توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المرأة السعودية على طريق التمكين

  مصر اليوم -

المرأة السعودية على طريق التمكين

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

الدول التي تسابق الزمن تحرق مراحل التاريخ، وتكثف معرفتها وخبرتها، وتستفيد من كل مواردها وإمكاناتها لتصنع الفارق وتترقى في مدارج الكمال، تتخفف من أعباء الماضي وتصحح الأخطاء وتنطلق في مسارات حضارية جديدة وآفاقٍ مستقبلية بلا حدود.
قرار السعودية منح المرأة حقوقها الكاملة في استخراج الوثائق وفي السفر والتنقل وفي مكانتها في الأسرة هو قرار تاريخي بالفعل، لا باعتبار هذا القرار سابقاً للعالم، لا، بل باعتباره قراراً داخلياً ينقل المجتمع السعودي نقلة نوعية نحو مزيد من حشد الجهود نحو المستقبل وحشد كل طاقات المواطنين نحو مجتمع أكثر حيوية ودولة أكثر قوة.
تمكين المرأة السعودية هو أحد أركان رؤية السعودية 2030 التي أسسها وقادها بكل اقتدار وتميز ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقد سبقته قراراتٌ وستلحقه أخرى، في التوجه نفسه وللهدف والغاية ذاتهما، فقد تجاوز الزمن كل الأوهام التي كانت تحاصر نصف المجتمع وتعطله عن اللحاق بركب التنمية والمشاركة في التأثير والبناء.
كان ولي العهد صادقاً حين قال قبل فترة ليست بالقصيرة إن للمرأة حقوقاً كفلها الإسلام لم تحصل عليها وسنسعى لتمكينها منها، ومن ذلك هذا القرار التاريخي، وقبله كان قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة؛ هي قراراتٌ تزيد من تمكين المرأة من حقوقها وتفتح الباب لمشاركتها الفعالة في بناء مستقبل وطنها وتحقيق رؤيته وأهدافه المستقبلية الكبيرة وآماله العريضة في غد أفضل.
لقد أثبتت المرأة السعودية نفسها وقدراتها وعلمها ومعرفتها في شتى المجالات العلمية والعملية، وقد آن الأوان أن تترجم كل نجاحاتها السابقة وتبني عليها نجاحات مستقبلية أكبر وأوسع، فهذا القرار مثل غيره من القرارات العظيمة يستجيب لمنطق الزمن وتحديات الحاضر وآمال المستقبل، وهو ضرورة ملحة لا مجرد حاجة عابرة، وهو استجابة طبيعية واعية لتطور المجتمع وحاجات الدولة.
الحقوق ليست مجالاً للمزايدة واختلاف الآراء، وهذا حق أصيل للمرأة، تعترف به الأديان والأنظمة والتقاليد، ومهم أن يعرف الجميع أن هذا القرار هو لمصلحة المجتمع والدولة على حدٍ سواء، وأنه ليس موجهاً ضد فئة دون أخرى، ولا يراد به الانحياز لطرفٍ ضد آخر، بل هو بكل بساطة مصلحة عامة للجميع، ترتبط به وتنطلق منه عشرات المصالح الأخرى، وبالتالي فهو قرار لإعادة بناء المشهد المجتمعي أكثر منه قراراً لهدم أوهامٍ بالية.
هذا لا ينفي أن القرار موجهٌ لأعداء الوطن في الداخل والخارج، ممن شكلوا مرحلة تاريخية سيئة بخطابٍ ديني متشددٍ وأهدافٍ سياسية واجتماعية لا تمت بصلة للوطن ومصلحته وغايته، بل هي مرتبطة بأجندة إقليمية معادية سواء تمثلت بدولٍ أم بجماعاتٍ وتنظيمات، خصوصاً بعدما تكشفت الحقائق ونشرت المعلومات وظهرت القرارات الصارمة لمواجهة المشاريع المعادية.
كثيرون من الشعب السعودي يعيشون حياتهم مع عوائلهم وفق رؤية هذا القرار التاريخي ولن يتغير عليهم شيء بصدوره، ولكن بعض النساء كن يجدن معوقات أسرية تجاه حقوقهن وما يردنه لأنفسهن من تميز وفاعلية، وهنّ المقصودات بهذا القرار لكي يأخذن فرصتهن في النجاح تماماً مثل الفئة السابقة من المواطنات، بل ومثل الرجل على حدٍ سواء.
منذ ظهور خطاب جماعات الإسلام السياسي وعلى مراحل متباعدة ومختلفة من بلدٍ إلى آخر، عانت المرأة طويلاً من تهميشٍ وتحجيمٍ لدورها وتأثيرها، وتم تدجين المرأة في دولٍ كثيرة لتخدم أجندة تعاديها وتقلل من شأنها، حتى وصلت الأمور إلى درجة غير إنسانية أصبحت فيها المرأة سلعة بين يدي قادة وعناصر تلك الجماعات المؤدلجة، وتم حرمانها من أبسط حقوقها، وكانت كل تلك الخطابات المؤدلجة تختبئ خلف شعارات الدين والإسلام وهي تخفي مطامح سياسية عميقة.
تمت على مدى عقودٍ من الزمن عملية منظمة لتحقير دور المرأة وتهميشها عبر عدة طرقٍ من أهمها؛ الهدم والبناء، أما الهدم فالمقصود به هدم ما كانت تعيشه المرأة من حرية وتأثير ومكانة، وكان ذلك الهدم يتم بطرقٍ متعددة ومراحل مختلفة بحسب كل بلدٍ من بلدان العالم الإسلامي، وأما البناء فتم من خلال منظومات فقهية أعيد خلقها ولم تكن معروفة من قبل وتم نشرها على نطاق واسعٍ بهدف تعطيل دور المرأة، وكذلك من خلال حملاتٍ واسعة تحذر من مفهوم «تحرير المرأة» بوصفه ذماً لها، وقد صدرت في كل ذلك عشرات المؤلفات والأدبيات.
من الجيد أن نستحضر في هذا السياق الكتابات السابقة في السياق العربي والإسلامي فيما يتعلق بحقوق المرأة وتمكينها، ومنها كتابات قاسم أمين التي ساعده في بعضها الإمام محمد عبده، وكذلك كتاب «تحرير المرأة في عصر الرسالة» لعبد الحليم أبو شقة، الذي وإن جاء متأخراً فقد جاء في زمن انتشار التأسيس على النصوص الشرعية للتقليل من شأن المرأة، فكان اعتماده كاملاً على نصوص القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، وقد أربك بذلك منظومة تطورت آيديولوجياً بادعائها المستمر لتمثيل الإسلام.
خيارات الدول لا تحكمها جدالات التيارات بل مصالح هذه الدول ومصالح شعوبها، ومن الإساءة لمثل هذه القرارات التاريخية ربطها المتعسف بصراعات ضيقة، أو معارك ثقافية لها سياقاتها المفهومة.
وصل وضع المرأة بعد عقودٍ من سيطرة خطاب جماعات الإسلام السياسي إلى درجة غير إنسانية، وما يجري اليوم في السعودية هو كما قال ولي العهد السعودي، العودة لما قبل أربعة عقودٍ من الزمن، أي العودة إلى ما قبل عام 1979، أي الإسلام الوسطي المعتدل، وهذا القرار التاريخي يأتي ضمن هذه الرؤية الجامعة.
يتذكر كثيرٌ من الأحياء اليوم ويثبت الباحثون المختصون أن المرأة في السعودية كانت تعيش في حرية واستقلالية لا علاقة لها بما حدث بعد سيطرة خطاب ما كان يعرف بالصحوة، وهو أمرٌ جرى في كثير من البلدان في العالم العربي والإسلامي، ولكل بلدٍ حالته الخاصة التي يمكن تتبعها بالشواهد والأمثلة، الحالة واحدة والأمثلة مختلفة، نزع حقوق المرأة باسم الدين ومصلحة الأحزاب الدينية السياسية.
أخيراً، فهذا القرار هو قرارٌ سعودي خالص، لا علاقة له من قريب أو بعيد بحملات الشرق أو الغرب، المعادية أو المزايدة، بل هي مصلحة الوطن والمواطنين ومواجهة التحديات وبناء المستقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرأة السعودية على طريق التمكين المرأة السعودية على طريق التمكين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon