توقيت القاهرة المحلي 12:19:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مجد الفرد ومجد المؤسسة

  مصر اليوم -

مجد الفرد ومجد المؤسسة

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

نماذج الدول وإدارة المجتمعات شهدت اختلافاتٍ كبيرةً بحسب الزمان والمكان وطبائع الدول والشعوب. وفي العصر الحديث نماذج متعددة -كذلك- أهمها النموذجان الكبيران، اليساري الشرقي والليبرالي الغربي.

النموذج اليساري أو الشرقي قام على سحق الفرد لبناء مجد المؤسسة، من عامل في بستان أو تاجر في دكان إلى وزير أو ثرٍ كبير، كلهم يجب أن يتحولوا لتروس في بناء مجد المؤسسة من شركة كبرى مؤممة، أو وزارة أو حكومة أو دولة، وقد كان هذا النموذج الاشتراكي الشيوعي صارخاً في انتشاره وتطبيقاته إبان الحرب الباردة، وجرت عليه تطويرات اختلفت من بلدٍ إلى آخر.

أما النموذج الغربي أو الليبرالي فقام على أن مجد الفرد يصنع مجد المؤسسة، وأمجاد الأفراد وحقوقهم تبني مجداً أكبر وأرسخ وأطول استمرارية للمؤسسة من عامل في مزرعة أو تاجر في دكان كلهم يبنون مجدهم الفردي، الذي يبني بدوره مجداً أكبر للمؤسسة من شركة صغرى، أو كبرى أو وزارة أو حكومة أو دولة. أحد أهم الاختلافات بين النموذجين هو قضية «حقوق الملكية» و«الملكية الفكرية» تحديداً، فحقوق الأفراد وحمايتها من طغيان الأفراد الأقوى أو المؤسسات القوية أساس كل نهضة وأصل كل تطور وتنمية وترقٍ في سلم الحضارة، عاشت الدول الغربية، ونماذجها في الشرق مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما.

من هنا فحقوق الملكية الفكرية تتبوأ مكانة كبرى في الدول الأكثر تقدماً اليوم، والأهم لدى الدول التي استمرت في المحافظة على رتم التقدم وإيقاع التحضر، والنموذج الغربي في هذا السياق أثبت أنه أكثر نجاحاً واستمرارية، وبقدر المحافظة على هذه الحقوق بقدر ما تتشرب المؤسسات إبداعات الأفراد، وهو ما يصب في المحصلة في قوة الدولة والمجتمع.

الاتهامات الغربية كبيرة وواسعة تجاه الصين في مسألة حقوق الملكية الفكرية، والصين انتقلت لبناء نموذج خاص بها بعد تجاوزها النموذج الشرقي اليساري السابق، وهي وصلت بنموذجها الجديد لتصبح ثاني أهم اقتصاد في العالم.

ما يهمنا في منطقتنا هو أن دول الخليج، في الإمارات والسعودية بدأتا بناء نموذج خاص أيضاً في هذا السياق.

وفي لحظات التحول الكبرى للدول، يعلمنا التاريخ والواقع أن الأقوياء لا يتخلون عن أدوارهم السابقة في انتهاك حقوق الأقل قوةً وحظاً، ما لم تحمهم المؤسسة الأكبر. فعبر الزمان والمكان كانت نظرة الأفراد الأقوياء أنانية آنية، بينما الدولة تحكم نظرتها المصلحة العامة والاستمرارية في التطور والارتقاء.الفساد المخفي، واللوبيات المتشابكة أو «الشللية» و«المحسوبية» هي عناصر تشكل أجزاء في منظومة مقاومة الأقوياء للتغيير والتطوير والمحافظة على المصالح الشخصية والذاتية على حساب مصالح الآخرين وبالتالي المصلحة العامة، ولا يوقف مثل هذا الفساد المخفي إلا الحزم من الدولة في التشريعات والقوانين وفي التنفيذ العاجل والعدالة الناجزة.

في 2008 خرج من هوليوود فيلم بعنوان «لمحة عبقرية» أو «Flash of Genius»، وهو يروي قصة شخص عادي خطرت بذهنه فكرة عبقرية عن صنع «مسّاحات» المطر عن زجاج السيارات الأمامية وعرض الفكرة على شركة سيارات كبرى، فسرقت فكرته وأدخلتها في صناعة سياراتها وتبعتها بقية الشركات الكبرى، أقام الرجل دعوى في المحكمة استمرت لسنواتٍ طويلةٍ، ولكنه في النهاية كسب القضية وحكمت له المحكمة بعشرات الملايين لحقوقه في «الملكية الفكرية» لاختراعه ولتعويضه عن سنوات سرقة فكرته والتكسب منها.

أخيراً، ففي لحظات التحول التاريخية للدول، وفي كثيرٍ من المجالات التي تحتاج إبداعاً تتم سرقة الأفكار والتكسب منها، ولهذا فيجب أن تتزامن مع هذا التحوّل تطويرات قانونية وإدارية لحماية «الملكية الفكرية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجد الفرد ومجد المؤسسة مجد الفرد ومجد المؤسسة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon