توقيت القاهرة المحلي 03:56:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سلام «المقاومة» و«الممانعة»

  مصر اليوم -

سلام «المقاومة» و«الممانعة»

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

لأجل حفنةٍ من «العنب» ذهبت هباء منثوراً تنظيراتٌ وعقائدٌ دينية ومذهبية وسياسية شكلت أيديولوجيا وخطاباً ممتداً لأربعة عقودٍ من الزمن، ولم يتكلف أصحابها سوق أي تبريراتٍ أو تخريجاتٍ مقنعة لأتباعهم سوى الرغبة الجامحة في المال.
بعد أربعين عاماً من قتل النواطير والفتك بالإنسان والحيوان والشجر والحجر في لبنان وعددٍ من الدول العربية تذكرت «المقاومة» و«الممانعة» أن بالإمكان «أكل العنب» دون قتل الناطور، يا ضياع الأعمار وما أرخص الإنسان، شباب لبناني وعربي من دول عدةٍ ضحّوا بأرواحهم وذهبوا في معارك بلا راية وحروبٍ بلا طائل حتى تستطيع «المقاومة» أكل العنب.
الآلاف والآلاف من الشعوب العربية قتلت وفجرت وانتهكت حياتها ومعيشتها وأمنها واستقرارها وحرمت من العيش الكريم ومن الماء النظيف والدواء والصحة من أجل شعاراتٍ كبرى ومبادئ عظمى كانت تخنق وتذلّ بها الشعوب ليتضح في نهاية المطاف أن المقصود هو «أكل العنب لا قتل الناطور»! «الله» وعشرات العقائد والأصول وطوفان من الأدبيات في شتى الفنون شعراً ونثراً، وبحارٌ من الإصدارات الإعلامية والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية والخطب الرنانة، كل ذلك ذهب أدراج الرياح من أجل حفنة من «العنب» والنفط والغاز.
من أجل الهدف الديني الأسمى والغاية المذهبية الأعظم تمّ توريط العشرات من الشباب في «الدم الحرام» وقتل المسلمين الأبرياء في لبنان وسوريا والعراق واليمن وفي «المال الحرام» من «تجارة المخدرات» إلى عمليات العصابات من «خطفٍ» و«فديةٍ» وتفاوضٍ، وتم خوض الحروب التي دمرت «لبنان» وبنيته التحتية وإنسانه ومجتمعه، وفي النهاية ظهر الهدف الأسمى والغاية الأعظم مجرد حفنةٍ من «العنب». هذه لحظة تاريخية كاشفة لأرتالٍ من الخديعة المتقنة، «عقائد» و«مفاهيم»، «مبادئ» و«شعارات» هي أهم بكثير من التناول السياسي المباشر والتفصيلي لاتفاق الغاز، ومن «ما بعد بعد حيفا» صار الواقع إلى «ما قبل قبل كاريش».
«ترسيم حدود» وليس سلاماً، «تفاهم» وليس «اتفاقاً» و«لا مشاحة في الاصطلاح» كما تحدث حسن نصر الله قائد «حزب الله اللبناني» واللغة المستخدمة لغة لطيفة تتحدث عن انتصار الطرفين اللبناني والإسرائيلي وهي إحدى مفردات خطاب السلام العالمي وقوة الصوت ولغة الجسد الهادئة والمسالمة بعكس كل الخطابات السابقة حيث كانت اللغة قاسية والصوت عالياً بالتهديد والوعيد ولغة الجسد تنذر بعظائم الأمور.
لم تتحدث «المقاومة» ولا محور «الممانعة» دولاً وجماعاتٍ وتنظيماتٍ بأي شيء عن هذا الاتفاق اللبناني الإسرائيلي، وبالتأكيد ستنطلق منظومة فكرية جديدة وخطاب ديني ومذهبي وسياسي مختلفٌ في المستقبل القريب، والمثير حقاً أن أحداً من هؤلاء لم يستشعر أي قيمةٍ للأتباع ليشرح لهم هذه التغيرات وهذا الانقلاب على الذات والفكرة والحزب والمحور، فهم أقل شأناً من ذلك، لأن طبيعة جماعات الإسلام السياسي سنيةً كانت أم شيعية تتعامل مع أتباعها كقطيعٍ يساق ذات اليمين وذات الشمال دون أن يكون له رأيٌ أو اختيار.
كان يمكن «ترسيم الحدود» و«صناعة السلام» مثلما صنعت العديد من الدول العربية بخطط استراتيجية واضحة وخيارات سياسية جليةٍ وتطلع لتنمية مستدامة ومستقبل أفضل، دون الحاجة لكل الجرائم التي ارتكبت بحق الشعوب ودون تحويل الدولة إلى «دولة فاشلة» ولكنها الأيديولوجيا حين تفتش عن السلطة بنهمٍ غير مسبوقٍ وطموحٍ جامحٍ تستبيح في طريقها كل شيء دولاً وحكوماتٍ، أفراداً ومجتمعاتٍ.
أخيراً، فستطرح المنظومة الجديدة التي ستصنعها «المقاومة» و«الممانعة» ما تظنه فروقاتٍ بينها وبين النماذج العربية الأخرى، وستسوق مبررات لا تساوي شيئاً للتفريق بين النماذج، وهي في النهاية لا تغني عن الحقيقة شيئاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلام «المقاومة» و«الممانعة» سلام «المقاومة» و«الممانعة»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon