توقيت القاهرة المحلي 08:32:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شرق المتوسط.. زلازل الطبيعة والسياسة

  مصر اليوم -

شرق المتوسط زلازل الطبيعة والسياسة

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

كوارث الطبيعة مؤلمة وقاسية، زلازل وبراكين، عواصف وأعاصير، فيضانات وحرائق، أوبئة وجوائح، وليس للبشر منها ملجأ إلا الصبر والإيمان والقدرة البشرية على النسيان والتجاوز، وإلا فحجم آلامها لا يطاق وفجيعة مآسيها لا تعبر عنها اللغات.
شرق المتوسط هو تحديداً بؤرة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، وشرق المتوسط قصة مؤلمة في عالم السياسة والبشر قبل أن تطرقه كوارث الطبيعة، والصور والمقاطع المصورة تنقل نجاة أفرادٍ، أطفالٍ ونساء وشيوخٍ، وهو مبعث أملٍ دون شكٍ، ولكنها لا تنقل فناء عشرات الآلاف تحت الركام، آخر الأرقام يقارب خمسين ألف ضحية وأكثر منهم المصابون، لقد قضت حيواتٌ بآمالها وأحلامها وانتهت أعمار وفنيت عوائل بأكملها تحت البيوت المتهدمة والمدن المتضررة، وهذا جزء من الحياة مؤلمٌ للنفس البشرية ومؤذ للإنسان.
المنطقة التي ضربها الزلزال هي منطقة أقل تنمية وتطوراً وأماناً واستقراراً من بقية المناطق في بلدانها، حيث تتجمع فيها أعراق أقلّ حظاً أو جماعات سياسية أقل حظوة، فالشمال الغربي من سوريا هو ما تبقى من منطقة لا تسيطر عليها الحكومة السورية بعد حربٍ أهلية قاسية دامت سنواتٍ طوالاً، فلا تأتيها المساعدات من مناطق النظام السياسي المدعومة من دول كبرى إقليمياً ودولياً كما لا تجيء من المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية المدعومة كذلك إقليمياً ودولياً، وهو ما عمّق المأساة وأضعف جهود التعافي من آثارها.
لا أحد معنيٌ فعلياً بإنقاذ تلك المنطقة ومساعدة البشر فيها، والسياسة قاسية ولها أحكامٌ وشروطٌ لا يتوافر الحد الأدنى منها لسكان تلك المنطقة، وهم بين فكي ذلك الإهمال الداخلي والإقليمي والدولي والتناحر المحلي بين جماعات وتنظيمات مسلحة ومدربة تتنوع بين الإرهابية وغيرها، بمعنى أنها منطقة فاقدة للاستقرار السياسي الذي يبنى عليه كل شيء.
كالعادة كانت المساعدات الإغاثية والإنسانية ضرورة ملحة وحاجة لا غنى عنها، وكالعادة أيضاً كانت دولتا الإمارات والسعودية في مقدمة الدول التي استنفرت قدرتها ومدت جسور الإعانات والمساعدات والإغاثة بفرق ميدانية ودعم مادي ومعنوي غير محدود، فأقيمت المستشفيات الميدانية المتكاملة، ووزعت الإعانات وأنشئت المخيمات لعشرات الآلاف من الناجين، وهو ما ساهم من تخفيف آثار الكارثة قدر المستطاع، وهي مساعدات إنسانية غير مشروطة، بل تمثل استجابة إنسانية في أرقى صورها لمواجهة كارثة طبيعية لا يد للإنسان فيها.
الكوارث الطبيعية تضرب في كل مكانٍ، والفرق يكمن في استعداد الدول لمواجهتها وقدرتها على احتواء آثارها، والدول الأكثر تقدماً تسعى للتنبؤ بها قبل حدوثها، في أكواد البناء لمواجهة الزلازل وفي الفرق الجاهزة والمدربة لمواجهة كل تحدٍ، وفي ثقافة التبرع والبذل والمشاركة في التطوّع والعطاء.
إنها لحظة كاشفة عن حجم التعاطف الإنساني، وبخاصة في دول الخليج العربي، حيث الاستقرار السياسي ثابتٌ والأمن ينعم به الجميع، وهما أمران رئيسيان لهما ما بعدهما من رغد عيش وآمال وطموحات، ومن دونهما فلا تنمية ولا ازدهار ولا بناء، ومن دونهما تزيد الكوارث أثراً وألماً وتبقى آثارها طويلاً على الطبيعة والإنسان.
بشهادة العالم كانت الاستجابة الأسرع والأبلغ تأثيراً والمستمرة هي التي جاءت من دول الخليج العربي، وهو أمرٌ غير مستغربٍ أبداً، وتكتنز ذاكرة المواطن الخليجي أحداثاً وكوارث سابقة في المنطقة والعالم كانت دوله فيها رأساً وعَلَمَاً في الدعم والمؤازرة والوقوف مع الإنسان لأنه إنسان في أحلك الظروف التي يمرّ بها البشر.
أخيراً، فمعظم الكوارث الطبيعية لا يخففها إلا تآزر بني البشر ومعاني الأخلاق الإنسانية السامية التي تتجلى في لحظات استحكام الكوارث والنوازل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرق المتوسط زلازل الطبيعة والسياسة شرق المتوسط زلازل الطبيعة والسياسة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon