توقيت القاهرة المحلي 17:13:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر 30 يونيو ... حتى لا ننسى

  مصر اليوم -

مصر 30 يونيو  حتى لا ننسى

بقلم: عبدالله بن بجاد العتيبي

في يناير (كانون الثاني) 2011 سقط النظام السياسي في مصر واختطفت «جماعة الإخوان المسلمين» الدولة المصرية والشعب المصري بدعم أميركي صارخ في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وانتشر الإرهاب وتفشت الفوضى باسم الحرية والديمقراطية.
في 2013 وفي 30 يونيو (حزيران) تحديداً انتفض الشعب المصري بكل أطيافه وطبقاته وفئاته، وملأ الشوارع والميادين غضباً على هذه الجماعة ومسانديها من جماعات الإسلام السياسي من «سلفيين» و«حازمين» ومن غيرهم من التيارات التي قدّمت نفسها وفكرها وتاريخها قرابين في بلاط الجماعة وداعميها الغربيين دولاً ومؤسساتٍ ذات تصنيفات متعددة، وسقط حكم الجماعة وعادت مصر لشعبها.
في 2011 كان الشعار الأقوى «الشعب يريد إسقاط النظام»، ولم يمضِ عامان إلا وكان الشعار الأقوى «الجيش والشعب يدٌ واحدةٌ»، وكان الشعب قد بلغ كفايته من الكذب باسم الدين والخيانة باسم الإسلام والظلم باسم الإيمان، ومن الفساد العريض وبيع مصر وتاريخها وحضارتها وقيمتها لكل مشترٍ دوليٍ وإقليميٍ بثمنٍ بخسٍ.
إقليمياً، كان النظامان «التركي» و«الإيراني» هما الأكثر استبشاراً بسقوط النظام في مصر وتضعضع الدولة واختطافها أصولياً، وقد وصل رئيسا البلدين للقاهرة، التركي رجب طيب إردوغان في 2012 والإيراني أحمدي نجاد في 2013 في زياراتٍ ذات رمزيةٍ مكثفةٍ لسقوط الدول العربية لصالح الخصوم الإقليميين.
بمباركة غربية واسعة، تهاوت أنظمة سياسية عربية وتضعضعت أخرى، سقطت تونس وليبيا ومصر، وتضعضع النظام السوري وتغلغلت فيه «إيران» وتضعضع النظام اليمني وسقطت الدولة بيد «ميليشيا الحوثي» الإيرانية، بالتحالف مع جماعات الإسلام السياسي السنية هناك، وتضعضعت الأوضاع في البحرين.
في هذه الأوضاع المشؤومة أبانت بعض الأحزاب والتيارات السياسية عن جهلٍ مشين بالسياسة والصراعات الإقليمية والدولية، وانفضحت أسماء ورموز فكرية وثقافية وقامت سوق «نفاقٍ» تاريخية لتسويق ذلك «الربيع العربي» الأسود المشؤوم، وقام إعلام شرير باستخدام كل أدواته دعماً لهذا الربيع لنشر الفوضى ودعم «الأصولية» و«الإرهاب».
خرجت تياراتٌ هجينةٌ، ومثقفون متقلبون، تلاعبوا جميعاً بالفكر والثقافة والتاريخ وشاركوا في تجهيل الجماهير وتهييج الرعاع، وركبوا «الموجة» التاريخية بدل مواجهتها، وتفشى «اليسار المتأخون» و«الليبروإخوان» وصارت منصات التواصل الاجتماعي سوقاً للمزايدات، ومجالاً ليمارس البعض تطهراً من أفكاره ويلتصق بهذا القدر أو ذاك بجماعة الإخوان، بتحوير فكره وثقافته وخطابه أو بنسج علاقات مصالح متبادلة معها، كل بطريقته.
قام بعض الكُتّاب غير المنتسبين للإسلام السياسي بالترويج بشكل منهجي وواسع النطاق والتأثير، إلى أنَّ من حق «جماعة الإخوان» أن تحكم وأن تأخذ حقها في الحكم، وأن الديمقراطية التي تأتي بهم ستزيلهم، وهو طرحٌ بالغ الجهل علمياً وشديد النفاق سياسياً، وأصبح الترويج لمقولات «اليسار الغربي» شائعاً في كل وسائل الإعلام القديم والحديث دون عناء في التفكير أو مساءلة حقيقية لهذه الطروحات.
للحقيقة وللتاريخ، وقفت في وجه هذا المدّ العاتي دولتان عربيتان فقط، راهنتا بقوةٍ على الدول العربية والشعوب العربية بغض النظر عن «الهيجان السياسي» و«الجماهير» و«الشعارات»، وهما «السعودية» و«الإمارات»، في مقابل كل هذا التكتل الإقليمي والدولي، ورفضتا «استقرار الفوضى» ورفضتا «الأصولية» و«الإرهاب»، ودعمتا «استقرار الدولة» و«أولوية الأمن» ورفضتا التدخلات الخارجية وأدانتا الخونة الداخليين في تلك الدول، ولولا المساندة السعودية والإماراتية لما كانت «30 يونيو» ممكنةً، ولما عادت مصر لنفسها وشعبها وعالمها العربي.
لقد كان «الربيع العربي» المشؤوم والإرهابي حدثاً تاريخياً بكل المقاييس، قلب الموازين وشتت العقول وأربك الدول، وتاهت في خضمه حقائق ومعلومات ورؤى سياسية وفكرية وضاع بشر كثيرٌ لا بالقتل والفوضى فحسب، بل بالشتات الفكري والاضطراب النفسي والخلل الاجتماعي، وأصبحت الجيوش محلّ اتهامٍ ومؤسسات السيادة والأمن محلّ تشكيك وتشويه وأصبحت الدول في مهب الريح.
سياسياّ، وبعد 30 يونيو وقف الجيش المصري في 3 يوليو (تموز) موقفاً تاريخياً، واستجاب لمطالب الشعب المصري، وأسقط «الحكم الأصولي» وجماعة الإخوان المسلمين على الرغم من الكيد الكبّار والمكر الدولي والرفض الأميركي الداعم الأكبر لحكم الجماعة لهذا التغيير، وهددت بقطع المعونات لمصر فأعلنت «السعودية» دعماً كاملاً للشعب المصري وجيشه وتعويض كل المعونات التي سيتم قطعها، وبعد الموقف السعودي بدقائق معدودة أعلنت «الإمارات» دعماً كاملاً للشعب المصري وجيشه وتأييداً كاملاً للموقف السعودي، وعادت مصر لشعبها وعمقها العربي.
لم يتوقف ذلك المدّ الإقليمي والدولي العاتي حينذاك، بل واصل التكالب ضد مصر وشعبها وجيشها، وردّدوا مقولات «الانقلاب العسكري» و«عودة النظام» و«حكم العسكر»، وبعد سنواتٍ تسع أصرّ الشعب المصري على خياره فبدأ ذلك المدّ في التراجع والتقهقر، وبدأت بعض دوله تعاود العلاقات مع الدولة المصرية، ويتوافد قادتها على مصر بحثاً عن مشاريع جديدةٍ وتحالفات مفيدة، في ظلّ اختلالاتٍ كبرى يشهدها العالم لتوازنات القوى وتطوّر آليات الصراعات الدولية.
في تسع سنواتٍ سجّلت مصر نجاحاتٍ اقتصادية وسياسية شهد بها الجميع، وأخذت تواجه التحديات كدولةٍ مستقرةٍ آمنةٍ ذات ثقلٍ، وتبقى بعض أيتام «الربيع» المشؤوم يلعقون جراح خيبتهم ويهمزون مصر، ويلمزون شعبها ونظامها السياسي على استحياء وسارت عجلة التاريخ.
هل تعيش مصر عصراً زاهراً؟ هل تعيش رفاهيةً؟ والإجابة عن هذا النوع من الأسئلة هو بالتأكيد، لا، ولكنّها تواجه التحديات دولةً مستقرةً، وتعمل بجهدٍ لإصلاحاتٍ اقتصادية فاعلةٍ وتسعى لتنمية واسعةٍ ومستقبلٍ أفضل، وهي على كل الأحوال وبكل المقاييس في وضع أفضل بدون مقارنةٍ من أي شكلٍ أو لونٍ مع زمن «استقرار الفوضى» و«الحكم الأصولي» الذي عاشته لأكثر من عامين.
نهاية «الحكم الأصولي» لا تعني نهاية «الأصولية» وخروجهم من السلطة لا يعني خروجهم من التأثير، والدول الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين ولكل الجماعات المتطرفة ما زالت قائمةً، ومنها دولتان إقليميتان معاديتان للدول العربية وشعوبها، واليسار الذي يحكم عدداً من الدول الغربية يقدم دعماً غير محدود لاستعادة تلك الجماعة ومثيلاتها للمشهد من جديد، وعناصر الجماعة وكوادرها في العديد من الدول العربية يقدمون «مقولاتٍ جديدةً» ويعيدون التموضع والتأقلم مع الأوضاع الجديدة.
أخيراً، فـ«الإخوان الجدد» ينجحون حيناً ويفشلون حيناً، ولهم داعمون بوعيٍ وبدون وعيٍ في أماكن قرارٍ ومؤسساتٍ فاعلةٍ، وقد علمنا التاريخ أن مثل هذه الجماعات لا تنتهي بقرارٍ ولا تختفي بلمح البصر، كما يفكر البسطاء أو الخبثاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر 30 يونيو  حتى لا ننسى مصر 30 يونيو  حتى لا ننسى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon