توقيت القاهرة المحلي 06:10:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية؟

  مصر اليوم -

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

المناظرات الرئاسية الأميركية تمنح رؤية وجيزة لخطط المرشحين المتنافسين، وتسعى لتغطية غالبية المجالات التي تهم الناخب الأميركي، وبينما ينظر العالم لتوجه المرشحين في السياسة الخارجية إلا أن حجم الاهتمام بها عند الناخب الأميركي ليس أولويةً، بل يأتي في مرتبة متأخرة، وهذا أمرٌ طبيعي. خاض الرئيس السابق دونالد ترمب مناظرتين في هذه الانتخابات، الأولى مع الرئيس الحالي جو بايدن وانتصر فيها ترمب انتصاراً ساحقاً ما دفع بالحزب «الديمقراطي» لإخراج بايدن من السباق والدفع بنائبته كامالا هاريس مكانه ثم خاض ترمب المناظرة الثانية مع هاريس، ولكن النتيجة لم تكن مثل الأولى.

أي «ديمقراطي» سيقف في مواجهة ترامب سيكون أفضل من بايدن، وهاريس تحديداً هي نائبته ومطلعة على كل الملفات الحساسة والمهمة، وهي حاضرة الذهن واستعدت استعداداً كاملاً للمناظرة، وبالتالي خرجت هذه المناظرة طبيعية، وفيها تنافس وطروحات متماسكة، ومن الطبيعي أن يرفض ترامب مزيداً من المناظرات والانتخابات على بعد شهرين فقط ما دام أنه انتصر في واحدةٍ وربما تعادل في الثانية وإن كان يعتقد أنه انتصر.

والسؤال هو لماذا كل هذا الاهتمام في الإعلام العربي بالانتخابات الرئاسية الأميركية؟ والحقيقة أنه ليس اهتماماً عربياً فقط، بل هو اهتمام عالميٌ بوصف أميركا هي الإمبراطورية الأقوى في التاريخ وهي أقوى دولة معاصرة بلا منازع، وانتخاباتها تحدد مصير العديد من القضايا والسياسات حول العالم لأربع سنواتٍ مقبلةٍ على الأقل، والإعلام الأميركي يقود الإعلام في العالم ويعتبر نموذجاً لاحترافية الإعلام، وهو وإنْ كان في غالبيته منحازاً لليسار الليبرالي الأميركي الذي تمثله هاريس إلا أنه يتفنن في تغطية الانتخابات ومن السهل العثور على أفكارٍ وبرامج ومعلوماتٍ تهم المتابعين.

يتحدث الحزبان الأميركيان أن هذه الانتخابات ستحدد مصير أميركا لسنواتٍ طويلةٍ قادمةٍ، وهذا يبدو صحيحاً بعد تصعيد الصراع بينهما إلى مستوياتٍ غير مسبوقةٍ في تاريخ أميركا، ولأنها تمثل مفترق طرقٍ تجاه مستقبل أميركا والعالم معها، ولذلك فالاهتمام بها مضاعفٌ داخل أميركا وخارجها. اليسار الليبرالي الأميركي ممثلاً في الحزب «الديمقراطي» والأوبامية السياسية تمثل أيديولوجيا عالميةٍ لها أنصارٌ ومؤيدون حول العالم وفي العالم العربي من وسائل إعلام وتياراتٍ سياسيةٍ وثقافيةٍ وكتابٍ ومحللين بينما الحزب «الجمهوري» حزبٌ يمينيٌ تقليديٌ لا يملك أيديولوجيا عالميةٍ قابلةٍ للتصدير، والمتابع العربي لا تعنيه سياسات أميركا الداخلية، بل يهتم بأثرها على بلدانه ومصالحه.

ومما يزيد هذه الانتخابات تأثيراً أنها تمثل صراعاً على هوية أميركا الحالية والمستقبلية، والصراعات على الهوية بالغة التأثير قوية الأثر وإن لم يستوعبها كثيرٌ من الناس ويحسبونها ترفاً، وأميركا بحسب دستورها هي «أمة من المهاجرين»، وكان المقصود بذلك المهاجرين البيض من أوروبا وإنما كان «السود» وقتها سلعةً ولم ينالوا حقوقهم كاملة إلا منذ عقودٍ قليلةٍ مضت، وانضمت إليهم جماعاتٌ من المهاجرين الجدد من شتى أنحاء العالم، ولكن أهمهم المهاجرون المكسيكيون الذين بدأوا في إحداث تغييرات ديموغرافية في العديد من الولايات الأميركية.

الجدل حول المهاجرين والحدود بين الحزبين جدلٌ عميقٌ وليس مجرد صراعٍ انتخابيٍ، فترامب يصرّ على بناء جدارٍ لحماية الحدود وتهجير المهاجرين غير الشرعيين حماية لهوية أميركا، بينما هاريس تريد المزيد منهم، ويكفي لقراءة عمق وتشعب هذا الخلاف حول هوية أميركا قراءة الكتاب الضخم للمفكر الأميركي المعروف صموئيل هنتنغتون «من نحن؟ المناظرة الكبرى حول أميركا». أخيراً، فبغض النظر عن المنتصر في هذه الانتخابات الأميركية فدولنا قادرةٌ على التعامل مع الطرفين غير أن «الجمهوريين» أقل ضرراً من «الديمقراطيين» في المدى المنظور.

* نقلا عن " الاتحاد"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon