني في غزة، والشعب الفلسطيني في غزة يخضع منذ سنواتٍ طويلةٍ لحكم «حماس» له بالحديد والنار، وهذا أمرٌ يسلم به حتى أنصار «حماس» ولا يجادل فيه أحد، وإنما الكلام في تبرير حق «حماس» بهذه الأفعال، لأنها تمثل «المقاومة» أو «الجهاد» أو نحو ذلك من الشعارات، وتخليص الشعب الفلسطيني من هذا الجور يجب أن يكون أولويةً لما يترتب عليه في اليوم التالي لنهاية الحرب.

لا توجد لدى نتنياهو ولا حكومته اليمينية المتطرفة أي رغبةٍ في عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة، وهو تحديداً ما يجب أن تدفع باتجاهه الدول العربية لخلق توافقٍ دوليٍ يُمكّن السلطة الفلسطينية من العودة لحكم غزة وذلك لتوحيد الصف الفلسطيني وتعزيز وحدة القرار السياسي، وضمان تنفيذ أي اتفاقياتٍ مستقبلية تشكّل حلاً حقيقياً ودائماً للقضية الأقدم في المنطقة والتي تتسلّق عليها كل المشاريع الإقليمية المعادية للعرب شعوباً ودولاً.

صرفت دول الخليج العربي تحديداً مليارات لبناء غزة، مساكن وأحياء بكاملها ومستشفيات ومدارس وبنية تحتية متكاملة، والمساهمة في إعادة إعمار غزة وفق مقترح بايدن يجب أن تشمل ضماناتٍ بعدم ارتكاب حماقاتٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ تعيد إحراق غزة كل بضع سنواتٍ إرضاءً لمشاريع إقليمية معاديةٍ للعرب، وخدمةً لأجنداتٍ إسرائيلية رافضةٍ لأي حلولٍ حقيقيةٍ للقضية الفلسطينية برمتها.

والسؤال المهم هنا هو: هل لدى الدول العربية رغبةٌ... والأهم قدرةٌ على توحيد الصف الفلسطيني وتوحيد السلاح والقوة بيد السلطة الفلسطينية؟ والجواب هو بالتأكيد نعم، لديها الرغبة والقدرة، ولكن الرافض الأكبر لها هو إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة، ومن هنا فيجب بعد إيقاف إطلاق النار السعي لتخليص غزة من أي فصائل مسلحةٍ تختطفها وتختطف شعبها في مهمة تاريخية وإنسانيةٍ تشبه ما جرى في 2013، حين دعمت الدول العربية الشعب المصري والدولة المصرية في إنقاذها واستعادتها من خاطفيها بعد ما كان يعرف بـ«الربيع العربي»، وهي المهمة التاريخية التي نجحت على الرغم من معارضة أميركا الأوبامية- حينذاك- لها، مع فارق مهمٍ، وهو أن إنقاذ مصر اعتمد على جيشها القوي، وغزة لا تمتلك جيشاً.

بمجرد تحديد الهدف والغاية يمكن تجاوز كثير من العقبات، ورسم مساراتٍ للحلّ، بعيداً عن أي شعاراتٍ أو مزايداتٍ تدعمها بعض الدول الإقليمية، وتثير الجدل حولها الجماعات الأصولية التابعة للمشاريع الإقليمية المعادية للعرب والمدعومة من بعض الدول الغربية التي قامت سياستها لعقودٍ على استخدام هذه الجماعات لضرب استقرار الدول العربية، ودون مثل هذا الحل ستظلّ غزة تعاني كل بضع سنواتٍ من السيناريو المتكرر نفسه.

فهم طبيعة الجماعات الأصولية وخطابها ومفاهيمها وارتباطاتها السياسية، وإدراك منطق التاريخ، والوعي بتوازنات القوى إقليمياً ودولياً، تجعل من السهل التنبؤ بمستقبل ما سيحدث في غزة فيما لو لم توضع بعض الحسابات على طاولات البحث المتعمق والصريح.

أخيراً، فمأساة غزة الحالية أثارت غضب العالم وتعاطفه، وتخليصها من هذا الهول مهمة عظيمة الشأن لكن لا بد منها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنقاذ غزة مهمةٌ تاريخيةٌ إنقاذ غزة مهمةٌ تاريخيةٌ



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:28 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله
  مصر اليوم - قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon