توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

30 يونيو... مصر في خمسة أعوام

  مصر اليوم -

30 يونيو مصر في خمسة أعوام

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

تغيرت الأحوال وتبدلت المآلات واختلف المستقبل في مصر وفي العالم العربي بعد السقوط المدوّي لربيع الفوضى والأصولية والإرهاب الذي كان يعرّف في وقته بالربيع العربي، وقد وافق أمس السبت 30 يونيو (حزيران) مرور خمسة أعوامٍ على ذلك الحدث الكبير.

فهل انتهت التحديات الاقتصادية التي تواجه الدولة المصرية والشعب المصري خلال أعوامٍ خمسة؟ بالتأكيد لا، ولكن السؤال الأهم قبل هذا هو ماذا جنت مصر وشعبها من فوضى ذلك الربيع؟ الجواب هو أن التحديات الاقتصادية تضاعفت عمّا كان قبلها أضعافاً، ولكن الزاوية الأهم التي تفيد القراءة من خلالها في هذا السياق هي: ما هو الأثر الفعلي للحدث الأكبر حينذاك على الدولة المصرية والشعب المصري وبالتالي على العالم العربي والمنطقة والعالم.

لقد تمّ اختطاف الدولة المصرية من قبل جماعة أصولية إرهابية هي جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها، الذين كانوا في بداية الاحتجاجات يصرحون بأنهم لا يريدون سلطة ولا مسؤولية ولا سياسة وأنهم فقط يدعمون الشباب في الميادين ولم تتردد الجماعة عند أول انتخاباتٍ أن سعت بكل ما تستطيع للاستحواذ على السلطة بالكامل، والسيطرة على النقابات، واكتساح الدولة ومؤسساتها بكل طريقة وكل سبيل، فأخذت رئاسة الدولة وعينت عناصرها في كل المناصب، وهاجمت بكل همجية وعنفٍ المؤسستين الكبيرتين اللتين لم تستطع اختراقهما، وهما مؤسسة القضاء والمؤسسة الإعلامية.

تمّ ذلك كله بدعمٍ كاملٍ من المشروعين المعاديين للدول العربية وشعوبها في المنطقة؛ المشروع الإيراني والمشروع التركي، وبدعم قطري كاملٍ، هذا إقليمياً، وبتغطية ودعمٍ كاملٍ من إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، صديق الأصوليين من الإخوان إلى قطر إلى إيران. 

ولكن مصر استيقظت في 30 يونيو ورفضت أن تكون تابعاً صغيراً في جيب ملالي إيران والمشروعات المعادية في المنطقة، فقام الشعب المصري، وبدعم من الجيش المصري، قومة واحدة في وجه كل ذلك، واستعادت الدولة المصرية نفسها وهيبتها وسيادتها، ووقفت وقفة رجل واحدٍ في الدفاع عن مصر وتاريخها وقيمتها، وملأ الشعب المصري الشوارع والميادين تأييداً لإزاحة حكم الأصولية والفوضى والإرهاب، وصنع التاريخ.

مع وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة الاتصال أصبحت ذاكرة الناس قصيرة، وتحتاج لشيء من الذكرى يجلو الأحداث ويصوّب التحليل. وقفت السعودية وقفة قوية في دعم خيار الدولة المصرية والجيش والشعب، وأصدرت بياناً قوياً مؤيداً، وبعد دقائق أصدرت دولة الإمارات بياناً قوياً مؤيداً، وبعد ذلك أصدرت الكويت بياناً قوياً مؤيداً، وصمتت الإدارة الأميركية الأوبامية، واتجهت مصر إلى الاستقرار مجدداً.

وتكوّن المحور الأقوى عربياً اليوم، الذي بات يقود مصالح الدول العربية وشعوبها، بالقوتين الناعمة والخشنة، وعلى مستوياتٍ من التوافق والاختلاف، ولكن التاريخ تغيّر في ذلك اليوم، يوم تكسير محور استقرار الفوضى وترسيخ محور استقرار الدولة في المنطقة، ومع بقاء الخصوم في المنطقة على ما هم عليه فإنهم أصبحوا أضعف، وأكثر انكساراً، لا في مصر وحدها بل في غالب الدول العربية التي دخلت في استقرار الفوضى، بل وأكثر من هذا لقد عادت الولايات المتحدة لنفسها ولمصالحها ولفرض هيبتها على المستوى الدولي مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، الذي تتجه سياساته واستراتيجياته إلى تصحيح كل الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها الإدارة السابقة.

بعد أعوامٍ خمسة أصبحت مصر ورشة لمشروعات كبرى تتمّ بجهودٍ مصرية وبشراكاتٍ عربية ودولية، من أهمها مشروع قناة السويس الثانية، والمشروعات الاستثمارية الكبرى بالتعاون مع السعودية في سيناء وغيرها، والمشروعات الكبرى مع دولة الإمارات، وهي تحظى بدعمٍ مستمرٍ، ولا ينغص على هذا بحالٍ أي تحدياتٍ لم تزل قائمة بحكم الطبيعة وتطور المجتمعات وحجم الإمكانيات ونحو ذلك.

المكسب الأكبر الذي حدث في 30 يونيو 2013 هو المكسب السياسي والاستراتيجي لمصر وشعبها وللدول العربية، ويكفي لتصور هذا المكسب الضخم تخيل السيناريو المعاكس، وهو سيناريو استحواذ جماعة الإخوان المسلمين على السلطة في مصر وحكمها مائة عامٍ كما كان يصرح بعض رموز الجماعة آنذاك، وهو السيناريو الأكثر كارثية والذي كان سيودي بمصر وتاريخها وقيمتها إلى رقمٍ صغيرٍ في المعادلات الإقليمية وسيوصلها لحالة من الآيديولوجيا المنغلقة والفقر المدقع لتصبح مثل إيران اليوم، إيران التي يعاني شعبها من كل مظاهر التخلف والقمع والقتل والتنكيل باسم الله وآيات الله المعممين، والذي تسلط عليه كل قوى الدولة الأمنية وعصاباتها وميليشياتها لإخضاعه وتدميره وإجباره على الموت جوعاً دون أي احتجاجٍ أو اعتراض.

على مدى خمسة أعوامٍ سلفت أصبح جلياً للشعب المصري من هم حلفاؤه وأشقاؤه ومن هم خصومه وأعداؤه، فالإرهاب الذي فتك بسيناء وبأماكن كثيرة في مصر هو إرهاب جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية المنشقة عنها مهما كانت الأسماء ومهما كان التستر، والداعمون لهذا الإرهاب بالمال والمؤامرات والمواقف السياسية هم أنفسهم أعداء الأمس، إيران وتركيا وقطر، وأصدقاء مصر في السعودية والإمارات والكويت لم يزالوا يواصلون الدعم وبناء المستقبل الأفضل لدولهم وشعوبهم ولمصر ودولتها وشعبها.

ليس من مقصود هذا السياق وجود بعض الخلافات في المواقف السياسية بين أصدقاء مصر في بعض الملفات الإقليمية فهذا أمرٌ مفهومٌ في السياسة، والتحالفات أو المحاور تبنى على مثل هذا التفهم، ولكن يبقى الرهان على المصالح الكبرى والاستراتيجيات المهمة والتوجهات السياسية الفاعلة، ومصر في هذا الإطار هي ضمن هذا المحور العربي وهذا التحالف المظفر، وهي شريك استثماري واقتصادي مهم، وبالتالي فالصغائر التي قد تشوّش على بعض الأمور يمكن تجاوزها بسهولة للحفاظ على ما هو أهم وأجدى في الحاضر والمستقبل.

في تطور التاريخ مساراتٌ كبرى للخلافات والعداوات، وفيه مساراتٌ مثلها للتحالفات والولاءات، فيه تطوراتٌ في توازنات القوى وعلاقات الأطراف، والساسة الناجحون والمثقفون الواقعيون والكتاب العقلانيون يستطيعون التفاعل مع هذا كله بما يخدم الواقع المعيش والمستقبل المنشود، والنجاحات السياسية منوطة بتحييد العواطف وتقديم المصالح، وببناء المستقبل وتحقيق الأحلام.

أخيراً، فالحديث في هذا السياق هو عن لحظاتٍ فيها استقرار ولحظاتٍ فيها اضطراب، كما هي طبيعة التاريخ، ولكن المنطقة بأسرها تعيش واقعياً في صراعاتٍ كبرى ومشروعات متناقضة ومتضادة ومتعارضة تعترك بشكلٍ يوميٍ، ولكن المؤشرات العامة تشير إلى صعود محور الاعتدال العربي ضد خصومه، ومصر تحتاج لكثير، ولكن أشقاءها معها.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

30 يونيو مصر في خمسة أعوام 30 يونيو مصر في خمسة أعوام



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon