توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق ولبنان: من يقتل الشيعة؟

  مصر اليوم -

العراق ولبنان من يقتل الشيعة

بقلم: عبدالله بن بجاد العتيبي

القتل جريمة في كل الأديان والمذاهب، وهو حقٌ للقضاء في الدولة، وما يجري اليوم في العراق ولبنان يدمي القلوب ويحير العقول.
«مقاتل الطالبيين» كتاب مهمٌ تاريخياً، رصد فيه مؤلفه أبو الفرج الأصفهاني من قتل من آل البيت من نسل علي بن أبي طالب من البعثة مروراً بالعهد الأموي ثم العباسي، وأحسب أننا نعيش لحظة تاريخية غريبة حيث أصبح النظام الإيراني يقتل الشيعة باسم الله والإسلام والمذهب، وذلك بعد الانقلاب الذي قام به الخميني على المذهب الشيعي الكريم وأصوله وقواعده وتاريخه، وذلك حين قام بتدشين «الإسلام السياسي» في شقه الشيعي، وصولاً إلى نجاحه فيما أصبح يعرف بثورة الخميني.
مرّ رموز المذهب الشيعي سواء كانوا شيعة أم لا بمآسٍ ومقاتل متعددة منذ مقتل الحسين رضي الله عنه، وهو المقتل المفجع، لكل المسلمين سنة وشيعة وفي سلسلة لم تنقطع، وظل المذهب الشيعي الكريم رافضاً للسياسة منتظراً للمهدي حتى قام الخميني متأثراً بالإسلام السياسي السني من حسن البنا إلى المودودي وسيد قطب، بما يسميه المفكر المغربي عبد الله العروي «تسنين التشيع».
معلومٌ أن ظهور الإسلام السياسي كان نقطة تغير كبير في تاريخ الإسلام، حيث تغيرت معالم الدين وأركانه وحلت محلها السياسة والبحث عن السلطة، وهو أمرٌ تم شرحه طويلاً من كاتب هذه السطور في هذه المساحة وتناوله كثير من الباحثين والكتاب، وما جرى في المذهب السني جرى مثله لاحقاً في المذهب الشيعي، وكما كان حسن البنا والمودودي وقطب مصيبة على الإسلام والسنة، كان الخميني وخامنئي مصيبة على الإسلام والشيعة.
من أكثر ملامح المذهب الشيعي التي يختلف بها عن المذهب السني انتماؤه لأهل البيت والتوجع لآلامهم، غير أن الأمر اليوم مختلفٌ فقد كانت المظالم ضد الشيعة في التاريخ تنسب لبعض السنة، ولكنها اليوم أصبحت تتم بأيدي شيعة الإسلام السياسي ضد الشيعة التقليديين حماة المذهب وحراس جوهره والأمناء على حفظ تاريخه.
التنكيل بالشيعة في هذا الزمان أكبر من قتلهم في التاريخ كله، عدداً وحجماً وبشاعة ومظالم، والأنكى أن أكبر قاتلٍ للشيعة في العصر الحديث هو نظام الولي الفقيه في إيران، هذا النظام الذي يعدّ أبرز نموذجٍ لفداحة الخطيئة التاريخية التي شوّهت الإسلام ديناً سماوياً جاء بالرحمة للعالمين، لتجعله ديناً أرضياً جاء بالظلم والقتل للاستحواذ على السلطة، وهي خطيئة ظهور جماعات وفكر الإسلام السياسي.
نظام «ولاية الفقيه» اتخذ من المذهب الشيعي الكريم مطية له لنشر الظلم والتقتيل بين الشيعة أنفسهم، لأن هذه الجرائم الكبرى في الحقيقة موجهة إلى الشيعة الذين يدعي هذا النظام كاذباً احتكار تمثيلهم أمام العالم.
في لبنان قتل الشيعة وغير الشيعة يقوده حزب الله وحركة أمل، وقتل الشيعة في العراق تقوده الأحزاب الشيعية وميليشيات الولي الفقيه من حشد شعبي وعشرات التسميات الشبيهة به، التي يفاخر قادتها بانتمائهم وولائهم لإيران أكبر من وطنهم العراق، ما يعني تبرير الخيانة الوطنية باسم المذهب الديني.
رجال إيران في العراق من الخونة المستترين بالمذهب تفضحهم وتفضح فسادهم وظلمهم المرجعية التقليدية في العراق التي يقودها آية الله السيد علي السيستاني المنحازة للشعب، والرافضة لكل مشروع الولي الفقيه ونظرية ولاية الفقيه من أساسها، ولولا خوفهم من سطوة المرجعية وقوتها وانتشار أتباعها في العراق والعالم لقضوا عليها بالاغتيال والتفجير، ومع ذلك فهم لم يقصروا في قتل مواطنيهم الشيعة العراقيين وابتزازهم وسرقة أموالهم وإبادتهم، إن لزم الأمر باسم قاسم سليماني والولي الفقيه.
أما أعظم قتلٍ للشيعة على الإطلاق في التاريخ القديم والحديث على حدٍ سواء فهو قتل الشيعة في نظام إيران الخمينية التي يحكمها الإسلام السياسي منذ أربعين عاماً، ويحتاج حصر المجازر الجماعية وقتل الشيعة الأفراد إلى بحوثٍ مستقلة بإحصاءات علمية ستكون نتائجها مذهلة.
عاش الشيعة قروناً من تاريخ الإسلام تحت حكم الأكثرية السنية وتعرضوا لظلمٍ، ولكنه ليس مثل الذي فعله ويفعله النظام الإيراني من مجازر ومذابح وإفقارٍ ممنهجٍ كسياسة للنظام في إيران، مع استحضار أن التعامل مع المواطن الإيراني هناك يتمّ كأنه سلعة رخيصة ملقاة على قارعة الطريق لا يأبه لها أحدٌ وليس لها أي قيمة، فالجماد أكرم منها وأغلى، فالشيعي في إيران نفسها ماله مستباحٌ وعرضه منتهكٌ ودمه كلأٌ مباحٌ.
مسكينٌ هو المواطن الشيعي في لبنان والعراق، ومسكينٌ أكثر منه الشيعي الإيراني لأن أحداً في العالم لا يأبه لمظالم هؤلاء ولا يدافع عنهم، لأن النظام الإيراني يدعي احتكار تمثيلهم، وهو أكبر قاتلٍ لهم وأخطر مهدرٍ لكرامتهم وإنسانيتهم.
كما هو متوقع فقد بدأ قتل المحتجين الشيعة في العراق على يد قوات الحكومة ويد ميليشيات إيران في العراق، ومن قبل ومن بعد قتل ويقتل الشيعة على يد تنظيمات الإرهاب السنية التي يدعمها النظام الإيراني كتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وهو ما سيحصل مثله في لبنان، لأن كل الخبرة الإيرانية مع الاحتجاجات منذ تسلّم السلطة نظام الولي الفقيه هي القتل والتدمير والإبادة، وقد بدأ حزب الله وحركة أمل الاتجاه إلى العنف والفوضى والمسألة مسألة وقتٍ يا للأسف.
إيران تغتال رموز المذهب الشيعي وأنصاره مثلما اغتالت محمد باقر الصدر وعشرات من أتباعه في تفجير إرهابيٍ، وتفجر مراقد أئمة المذهب لخلق الفتنة الطائفية، كما فعلت في تفجير مرقد الإمامين العسكري في سامراء، ولا تتردد في ارتكاب المجازر ضد أتباعه.
يمكن المقارنة بين مصير المواطنين الشيعة في إيران والعراق ولبنان بمصير الشيعة في دول الخليج العربية؛ فهم في الأولى يقتلون ويسرقون وتنتهك أموالهم وكرامتهم وإنسانيتهم، بينما هم في الثانية مواطنون لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات، يعيشون مثل باقي المواطنين في رغد عيشٍ وكرامة.
لا تعاني دول الخليج من مواطنيها الشيعة، بل تعاني من النظام الإيراني الشرس وأتباع الولي الفقيه ومشروعه الدموي الطائفي، ممن يفجرون ويغتالون ويقتلون ويتآمرون ضد المواطنين الشيعة والسنة على حدٍ سواء، من البحرين إلى الكويت والسعودية.
أخيراً، فالحديث هنا سياسي وليس مذهبياً، فالقاتل هو نظام الولي الفقيه في إيران والمقتول شيعة كرامٌ ومواطنون يطالبون بحقوقهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق ولبنان من يقتل الشيعة العراق ولبنان من يقتل الشيعة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon