توقيت القاهرة المحلي 06:10:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان بين عتمتين

  مصر اليوم -

لبنان بين عتمتين

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

الخيارات السياسية ليست عبثاً، بل هي تحدد مصائر دولٍ وشعوبٍ، ولها على الدوام تبعاتٌ، صغيرةً كانت أم كبيرةً، لحظيةً أم تراكميةً، ولأجل هذا تحتاج كل الأطراف لتحمل مسؤوليتها تجاه أي خللٍ أو تدهورٍ في الاستقرار أو الأمن أو الخدمات، وفي بلدٍ مثل لبنان تكون المعاناة أكبر والأثر أبلغ.

لبنان منذ سنواتٍ طويلةٍ وهو يشكل عنصراً مهماً وفاعلاً في ما يسمى بمحور الممانعة أو المقاومة عبر «حزب الله اللبناني»، والذي ازداد قوةً بعد السيطرة الخارجية على القرار في العراق بعد 2003 وبعد الانتشار الواسع للميليشيات التابعة لها في سوريا بعد 2011 وبعد احتكار حمل السلاح داخل لبنان بعيداً عن الدولة ومؤسساتها.

نشرت صحيفة النهار اللبنانية خبراً جاء فيه: «وانقطع التيار الكهربائي انقطاعاً تاماً شاملاً عن كل المناطق اللبنانية بعدما أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان ظهر أمس خروج آخر مجموعة إنتاجية..عن الخدمة بالكامل قسرياً، ما أدى بنتيجته إلى توقف التغذية بالتيار الكهربائي كلياً على جميع الأراضي اللبنانية بما فيها المرافق الأساسية في لبنان (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، سجون، إلخ)»، وفي أي دولةٍ تمتلك أدنى المقومات يجب أن تسقط حكوماتٌ جراء مثل هذه الكارثة، ولكن لبنان يعيش «وضعاً خاصاً» كما يروج كثير من اللبنانيين. ليست العتمة المادية وحدها هي التي أضرت بلبنان، بل قبل هذا كانت العتمة الأيديولوجية ومعها العتمة السياسية، فلبنان بأحزابه وتياراته مسؤولٌ كل المسؤولية عما جرى ويجري، والتحالف الذي قام قبل سنواتٍ طويلة بين «حزب الله» اللبناني و«التيار الوطني الحر» بقيادة عون هو الذي أوصل لبنان لهذه المرحلة.

لبنان الذي كان يسمى «سويسرا الشرق» مفتخراً بتعدديته الدينية وتنوعه الثقافي دخل حرباً أهليةً أكلت الأخضر واليابس وعندما أعيد بناؤه بقيادة رفيق الحريري لم تكتمل إعادة البناء بسبب اغتياله وقتله في بيروت من جهاتٍ معروفةٍ حاولت التغطية على ذلك بمسرحية هزلية كان بطلها «أبو عدس»، لبنان هذا لم يعد له أثرٌ اليوم.

شكل الحزب المسيحي غطاء سياسياً للحزب المقاوم، وبالرغم من كل الأزمات والحروب ظل الغطاء قائماً، والولاءات الإقليمية لبعض التيارات اللبنانية جعلتها تنخرط كليةً في خدمة اتجاه كان هدفه دائماً ضرب استقرار واستقلال الدول العربية، وسبّب هذا عتمةً سياسيةً طال أمدها على لبنان الدولة والشعب.

أما العتمة الأيديولوجية فهي احتكار تمثيل «الإسلام» و«المقاومة» باسم الحزب الإلهي والحق الإلهي الذي اقتحم بيروت 2008 وهدد السلم الأهلي بهجومه المسلح على مناطق سنيةٍ ومسيحيةٍ ودرزيةٍ، وعلى الرغم من ذلك استمرّ التحالف السياسي لتلقي العتمة بظلامها الدامس على البلاد.

القلق من تصعيد الحرب في غزة إلى حربٍ إقليمية بين إيران وإسرائيل، تقع لبنان في قلبه لأن «حزب الله» اللبناني يأتمر بأمر الخارج، وهذه معلومة يعرفها الجميع ويصرح بها قادة الحزب مفاخرين، وبسيطرة هذا التحالف على مقاليد السلطة في لبنان ازداد تغوّل الحزب، وبالتالي سيطرة الخارج وتزامن ذلك مع تخفيف الدعم العربي مادياً إلا ضمن شروطٍ لا تتوفر في لبنان للأسف الشديد.

قبل سنواتٍ اشتكى لبنان من تكدس النفايات في كل مكانٍ، ما شكل أزمةً حقيقيةً هددت صحة السكان وضربت سمعة البلد النظيف و«سويسرا الشرق» في الصميم، واليوم تضاف لها العتمة وانقطاع الكهرباء عن دولة بأكملها لا لكوارث طبيعية أو أزمةٍ عابرةٍ، بل نتيجةً لخيارات القادة السياسيين.

*نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين عتمتين لبنان بين عتمتين



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon