توقيت القاهرة المحلي 09:06:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المتاجرة باختفاء جمال خاشقجي

  مصر اليوم -

المتاجرة باختفاء جمال خاشقجي

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

المواطن السعودي، جمال خاشقجي، أين هو؟ ومن المسؤول عن اختفائه؟ وأين وكيف اختفى؟ هذه أسئلة مهمةٌ يطرحها الجميع، وهي أسئلة مشروعةٌ تماماً، والإجابة عن بعضها واضحة، وبعضها الآخر لم يزل صعباً، ولكن يمكن التعليق عليه.
بدايةً، جمال خاشقجي مواطن سعودي، خرج من السعودية واختار خطاً سياسياً ليس متوافقاً معها، ولكن ظلّت له علاقات مع بعض المسؤولين السعوديين، كما صرّح بذلك الأمير خالد بن سلمان سفير السعودية في واشنطن، الذي رسم خطوطاً واضحةً للأزمة من بدايتها، وأكد أن خاشقجي كان يزور السفارة السعودية في واشنطن إبان إقامته هناك، وهو لا يُعدّ معارضاً سياسياً؛ والسعودية تدافع عنه كأي مواطنٍ سعودي وتفتش عن مصيره.
خاشقجي كشخصٍ، لمن لا يعرفه، صحافي فقد رئاسة التحرير مرتين، وأدار فضائية إخبارية أُغلِقت بعد ساعاتٍ قليلةٍ، وكان ذلك بسبب عدم إدراك للواقع ومعطياته، وفقدان لوعي مهمٍ بحساسيات المجتمعات. وأثناء «الربيع العربي» اعتقد أنه سيكون وسيطاً بين السعودية ومصر الإخوانية، ولم ينجح، وبعد فشل «الربيع العربي» بشكل كاملٍ كان ضمن أقلية ضئيلةٍ أصرت على نجاحه.

الزمان والمكان معروفان، والشخص معروفٌ، وهذه إجابات واضحةٌ، وتبقى أسئلة: ماذا حدث بالتحديد؟ وكيف حدث؟ ومَن المسؤول؟ وهذه الأسئلة الثلاثة ليست لها أي إجابة رسمية حتى الآن، ولكن يمكن البحث في الظروف المحيطة بها، للوعي بالمشهد العام.
أما المسؤولية الأمنية فهي مسؤولية الدولة التركية، لأن الحدث جرى على أراضيها، وهي أرض شهدت، على مدى السنوات الأخيرة، تحركاتٍ مريبةً لكل أجهزة الاستخبارات الدولية ولأنواع متعددةٍ من «المافيا» المحلية والدولية، وهناك عمليات اغتيال وتصفياتٍ جَرَتْ هناك ولم تحلّ منذ سنواتٍ، بالإضافة لتحركاتٍ واسعةٍ للتنظيمات الإرهابية من «داعش» إلى «النصرة»، وتحركات «لوجيستية» كانت تتم هناك على نطاق واسعٍ ومنظمٍ، وهذا مهمٌ في شرح المناخ السائد زمانياً ومكانياً.
الدولة القطرية تعمل منذ عقدين على معاداة المملكة العربية السعودية ودول الخليج والدول العربية، وهي حليفٌ معتمدٌ لدعم الإرهاب بشقيه السنّي والشيعي، وقد قلّمت السعودية وحلفاؤها كل أدواتها الإرهابية عبر تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» جماعةً إرهابيةً وإصدار قوائم مطلوبين من المسؤولين القطريين الداعمين المباشرين للإرهاب، وصولاً إلى القرار التاريخي، وهو قرار مقاطعة الدول الأربع لدولة قطر قبل عامٍ ونصف العام تقريباً.

خسرت قطر كثيراً من قوَّتها بعد المقاطعة، ولكنها ظلّت تنحت في الصخر وتحاول المستحيل لتغيير رأي السعودية وحلفائها، ولكنها لم تنجح، لا في الداخل السعودي والخليجي ولا في اليمن، حيث الحرب العادلة لطرد أذيال إيران منها، وهي تخسر في كل مكانٍ سعت للعبث فيه من قبل بالتحالف مع الإرهاب؛ خسرت في مصر والبحرين، وفي السعودية والإمارات، وخسائرها تتصاعد في سوريا وليبيا والعراق ولبنان، ولم يجدِها نفعاً الارتماء في حضن المشروعين المعاديين للعرب في المنطقة؛ المشروع الإيراني والمشروع الأصولي.

مع سياسة «العناد الاستراتيجي» التي اتبعتها قطر، فإن المنطق يقول إنها فكّرت وقدّرت ورجعت إلى قوّتها الأساسية لنشر الخراب والفوضى التي نجحت فيها جزئياً أيام ما كان يُعرف بـ«الربيع العربي»، وهي «القوة الإعلامية»، ولا أقصد بذلك منظوماتها الإعلامية الموجهة للشعوب العربية كقناة «الجزيرة» وتوابعها، بل أقصد استثماراتها الضخمة في وسائل الإعلام الغربية الكبرى، وركوبها لكثير من «اليسار» أو «اليسار الليبرالي» في الغرب، مؤسساتٍ وكتاباً ومشرّعين وساسةً، والمعادين أساساً للدول العربية، وعلى رأسها السعودية وحلفاؤها، وبالتالي: هل نجحت في صنع قضية رأي عامٍ دولي معادٍ للسعودية انطلاقاً من هذه القضية؟ والجواب يحمل عدداً من الأسئلة.

أول هذه الأسئلة، هو كيف علمت قطر - وحدها - بأن شيئاً ما قد حدث في المكان والزمان المحددين؟ وكيف تهافت مذيعوها ومشاهيرها في غضون الساعات الأولى على روايات وقصص تفصيلية عن خطفٍ واغتيالٍ وتعذيبٍ وتقطيعٍ وكأنهم شهود عيانٍ؟ وهو أمرٌ يثير الريبة دون شكٍ، وكيف استطاعت تحريك وكالاتٍ عالميةٍ وصحفٍ دوليةٍ مثل «رويترز» و«نيويورك تايمز» على سبيل المثال لتعزيز قصصها المتخيَّلة والمفصلة دون أي مصدرٍ موثوقٍ؟ هذا دليلٌ واضحٌ على اختراقاتٍ مهمةٍ لتلك الوسائل الإعلامية، وقد اعتذرت «نيويورك تايمز» لاحقاً، وحذفت بعض تغريداتها، ربما خوفاً من المحاكمات.

السؤال الثالث هو سؤال مؤلمٌ، وهو: كيف يمكن لدولٍ كبرى مثل السعودية وحلفائها الكبار مثل الإمارات التأثير في المشهد الإعلامي الغربي، حمايةً للمشروعات التنموية والتنويرية الضخمة التي يبشرون بنماذجها الناجحة في المنطقة والعالم؟ لأن الواضح اليوم هو أن ترك هذه المساحة فارغةً إلا من الاستثمار القطري، أمرٌ بالغ الضرر، وهو ما يجب استدراكه ومراجعته، وليس أنجع من الفراغ لخلق الفوضى وبناء القضايا ضد الخصوم، مع الاعتراف بأن التأخر التركي شارك في صنع الفراغ في هذا الحدث.
ولكن ونحن في سياق الأسئلة عن هذه الحادثة تحديداً، هل نجحت قطر في مبتغاها بتحميل السعودية كل شرور الحادثة؟ الجواب هو قطعاً لا... لم ولن تنجح، ولكنها خلقت مزيداً من البغضاء والشحناء لأدوارها التخريبية لدى جميع الشعوب العربية، وعلم الجميع حجم الحقد والمكر والخيانة التي هي مستعدة لها ومستمرةٌ فيها وماضيةٌ في سبيلها.

غيّرت السعودية الجديدة كثيراً من قواعد اللعبة السياسية في المنطقة والعالم، وهو تغيير يقلق كثيراً من الأطراف إقليمياً ودولياً، ومع دعمها المستمر لاستقرار الدول في المنطقة ورفضها الشرس لاستقرار الفوضى الذي يدعمه المحور الإيراني والمحور الأصولي لدرجة دخول الحرب العسكرية، إلا أنها أظهرت استخداماً غير مسبوقٍ لقوّتها في عدد من الأزمات؛ الأزمة مع السويد، التي اعتذرت عنها السويد، ومع ألمانيا، وأسفت ألمانيا، ومع كندا، وستعتذر كندا، ومع قطر، وستخضع قطر، وهذه التغيرات الكبيرة والسريعة أربكت الكثيرين، خصوصاً الخصوم في المنطقة.
أخيراً، نتمنى نهاية إيجابية لأزمة خاشقجي كإنسان، وفريق العمل المشترك التركي - السعودي في القضية يدفعها بالاتجاه الصحيح.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتاجرة باختفاء جمال خاشقجي المتاجرة باختفاء جمال خاشقجي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon