توقيت القاهرة المحلي 08:41:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوريا.. التاريخ والسياسة

  مصر اليوم -

سوريا التاريخ والسياسة

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

الحدث السوري هو الحدث الأبرز والأهم في كل ما يجري في المنطقة، لأن التغير الكبير الذي جرى يعبر بجلاءٍ عن تغيرات كبرى في التوازنات الدولية تجاه المنطقة وعن تغيرات لا تقل أهميةً في التوازنات الإقليمية، ولئن كان احتلال أفغانستان والعراق ما بعد 11 سبتمبر 2001 حدثاً صنع فارقاً في التاريخ المعاصر، فإن إعادة تسليم أفغانستان لطالبان في 2021 وما يحدث في سوريا من تحول سياسي في 2024 يستحق التأمل، فثمة دورةٌ تاريخيةٌ آخذةٌ في التشكل وسيكون تأثيرها كبيراً في المستقبل.

التاريخ والسياسة عاملان مهمان وفاعلان رئيسان في الماضي والحاضر، فالتاريخ يخلق السياسة والسياسة تصنع التاريخ، ولكن أياً منهما لا يلغي الآخر، وعوامل التاريخ المستقرة والقوية لا تزول لرغبة حاكمٍ ولا لجهد نظامٍ سياسيٍ كما أن السياسة حين تكون عازمةً ومؤثرةً وتمتلك أدوات التأثير قادرةٌ على صناعة التاريخ.

بلغةٍ صريحةٍ فإن التاريخ في سوريا أساسه عروبتها لا عرقياتها وإسلامها لا دياناتها وسنيتها لا فرقها، وباللغة الحديثة أكثريتها وأقلياتها، ديكتاتوريتها وديمقراطيتها، ويكفي النظر لتجربة «حزب البعث» بمراحله الذي سعى لإلغاء التاريخ بالسياسة وفشل. أكثر من خمسة عقودٍ من الحكم «العلوي» لم تستطع أن تمحو قروناً من «السنة» في الشام، شام الإسلام والخلافة والسنة، فهل ثمة رغبةٌ دوليةٌ وإقليميةٌ جديدةٌ لإحياء صراعٍ جديد حول من يمثل الإسلام ومن يمثل «المتن» فيه وهم «السنة» بعد عقود من دعم «الهامش» الذي مثلته «الشيعية السياسية» في بعض دول المنطقة؟ ولئن كان السؤال صريحاً فإن أي محاولة لإجابته يجب أن تكون بنفس الصراحة.

الغارقون في الجدل اليومي والآني كانوا يدافعون في عام 2021 عن تسليم أميركا أفغانستان لحركة طالبان الأصولية وهم يجادلون اليوم في عام 2024 بسبب الأحداث الجارية في سوريا، وهم روّجوا في الفترة بين الحدثين لـ «نهاية الصحوة» كمقولةٍ لا تساوي الحبر الذي كتبت به، ثم وجدوا أنفسهم فجأةً في مواجهة مدٍ أصوليٍ، فتاه الإعلام في ملاحقة التفاصيل «الحجاب» و«المرأة» و«الزي» وتاه الباحثون عربياً وغربياً في ملاحقة بعض هذه التفاصيل وغفل الكثيرون عن المعاني الكبرى للأحداث، وما تشير له سياسياً وتاريخياً وفكرياً.

يصرّ الباحث الجاد على التعبير عن رأيه على الرغم من تكالب الظروف ضده، وأن يبقى في المشهد معبراً عن رأيٍ فرديٍ ومستقلٍ يعتقد أنه جديرٌ بالاهتمام، وهو وإن تنازل قليلاً وأغضى كثيراً حريصٌ على أن يبقى رأيه شاهداً على مرحلةٍ من التاريخ الذي يعيش وفترةٍ من التقلبات التي يحيا. للسياسة مصالحها وتوجهاتها والظروف التي تحكم قراراتها، وللمجتمعات حاجتها للمعرفة والتبصر، وللباحث والكاتب الرهان على وعيه ورؤيته التي تحكمها معارفه وخبرته وأدواته، وبعد سنواتٍ تقلّ أو تكثر يكتشف الجميع صوابهم وخطأهم ويبقى التاريخ شاهداً وحكماً.

مراكز الدراسات في المجتمعات والدول بحاجة ماسة إلى أن تكون مستقلةً وبارعةً ومتخصصة، بحيث يبعدها استقلالها عن تأثير المسؤولين الذين يشتركون معها في الولاء السياسي، وتبعدها براعتها عن الآراء العشوائية والشعبوية والجماهيرية، ويبعدها تخصصها عن الخوض فيما لا تعرف أو الجدل فيما لا تحسن، ولئن أثبت الغرب أهميتها حديثاً فقد استطاع البعض نقلها لتصبح على مقاس «ما يطلبه المستمعون». أخيراً، فالحدث السوري له دلالاتٌ عميقةٌ وبالغة الأهمية، سياسياً على المستويين الدولي والإقليمي، ودينياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا التاريخ والسياسة سوريا التاريخ والسياسة



GMT 08:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مجدي يعقوب والعطاء على مشارف التسعين

GMT 07:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 07:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

عند الصباح

GMT 07:57 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 07:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 07:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 07:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 07:51 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon