توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنقاذ إيران... مهمة عاجلة

  مصر اليوم -

إنقاذ إيران مهمة عاجلة

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

أميركا في عهد بايدن تشبه كثيراً أميركا أوباما في الرؤية والسياسات والتوجهات، أن تكون يسارياً ليبرالياً وأن تسعى لفرض أجندتك على الحلفاء والشركاء وأن تتهجم عليهم في الوقت نفسه الذي تتودد فيه لأعداء أميركا وأعداء حلفائها حول العالم، فهذا عبثٌ سياسيٌ، والموقف من النظام الإيراني هو النموذج الأبرز.
التوقيع على «الاتفاق النووي» مع النظام الإيراني تمّ في عهد أوباما بلا أي مراعاةٍ لمصالح دول الخليج والدول العربية، وهو مجرد «تأجيل» لمشروع إيران النووي العسكري وليس إلغاءً له، ولذلك رفضه الرئيس السابق دونالد ترمب وانسحب منه وأقام العقوبات القاسية على النظام، وبمجرد تسلم إدارة الرئيس جو بايدن أصبح اللهاث الأميركي خلف إحياء الاتفاق المشؤوم ظاهراً وأصبح الهجوم على الدول العربية لا بالتصريحات السافرة فحسب، بل بالسياسات والمواقف الإقليمية والدولية ظاهراً هو الآخر.
لم تتغير الدول العربية والخليجية تجاه أميركا، بل العكس هو الذي حصل، لقد أصبحت مواقف أميركا أكثر حدةً وأقلّ عناية بالشراكة ودعم الحلفاء، ومشكلة هذا التغير الأميركي أنه جاء والسعودية والإمارات تقودان تطويراتٍ داخليةٍ وإقليمية لا تخطئها عين المراقب والمتابع، وأصبح التحالف الذي تقودانه عربياً هو المنتصر وهو الذي يدافع عن الاستقرار والاعتدال في مواجهة النظام الإيراني، وقد أقامت البحرين والإمارات علاقاتٍ طبيعية مع إسرائيل، وصرّح ولي العهد السعودي بأن السعودية «لا تنظر لإسرائيل كعدو، بل كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معاً، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك».
أسعار الطاقة بعد الحرب الروسية الأوكرانية أضحت متقلبة، وفي حملة غير مسبوقةٍ لمواجهة روسيا أضحت السياسات الغربية عموماً تتجه إلى «ديكتاتورية» لا تمت للسياسة وحرية الرأي بصلةٍ، وأصبحت مهمة محاصرة روسيا أولويةً قصوى وكانت الحاجة ملحةً بشكل غير مسبوقٍ للسعودية والإمارات، وهنا تبدو إدارة بايدن متفاجئةً بأن هذه الدول تضع مصالحها ومصالح شعوبها أولويةً قصوى، وبالتالي من له مصالح في هذه الدول فعليه مراعاة مصالحها.. يبدو هذا الحديث من مسلمات السياسة، ولكن تطبيقه واقعياً في سياسات معلنةٍ يعتبر تاريخياً ويمثل إرساء لقواعد تعامل دوليةٍ جديدةٍ في جميع الملفات.
مهمة عاجلة أخرى لدى الدول الغربية تكمن في محاولاتٍ جادةٍ لإنقاذ النظام الإيراني حتى بدون التوقيع على اتفاق جديدٍ في مفاوضات فيينا الذي باتت تعطله روسيا وتكبح جماح الاستعجال الأميركي في التوقيع عليه، ودخلت أميركا وبريطانيا وبعض حلفائهما حول العالم في مهمة دفع أموالٍ طائلة بمئات الملايين من الدولارات للنظام الإيراني، دفعت بريطانيا في صفقة واحدة ما يقارب النصف مليار دولار لإيران، وبعد رفع تصنيف «ميليشيا الحوثي» إرهابيةً أصبح الحديث عن رفع «الحرس الثوري» الإيراني نفسه من تصنيف الإرهاب، وهو رأس الإرهاب الإقليمي والدولي المعاصر، من تنظيم «القاعدة» إلى «داعش» ومن «حزب الله» اللبناني إلى «ميليشيات الإرهاب» الشيعية في طول العالم وعرضه.
هذا تهديدٌ وخطرٌ مباشرٌ لا للدول العربية وحدها، بل للعالم أجمع، ودعمٌ غير مسبوقٍ للإرهاب وجماعاته وتنظيماته، والمتضرر الأول منه هي الدول العربية وإسرائيل، وهو تجاوزٌ للخطوط الحمراء ومحاولة لقلب الموازين. وبحسب متحدث باسم الخارجية الأميركية، الخميس الماضي، فإن التوقيع على الاتفاق مع إيران قد يتم خلال أيامٍ كما نشرت مجلة «النيوزويك».
ثمة سياسةٌ أميركية وغربية لا يمكن التغاضي عنها، وهي الإصرار على جعل السعودية والإمارات دولتين مكشوفتين عسكرياً لهجمات ميليشيا الحوثي الإيرانية في اليمن وللصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة وفرض اشتراطاتٍ غير منطقية على تصدير السلاح لمواجهة هذه التهديدات الجادة، وهاتان الدولتان من الدول القوية وتتمتعان بعلاقات دوليةٍ واسعةٍ، وهما قادرتان على تعويض أي نقصٍ ومواجهة أي خطرٍ، والحديث هنا عن محاولة معرفة الصديق والحليف من غيره، عبر السياسات والمواقف وليس مجرد التصريحات.
في ظل الصراع الدولي الأبرز و«الحرب الباردة» التي ترتكز على الحرب الروسية الأوكرانية جاءت زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للسعودية والإمارات، فأسعار الطاقة في مثل هذه الأزمة عنصرٌ بالغ الأهمية ولا يمكن الاستهانة به بأي حالٍ من الأحوال، والمسألة تحتاج إلى توازن دقيق في ملفات شائكة ومعقدةٍ والمصالح حين تتضارب وعلاقات التحالف حين تختلّ تصبح الحلول أكثر تعقيداً وتحتاج لتنازلاتٍ من الأطراف كافة، ومواقف الدول وسياساتها ليست مجانيةً وتحالفات الدول لا تعني تبعيةً ولا انصياعاً بل علاقات ندية ومصالح مشتركة، وأصحاب الشعارات والمزايدات في المنطقة في طريقهم إلى الانزواء أكثر فأكثر بحيث أصبح خطابهم خارج التاريخ وبعيداً عن الواقع.
انسحابٌ مستعجل من أفغانستان وتمكين حركة «طالبان» من البلاد ورفعٌ لـ«ميليشيا الحوثي» من تصنيف الإرهاب، وسعي لرفع «الحرس الثوري» الإيراني من قائمة الإرهاب، وسكوتٌ عن قصف إيراني لكردستان العراق، ودعمٌ لما يمكن تسميته «الجهاد الأوكراني» وحشد الإرهابيين لمواجهة روسيا، هذه سياساتٌ بالغة الخطورة على العالم وعلى الدول العربية الداعمة لاستقرار الدول ونشر السلام، والدول تقف من دون مصالحها بقوةٍ وتقرأ الحاضر والمستقبل بواقعيةٍ ووعيٍ واستشراف وهي لن تسمح بالتلاعب في مثل هذه الملفات الخطيرة وذات التأثير الطويل المدى مستقبلاً من أي دولةٍ في العالم سواء كانت دولة عظمى أم دولة مارقةً، فالأمر سيان تجاه التهديدات الوجودية وضرب الاستقرار والأمن.
الجدل داخل أميركا نفسها حادٌ وقويٌ تجاه السياسات التي تتبعها إدارة الرئيس بايدن في العديد من الملفات الكبرى دولياً، وهي تتم عبر الكونغرس الأميركي وعبر مواقف قوية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في محاولة لكبح جماح هذا التشتت في الرؤية والسياسات الدولية، وخاصة في لحظة تاريخية عصيبة وحربٍ باردةٍ جديدةٍ تطرق أبواب العالم بقوةٍ وحاجةٍ غير مسبوقةٍ لرصّ الصفوف وتعزيز التحالفات وبناء الشراكات، وأي مراقبٍ دوليٍ محايدٍ سيجد تناقضاً صارخاً في سياسات إدارة بايدن تجاه إيران والسعودية بحيث تتودد بشكل غير مسبوق لإيران ولا تتصرف بالدرجة ذاتها مع السعودية.
أخيراً، ففي حوار ولي العهد السعودي مع «ذا أتلانتك» أوضح أنه «غير مهتم» بما قد يراه بايدن تجاه السعودية وهو موقف قائدٍ يعرف جيداً مصالح بلاده وشعبه، وقد عبّر الشعب السعودي وكثير من الشعوب العربية أنها معه قلباً وقالباً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنقاذ إيران مهمة عاجلة إنقاذ إيران مهمة عاجلة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon