توقيت القاهرة المحلي 20:36:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي»

  مصر اليوم -

السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي»

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

التيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية تتشكل ثم تتقارب وتتباعد بناء على عوامل متعددة ومؤثرات مختلفة، وبعد تشكلها يبدأ كل تيارٍ يتشظى من داخله وتصطدم التشظيات ببعضها البعض لأسباب بعضها صغير وتفصيلي وبعضها كبير ومهم، وقد جرى هذا في كل الأمم ولدى جميع التيارات على طول التاريخ وعرض الجغرافيا.
في الثمانية عقودٍ الأخيرة من تاريخ المنطقة خرجت جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها «جماعة الإخوان» وهي جماعةٌ دينية همّها الأول هو السياسة ولا شيء ينافس السياسة في أولوياتها وبنيتها وخطابها، أما علوم الشريعة من فقهٍ وتفسيرٍ وأصولٍ فتحتل مرتبةً ثانويةً في اهتمامها، ولذلك لم يكن في قياداتها ومؤسسيها فقيه واحدٌ ولا معنيٌ بالعلوم الشرعية من أساسها، وإلى اليوم وبعد مرور ثمانين عاماً لم يتولّ منصب المرشد العام للجماعة ولا فقيه معتبر واحد.
مع تمدد الجماعة المنظمة في البلدان العربية والإسلامية وحول العالم بدأت بالتأثير على الأفكار والتيارات الأخرى، وكانت العلاقة تبادلية في التأثير، ولأن هم «جماعة الإخوان» هو السياسة فهم قابلون للتعايش مع كل التيارات وبالذات التيارات الدينية، طائفياً ومذهبياً وسلوكياً، ويمكن رصد ذلك في العلاقة الوطيدة بين الجماعة من جهةٍ وتيارات الإسلام السياسي الشيعي من جهة أخرى، وتلك قصة طويلة سبق شرحها.
من التيارات الدينية التي تفاعلت معها الجماعة «التيار التقليدي» أي الفقهاء المعتبرين في المذاهب الإسلامية الأربعة، والتيارات التي تمثلهم أو تمثل بعضهم ومن أشهر تلك التيارات، التيار السلفي، وقد تأثر الطرفان ببعضهما بنسب متفاوتة. فكان للقاء «جماعة الإخوان» بـ «التيار السلفي» تأثيرات متبادلة، فمثلاً خرجت تيارات للتوفيق بين الجهتين، فكانت السرورية وأتباع محمد سرور زين العابدين وكان تيار عبدالرحمن عبدالخالق في الكويت وحاول «الإخواني» العراقي محمد أحمد الراشد تسليف «الإخوان» أو تطعيم «الجماعة» بشيء من خطاب السلفية لتسويقها، وخرجت تيارات سلفيةٌ ناصبت «الجماعة» العداء مثل «الجامية» أو «المدخلية» والمقصود بالتسميات هنا الوصف فحسب، وهؤلاء أقرب للسلفية التقليدية من غيرهم.
في السلفية التقليدية أخطاء كما في غيرها من التيارات، وهذه قصة طويلة، ولكن السياسة لديها ليست أولويةً، ومن هنا ظلت الصدامات في الرؤى والمواقف تتكرر بين «السلفية التقليدية» وتيارات الإسلام السياسي قاطبة، ويمكن استحضار مواقف لا تعد بين هذين التيارين، فمثلاً الموقف من «الجهاد» الأفغاني وغيره أو«الإرهاب» يختلف كثيراً وتصل الخلافات فيه إلى صدامات وصراعات. يكفي المتابع أن يأخذ أمثلةً سريعةً وجديدةً، فمثلاً الموقف من «حزب الله» اللبناني أثار جدلاً على الجانب السنّي، فبينما مجّدته كل تيارات الإسلام السياسي ورموزها فقد رفضته «السلفية التقليدية» وقد أقرّ القرضاوي في مرحلة معينة ببعد نظر رموز «السلفية التقليدية» وقصر نظره هو وتيارات الإسلام السياسي معه في الموقف من الحزب.
في أحداث غزة الساخنة هذه الأيام، وفي الأحداث المماثلة التي توالت في السنوات الماضية تجد البون شاسعاً بين موقف السلفية التقليدية وموقف تيارات الإسلام السياسي، فبينما تنطلق السلفية التقليدية من موقف فقهي مبنيٍ على قواعد فقهية وأصولٍ شرعية راسخةٍ، تنطلق تيارات الإسلام السياسي من مواقف سياسيةٍ محضةٍ تراعي سياسات بعض المحاور الإقليمية، وللسلفية التقليدية رموزٌ في السوشيال ميديا، ولكنّ حضورهم أضعف من غيرهم. أخيراً، ففي السلفية التقليدية موازنات دقيقة لمصالح الأفراد وضروراتهم ومصالح المجتمعات أما تيارات الإسلام السياسي فالسياسة أولاً، ولذلك فهي تياراتٌ لا تعبأ بأن يقتل الآلاف في مقابل نصرٍ إعلامي صغيرٍ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي» السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:20 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
  مصر اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon