توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«فتنة» عدن و«حوار جدة»

  مصر اليوم -

«فتنة» عدن و«حوار جدة»

بقلم: عبدالله بن بجاد العتيبي

لم تزلْ أحداثُ عدن ساخنة والمواقف منها مختلفة حدّ التناقض في بعض الأحيان بين الفرقاء اليمنيين، ولكن جاء فصل الخطاب في البيان السعودي الحاسم، وفي تصريحات سفير السعودية في اليمن، و«قطعت جهيزة قول كل خطيب».
الفتنة مصطلح ديني سياسي معبّر في سياق تاريخ المسلمين الطويل، ويعبّر عن صراعات المسلمين والاختلافات فيما بينهم، وهو ما كان يُحلّ بالحوار منذ عهد الصحابة الأُوَل وإلى اليوم في سلسلة طويلة أُلّفت فيها كتب مستقلة وتناولتها كل كتب التاريخ العتيقة والحديثة.
البيان السعودي متسقٌ تماماً مع المواقف السعودية المعلنة مسبقاً في التصريحات والبيانات، كما ذكر البيان صراحةً، وهو موقفٌ حازمٌ في طريق الخروج من الأزمة عبر «حوار جدة» الذي دعت إليه السعودية كحلٍّ وحيدٍ بحيث يجب «أن تنخرط الأطراف التي نشب بينها النزاع والحكومة الشرعية في حوار جدة بشكل (فوري) ودون تأخير»، ويعيد البيان تأكيد «ضرورة الالتزام التام والفوري وغير المشروط بفض الاشتباك ووقف إطلاق النار وأي انتهاكات أو ممارسات تمس بحياة الشعب اليمني الشقيق، ولن تقبل بأي تصعيد عسكري أو فتح معارك جانبية لا يستفيد منها سوى الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة إيرانياً، والتنظيمات الأخرى المتمثلة في تنظيمي (داعش والقاعدة)» حسب نص البيان.
وقد أكد البيان دعمه للشرعية اليمنية وهذا موقف السعودية منذ بدء عاصفة الحزم وإعادة الأمل، والشرعية هي التي بُني عليها كل الجهد المبذول دولياً وإقليمياً، ومن هنا جاء وصفها بالشرعية، وقد صرّح سفير السعودية في اليمن تصريحاتٍ مهمة بعد صدور البيان السعودي، وكان حديثه مفصلاً أكثر، فقال: «تمثل جهود المملكة والإمارات الركيزة الأساسية في إنهاء الأزمة التي حدثت في بعض المحافظات الجنوبية، وذلك وسط تجاوب ملموس وبمسؤولية عالية من القيادات التي حضرت إلى جدة تلبيةً لنداء المملكة للحوار»، وهو تأكيد المؤكد من قوة التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، كما أضاف: «تقدر المملكة تضحيات وبسالة أبناء الجنوب في مواجهة الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران في كل الجبهات، وتؤكد أنهم يمثلون مع إخوانهم في القوى الوطنية اليمنية كافة رأس الحربة في صدر المشروع الإيراني الخبيث في اليمن»، وخلص السفير إلى خلاصة توضح تعقيدات الواقع بالقول: «تدرك المملكة أبعاد وتعقيدات القضية الجنوبية وتأثيرها على مجريات الأحداث الأخيرة في عدن وأبين وشبوة، كما تدرك الصعوبات التي يواجهها أطراف حوار جدة أمام مختلف توجهات وأفكار ومطالب مؤيديهم، وتثمّن المملكة حرص الجميع على الحوار وتجنب إراقة الدماء».
كتب كاتب هذه السطور في هذه المساحة 25 أغسطس (آب): «الحرب في اليمن قائمة على المرجعيات الثلاث، وقرار مجلس الأمن لدعم الشرعية، وبالتالي فالشرعية هي الممثل الوحيد للدولة اليمنية في مواجهة اختطاف ميليشيا الحوثي الإيرانية للدولة اليمنية، ومن دون الشرعية يسقط مبرر الحرب، ويفقد التحالف العربي الداعم للشرعية المبرر القانوني الدولي، وهذه نقطة مركزية يجب أن تكون لها الأولوية». كما كتب بتاريخ 1 سبتمبر (أيلول): «هل الشرعية اليمنية مهمة؟ سؤال أساسي، والجواب: نعم، هي مهمة لأنها الممثل الشرعي والوحيد للدولة اليمنية المعترف به دولياً، والتي قام التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات أساساً للدفاع عن اليمن من خلالها، هذا أمرٌ مفروغٌ منه».
أوضح البيان السعودي الحاسم عمق إدراك السعودية كل أبعاد الأزمة اليمنية وأبعادها التاريخية وتطوراتها الحالية، وأن دور السعودية التاريخي في دعم اليمن، دولةً وشعباً، مستمرٌ وتحديداً بعد «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، وأن المخرج الوحيد من «الفتنة» هو في الحوار والحوار فقط لا في التصعيد العسكري ولا في فرض واقع جديد.
حوار جدة سيكون حاضنةً عملية لحوارٍ جادٍّ يشمل جميع مسائل الخلاف ويعمل على حلّ التعقيدات وتذليل الصعوبات بهدف لمّ الشمل واستعادة الأولية الأهم وهي القضاء على ميليشيا الحوثي الإيرانية واستعادة الدولة اليمنية، وتحت هذا الهدف يمكن للفرقاء اليمنيين أن يجتمعوا على المصالح العليا لدولتهم وشعبهم كما يمكن تأجيل بعض الخلافات لما بعد استعادة الدولة.
اليمن يمثل عمقاً استراتيجياً حقيقياً للسعودية، وبالتالي فالسعودية يهمها اليمن ومستقبله واستقراره، ولا أَدلّ على هذا من إنشاء «التحالف العربي» الذي تقوده السعودية ومعها دولة الإمارات، والدخول في حرب خشنة في اليمن لضمان استقرار الدولة اليمنية وقطع يد المحتل الإيراني وذراعه الحوثية هناك، والقضاء على تنظيمات الإرهاب في اليمن، من تنظيم «القاعدة» إلى تنظيم «داعش».
يمكن للمتابع والمهتم أن يرصد تدخلاتٍ جديدة قادتها الدول المعادية للسعودية بعد «فتنة عدن» وركزت جهدها على محورين: الأول، محاولة ضرب التحالف السعودي الإماراتي، وفشلوا في ذلك فشلاً ذريعاً. الآخر، ضرب الوحدة اليمنية عبر تحريك بعض القوى، وظهر هذا في التصريحات السياسية والمواقف الإعلامية والحملات المنظمة في مواقع التواصل الاجتماعي، لأن أي فشلٍ في اليمن يعني انتصار الأعداء.
العقلاء يفتشون عن الحلول، وحين تصل الأزمات إلى مداها، وتنغلق آفاق التقدم فيجب إعادة النظر في المواقف وإثبات القدرة على المراجعة والتصحيح وتقديم التنازلات وإعادة ترتيب الأولويات، وهو ما يجب أن يفعله الفرقاء في «حوار جدة» ومنهم بعض أطراف الشرعية والمجلس الانتقالي، فالأخطاء المتراكمة عبر سنواتٍ يجب أن تجد حلولها الفاعلة في جدة، والمجلس الانتقالي يكفيه أنه نجح في إيصال صوته للقيادة السعودية وقيادة التحالف وأنه كان أول المستجيبين لحوار جدة في مرتين.
الأمل الأكبر من حوار جدة يكمن في إعادة توجيه البوصلة اليمنية بكل ممثليها لاستعادة الدولة اليمنية وحماية الشعب اليمني من ميليشيا إيران التي تختطف الدولة والشعب اليمني منذ سنواتٍ مع ابتعاد الجميع عن أي مصالح ضيقة تعيق الوصول إلى الهدف الأسمى والغاية الكبرى، ومن دون ذلك ستكون فتنة عدن هي أصغر الفتن ومستصغر الشرر، وستتحول اليمن إلى صومالٍ جديدة حيث لا دولة ولا استقرار ولا أمان، وسيدفع الشعب اليمني ضريبة صراعاتٍ سياسية وحزبية لا ناقة له فيها ولا جمل.
أخيراً، فمخرجات حوار جدة ستعيش مع الشعب اليمني طويلاً في المستقبل، فإما الاتفاق وإنجاز الأهداف الكبرى وإما الاختلاف والفرقة الدائمة، وعلى عقلاء اليمن أن يجمعوا أمرهم ويؤجلوا خلافاتهم، وإنّ غداً لناظره قريب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فتنة» عدن و«حوار جدة» «فتنة» عدن و«حوار جدة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon