توقيت القاهرة المحلي 02:20:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المتطرفون والمخدرات و«كورونا»

  مصر اليوم -

المتطرفون والمخدرات و«كورونا»

بقلم :عبدالله بن بجاد العتيبي

خبرٌ مثيرٌ صادرٌ من البرلمان اللبناني الأسبوع الماضي يشير إلى تغيير القانون الذي يجرّم زراعة الحشيش والاتجاه إلى تشريع زراعة «الحشيش» أو القنب الهندي في لبنان، ومعروف أن أكبر المستفيدين من زراعة الحشيش والمخدرات في لبنان هو «حزب الله» اللبناني التابع لإيران، وعلاقة الأصوليين من جماعات الإسلام السياسي، سنة وشيعة والإرهابيين من تنظيمات العنف الديني، بالمخدرات والجرائم وتشريعها واستخدامها وترويجها والتجارة بها، واحدة من أهم القصص التي يجب أن تروى.
الأصوليون المتطرفون والإرهابيون المجرمون من السنة والشيعة في الإسلام، تجمعهم عقيدة واحدة وغايات مشتركة، ومبادئ متشابهة تجتمع كلها في ترسيخ مبدأ الوصول للسلطة بأي طريقة وبأي ثمنٍ، وأن كل محرمات الإسلام الكبرى والصغرى مباحة حين تعيق هذا المبدأ الأساس، الذي يحرك كلَّ خطاب وفكر وآيديولوجيات الإسلام السياسي الحديث.
حسن البنا دافع عن صهره دفاعاً مستميتاً، بعدما تأكَّد من قيامه باغتصاب سيدات أعضاء في جماعة الإخوان، وكان ينظّر للاستعداد ليوم الدم وينشئ نظام الجوالة للتدريب العسكري والنظام الخاص أو السري لقتل الخصوم وتصفيتهم بالاغتيال أو التفجير أو بأي طريقة كانت، والخميني أصبح رمزاً عالمياً لبشاعة الآيديولوجيا المسيّسة بعدما أعدم الآلاف من شركائه في الثورة، ولم يتورع يوماً عن مجازر تحصد الآلاف المؤلفة من البشر لمجرد الشك فيهم، أو إحساسه بتهديدهم لدولته وسلطته ونظامه الثيوقراطي.
معلومٌ أن المذاهب المعتمَدة في الإسلام لها آراء فقهية تفرضها عليها بيئتها ومناطق انتشارها ومدرستها المستقرة كما تحدث بعض الفقهاء عن التمييز بين بعض الأقطار الإسلامية، وإباحة بعض المحرمات فيها بناءً على اجتهادات مدارس الفقه في تلك البلدان، غير أن الأمر في هذا السياق مختلفٌ فجماعات الإسلام السياسي ليست لها قواعد فقهية ثابتة، ولا مدارس فقهية معتبرة، بل مبدأها الراسخ هو الوصول للسلطة، وإنْ بارتكاب كل المحرمات الكبرى في الإسلام بلا اجتهاد ولا بحثٍ عن الحقيقة بل لمجرد خدمة الغاية السياسية.
المخدرات في هذا الزمن سلعة غالية الثمن، وهي تشكل دخلاً عالياً لكل من يتاجر بها ولضمان تدفقاتها المالية العالية، فإنَّ الغالبية الكبرى من جماعات الإسلام السياسي وتنظيمات العنف الديني تعمل في هذا المجال المجرّم دولياً والمحرّم دينياً بناءً على فتاوى تنظيمية نفعية لا علاقة لها بالإسلام ولا بمبادئه، بل لأجل براغماتية محضة تحكم هذه الجماعات ورموزها وأتباعها.
ومن هنا فثمة ارتباط كبيرٌ وواسع جداً على مستوى العالم بين جماعات الإسلام السياسي وبين عصابات المافيا وتهريب المخدرات حول العالم، ومن الدول التي حكمتها جماعات الإسلام السياسي وعملت في مجال تجارة المخدرات، إيران بعد حكم نظام الولي الفقيه، وأفغانستان بعد حكم «طالبان»، والسودان بعد حكم جماعة الإخوان المسلمين.
هذا على مستوى الدول، أما على مستوى الأحزاب والجماعات والتنظيمات فقد كان لـ«حزب الله» اللبناني دورٌ بارزٌ ومعروف على المستوى الدولي في تهريب المخدرات وتجارتها، والمعلومات موثّقة في أوروبا وأميركا ودول أميركا الجنوبية وغيرها، كما أن تنظيم «القاعدة» كان يتاجر بالمخدرات مع «طالبان» ويستفيد من أموالها في عملياته الإرهابية التدميرية، وتبعه على ذلك تنظيم «داعش» الذي حصد الأموال الطائلة من وراء تلك التجارة.
وكانت هذه الأحزاب والجماعات تستخدم المخدرات لدفع أتباعها الصغار إلى الإقدام على العمليات الإرهابية والانتحارية، من دون خوفٍ بسبب أنواع المخدرات التي تُعطى لهم حتى من دون أن يشعروا، أو إفتائهم بأنها جائزة وربما مستحبة لتحقيق أهداف الجماعة، وأن في ذلك خدمةً للإسلام والمسلمين، وهو ما لم يقل به أحد من الفقهاء من قبل في تاريخ الإسلام، إلا لدى بعض الفرق الأقلوية الهامشية التي لا قيمة لها مثل جماعة ابن الصباح ونحوها.
تجارة النظام الإيراني بالمخدرات وترويجها والتعامل مع عصاباتها ومافياتها المسيطرة على أسواقها حول العالم، جعلت هذا النظام قادراً على تزويد كل الأحزاب والجماعات التابعة له في المنطقة بالمخدرات، وغير كل ما سبق تكفي دراسة نموذج ميليشيات الحوثي في اليمن التي غرقت وأغرقت أتباعها والشعب اليمني لا في تجارة المخدرات فحسب بل في استخدامها وإدمانها وترويجها بين الناس، وهذه في حد ذاتها جريمة لا تُغتفر.
جماعات الإسلام السياسي بما أنها محظورة لدى العديد من الدول، فإنها سعت ولعقودٍ طويلة إلى بناء علاقات وطيدة بكل منظمات الجريمة، من مخدرات إلى سلاحٍ وتهريب وقتل وتفجيرٍ بسبب المصالح المشتركة التي تقوم على استباحة الجريمة ومخالفة الأديان والقوانين المعتبرة في كل دولة، والقوانين الدولية بشكل عامٍ.
فلنتخيل موقف هذه الجماعات من فيروس «كورونا» لو كانت تمتلكه أو تمتلك مثله كسلاحٍ بيولوجي فتاك، هل كانت ستتورع عن استخدامه ضد خصومها؟ ولو امتلكت سلاحاً نووياً هل كانت ستتورع عن استخدامه؟ الجواب بالتأكيد هو: لا، بل ستبادر إلى ذلك بأسرع ما تستطيع، ويكفي هنا تصريحات تيارات ورموز وكوادر تابعة لجماعة الإخوان المسلمين تعمل من تركيا وقطر لأتباعهم المصابين بفيروس «كورونا» إلى نشره بين قوات الجيش والأمن وبين المواطنين الآمنين بغرض الإضرار البالغ بالدولة المصرية والشعب المصري.
وهذا دأب هذه الجماعات منذ إنشائها، وقد اقترح إخواني كويتي في محاضرة مصورة بعد جريمة تنظيم «القاعدة» النكراء في أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، على التنظيم أن يهرّبوا مادة «الإنثراكس» كما سمّاها، من المكسيك، ووضعها في خزانات المياه في لوس أنجليس ليتم قتل ملايين البشر الأبرياء العزل المساكين من دون أن يرف له جفنٌ.
من يقرأ أدبيات هذه الجماعات ورموزها ومن يتابع أخبارها وعملياتها الإرهابية، يعرف بسهولة أن هذه الجماعات لا تعني لها القيم الإنسانية الحديثة أي شيء، وهي على أتمّ الاستعداد لارتكاب أبشع الجرائم، ما دامت تحقق أهداف هذه الجماعات السياسية، ولولا خشية الإطالة لتم عرض العديد من الكتب والفتاوى والعمليات التي توضح هذا الأمر بكل جلاء، وهو عموماً ما يعرفه الباحثون والمراقبون جيداً دون مزيد عناء.
أخيراً، فإن كانت المخدرات والسرقة والاغتصاب والقتل ونحوها جرائم في كل الأديان والقوانين والفلسفات فإن جماعات الإسلام السياسي تستبيح ذلك كله وأكثر، وباسم الله والدين والمذهب للأسف الشديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتطرفون والمخدرات و«كورونا» المتطرفون والمخدرات و«كورونا»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon