توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية

  مصر اليوم -

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

دونالد ترامب الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية، والمرشح القوي عن الحزب «الجمهوري» للانتخابات القادمة، هو بحق مالئ الدنيا وشاغل الناس داخل أميركا وخارجها بدرجة أقل، ولكن لأن أميركا هي أقوى دول العالم بلا منازع ولأنها تمثل نموذجاً حضارياً مبهراً فهي دائماً تحت نظر العالم بأسره.
مثيراً كعادته، خرج ترامب مصرحاً بأنه سيتم اعتقاله وحدد اليوم والتاريخ الذي سيجري فيه الاعتقال وهو يوم الثلاثاء، وتوالت ردود الأفعال تجاه التصريح، وقصة ترامب الشخصية والسياسية كانت وما زالت وستظل مكان استقطاب للرأي العالم الأميركي والدولي، فهو مثير في كل تصرفاته وقراراته وتوجهاته، وهو وقف بقوة وحزم وصراحة تجاه بعض الانحيازات الأيديولوجية غير المسبوقة في التاريخ السياسي الأميركي ورفضها ورفض مخرجاتها وقراراتها واستراتيجياتها، وانتخبه الشعب الأميركي بناء على ذلك.
بغض النظر عن طبيعة الجدالات والصراعات الداخلية الأميركية، إلا أن شدة الاستقطاب والصراع داخل أميركا لم تبدأ مع ترامب، بل كان ترامب ردة فعلٍ عليها، واستدعى ظهوره السياسي السريع وغير المتوقع زيادة في الاستقطاب والتنافر، والأخبار المتداولة حول اعتقاله ستكون حلقة مثيرة في هذا الصراع المحموم والمشحون سياسياً ستعقبها حلقات أخرى، ولكن هذه الحلقة وهي اعتقال رئيس سابقٍ لأميركا لو حدثت بالفعل ستكون لها تبعاتٌ كبرى مستقبلاً.
تبدو هذه اللحظة التاريخية وكأنها لحظة الذهاب بالأمور إلى مداها الأقصى، وهذا النموذج داخل أهم دولة في العالم هو مثالٌ واحدٌ، والمثال الآخر والأوسع هو حدة الاستقطاب الدولي الذي وصل مداه الأقصى في الحرب الروسية الأوكرانية والموقف منها، بحيث لم يعد النظام الدولي والمؤسسات الدولية بمنأى عن هذا الصراع المحتدم، والإصرار على تصعيد هذا الصراع والذهاب به إلى أقصاه بات فعلياً يهدد النظام الدولي ويهدد لغة التوازنات السياسية والدولية التي سادت لسبعة عقود من الزمن.
ما هو البديل عن التوازنات السياسية والدولية؟ البديل هو الصراع، والمزيد من الصراعات حيث لا أحد يكسب والخاسر الأكبر هو البشرية والتطور الإنساني المذهل الذي وصل له البشر، والسؤال الملحّ هو كيف يمكن استعادة التوازن ليصبح حكماً في الصراعات الداخلية والدولية مجدداً؟ كيف يمكن تطوير أفكارٍ وفلسفاتٍ جديدةٍ ونشر مبادئ أساسية ومتفقٍ عليها واعتماد أنظمة دولية وإقليمية ومحلية لحل النزاعات وضبط الصراعات وتجنب الاستقطابات الحادة والحفاظ على التوازنات؟
النظام الدولي في الأساس بني واعتمد لإنهاء الحروب وتقليل حدة الصراعات بين البشر دولا وأمماً ومجتمعاتٍ، ونعم، لم تنته الحروب ولكن تعلم البشر أن بعض الحروب يمكن أن تكون «باردة»، وأن تستمر لعقودٍ من الزمن، وأن الحروب الساخنة يمكن أن تكون لها أنظمة وقواعد ومبادئ، وما يجري اليوم على المستوى الدولي وعلى المستوى الإقليمي في بعض المناطق يشير إلى أن العالم فعلياً بحاجة لمراجعة ودراسات وتحليل وتأملٍ يفضي لحلول واسعة وغير مسبوقة تدفع باتجاه مستقبل أفضل للبشرية.
الصراعات جزء من طبيعة البشر، لم تنته ولن تنتهي على الإطلاق، وكلما انتصر العقل البشري خفف من تلك الصراعات وسيطر عليها، ولكنها بطبيعتها تفتش دائماً عن مخارج لتعبر عن نفسها، والواجب ألا تهدأ العقول عن التفتيش عن مخارج واقعية وعقلانية تستوعب الصراعات بالتوازنات حتى لا تذهب إلى مداها الأقصى.
السلاح النووي نموذج لما يمكن أن تصل إليه طبيعة الصراعات بين البشر، ولأنه مبيدٌ ومفنٍ للبشرية اضطر البشر لجعله سلاح «ردع» متبادل، وتعلم البشر تسمية وزارات الحرب بـ«وزارات الدفاع» وتعلّم البشر أهمية السلام في بناء البشرية والتنمية والازدهار. أخيراً، فاعتقال ترامب وبعض تجليات الحرب الروسية الأوكرانية تدفع باتجاه التفتيش عن العقلانية والواقعية مجدداً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية «اعتقال ترامب» والتوازنات السياسية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon