توقيت القاهرة المحلي 13:35:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شعب غزة.. وثالوث الظلم

  مصر اليوم -

شعب غزة وثالوث الظلم

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

حرب غزة حربٌ ظالمةٌ بحق الشعب الفلسطيني، فطرفَا الحرب يحرقان هذا الشعب بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، أحدهما عدو كاسح هو إسرائيل التي أثبتت أنها لن تتهاون في أي مساسٍ بأمنها وسلامة مواطنيها حتى ولو أحرقت الأخضر واليابس، والثاني قريبٌ يحرق هذا الشعب في مجامر الأيديولوجيا التي يؤمن بها ولا يؤمن بها الشعب، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.

حرب غزة جائرةٌ لأنها بين طرفين، أحدهما يمتلك كل أنواع الأسلحة الحديثة والنوعية والمدمرة، والآخر يستفز الطرف الأول ويترك شعب غزة نهباً لتلك الأسلحة، ثم يصرح بعض قياداته أنهم غير مسؤولين عن سلامة هذا الشعب ولا عن أمنه، وهذا أمرٌ محرمٌ دينياً بفتاوى الفقهاء المعتبرين، وشائنٌ أخلاقياً بما يتضمنه من جبنٍ وخورٍ وإلقاء بالآخرين إلى التهلكة.

كل مَن يقول بأن من حق التنظيمات المسلحة أن تنقلب على السلطة الرسمية بقوة السلاح ثم تختطف قرار السلم والحرب وتلقي بالشعوب في المهالك يجب عليه أن يقرّ بأنه داعمٌ لكل بشاعات التنظيمات الإرهابية، مثل «القاعدة» و«داعش» وأضرابهما. وأهمية القضية الفلسطينية يجب ألا تردع عاقلاً عن نقدٍ مستحقٍ يجب أن يقال ويجب أن يسمعه الناس في هذه اللحظات العصيبة في غزة وفي المنطقة بأسرها.

قبل عامٍ وحين بدأت هذه الحرب الظالمة في 7 أكتوبر، كتب قلةٌ من الكتاب العرب يحذرون من مغبة هذه الحرب وما ستجره على الشعب الفلسطيني في غزة من مآسٍ وآلام وتدمير، وما كتبوه بالأمس استقراءً أصبح اليوم واقعاً وأرقاماً مفجعةً. وبالمقابل، كتب كثيرٌ من الكتاب العرب تحليلاتٍ وقراءاتٍ تمجد الحدث وتزايد على جماعات الإسلام السياسي وعلى «محور المقاومة» في المنطقة، وتدعو للمزيد من الحرب والقتل والدمار، لا باسم الجهاد المزعوم بل بأسماء ومفاهيم تحاول الالتصاق بالمفاهيم السياسية الحديثة، لكنها تفشل في كل مرةٍ، لأن كل تحليلاتهم وكتاباتهم اتضح اليوم أنها لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به، وأنها مجرد محاولات عابثة لتغطية الأيديولوجيا برداء من العقلانية.

هؤلاء الكتبة يمثلون الركن الثالث من ثالوث الظلم، وهم الذين حرضوا على الحرب حينذاك ويختبئون اليوم ويدفنون رؤوسهم في الرمال حتى لا يروا حجم الخسائر والدمار الذي لحق بغزة شجراً وحجراً وبشراً، ولا يجدون مخرجاً لأنفسهم إلا بالتهجم على الدول العربية وكأنهم تفاجؤوا بأن كل الدول العربية تسعى للسلام لا للحرب. ثم إن هؤلاء الكتبة لم يتجه ولا واحدٌ منهم إلى غزة ولم يغير شعرةً من حياته المترفة، وهم يشاركون قتلة الشعب الفلسطيني في غزة في جرائمهم من كلا الطرفين المتقاتلين هناك.

خمسون ألف فلسطيني ذهبوا ضحايا هذه الحرب، قتلى فقدوا حياتهم وانتهت أعمالهم، وضعف هذا العدد مصابون وجرحى، والبقية ما زالوا نهباً لآلة الحرب ونهباً للأمراض التي تفتك بهم مع استمرار هذه الحرب دون أفقٍ للحلّ. ولئن فسّر المؤدلجون ذلك بالخرافات، فإن مُدَّعي التحليل السياسي لا يستطيعون تفسير ذلك بأنه نصرٌ إلا بفضيحةٍ لعقولهم وانعدامٍ لأخلاقياتهم، ولا يمكن لنشر السباب والشتائم أن يغطي على خطل العقل ولا أن يواري سوأة الخلُق.

وأخيراً، فقد بذلت الدولُ العربية كلَّ ما استطاعت إقليمياً ودولياً لإيقاف الحرب، وبعثت بالمساعدات العاجلة والضرورية التي سمحت ظروف الحرب بوصولها، وهي مستمرةٌ في تلك الجهود حتى تصل لمبتغاها. ومَن تفاجأ بقوة إسرائيل سياسياً وعسكرياً وقوة تحالفاتها الدولية، فهو بحاجة إلى أن يعود ليتعلّم ألف باء السياسة من جديد.

نقلاً عن "الاتحاد"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعب غزة وثالوث الظلم شعب غزة وثالوث الظلم



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon